بعد حريق 26 يناير ..1952 تم اختيار علي ماهر لرئاسة الوزراء.. خلفا لوزارة النحاس باشا التي اقالها الملك فاروق. وظن علي ماهر ان الفرص قد واتته ليختم حياته السياسية بعمل ضخم.. وهو اقناع الانجليز بالجلاء عن مصر.. وأعلن انه لن يقبل أي تسويف أو مماطلة من الجانب البريطاني واذا فشل بانه سيطلق مرة ثانية الكفاح المسلح والأعمال الفدائية ويمنع العمال المصريين من العمل لديهم.. وبدأ علي ماهر مهمته بمحاربة الغلاء وفرص السيطرة علي الأسواق وتوفير المواد الغذائية. كان الجو العام في مصر كئيباً.. الاحكام العرفية معلنة.. وزير الداخلية فؤاد سراج الدين تم تحديد اقامته في منزله.. كانت القاهرة يظلل عليها كابة وسواد نتيجة هذا الحريق الذي كلف خزانة الدولة 12 مليون جنيه قيمة الخسائر. كان علي ماهر جادا في تحقيق الجلاء وانقاذ البلاد من اي كوارث أخري محتملة. وبعد جهود مع المسئولين البريطانيين تم تحديد موعد مع السفير البريطاني يوم السبت الأول من مارس.. وكان كلما اقترب موعد الاجتماع ازداد علي ماهر حماسا ركزت تصريحاته.. ولم يكن يدري ان هناك مقالب تدبر ضده في الخفاء. فقد تحالف ضده أفراد حاشية الملك.. شخص يدعي الياس اندراوس باشا وشغل منصب المستشار الاقتصادي للملك.. وكريم ثابت الذي منحة الملك رتبه الباشوية وكان يشغل منصب المستشار الصحفي للملك فقد اراد ان يكون وزيرا إلا أن علي ماهر رفض.. من هنا استطاعا احداث وقيعة بين رئيس الوزراء والملك.. بدأت باتصال اندراوس بالسفارة البريطانية معلنا ان وزارة علي ماهر لن تستمر وبالتالي الأفضل الغاء الاجتماع. ويري حسن يوسف وكيل ديوان الملك.. في كتابة القصر.. أن في التاسعة والنصف من صباح يوم الاجتماع.. وعلي ماهر يتأهب للخروج.. فوجيء برسالة من السفارة البريطانية تصدر فيه ايضا بأن اخبار اليوم نشرت مرسوماً وقعه الملك بتأجيله اجتماعات البرلمان وكان علي ماهر يفضل عدم اعلانه.. بل قرر تأجيل إلي وقت آخر.. وفجأة ايضا استقال وزير المالية ووزير الداخلية.. وقرر أن يذهب لمقابلة الملك وكانت المفاجأة الأخري أن الملك رفض مقابلته واحاله إلي رئيس الديوان. وطبعا ارتفع ضغط الدم عند علي ماهر وقدم استقالته وانصرف من قصر عابدين في قمة الغضب فقد اكتشف انه آخر من يعلم رغم انه رئيس وزراء كانت الاوضاع في مصر منذ 60 عاماً.. تشبه تماما الاوضاع في مصر خلال السنوات القليلة الماضية خاصة في ظل وزارة د. أحمد نظيف.. فقد كان رئيس الوزراء نفسه في واد والوزارة في واد آخر والشعب في واد ثالث. الناس كلهم في مآزق وبؤس.. نتيجة الغلاء المستمر.. وعدم وجود رابط الاضابط في اي أمر من الأمور.. كل وزير يتصرف كما يحلو له.. دون النظر إلي البعد الاجتماعي. وعندما اندلعت ثورة 25 يناير اضطر الرئيس السابق ازاء الضغط الشعبي ليس إلا إلي طلب استقالة الوزارة وبين انه كان مضطرا ايضا منذ ما كلف الفريق أحمد شفيق برئاسة الوزراء ولكن وبطانته تدخلوا في اختيار الوزراء وكانت النتيجة انهم نسوا شغل بعض الوزارات.. وانتهي الأمر إلي استقالة شفيق بعد أسابيع فقد كان ايضا لا يعلم أن الشعب لا يريد وزراء ممن كانوا في عهد الرئيس السابق.