أخيراً تحول الحلم إلي حقيقة بعد تطوير منطقة عشش السكة الحديد وأصبحت شققاً عصرية للنهوض بالحالة الاجتماعية للسكان حيث قامت المحافظة بتسليم المرحلة الأولي للمشروع الذي يضم 3 عمارات تطل علي شارع السودان وتتكون من 30 وحدة سكنية بتكلفة أربعة ملايين جنيه وقد قررت المحافظة تأجيرها للسكان مقابل 140 جنيهاً لمدة 59 سنة وسوف يتم الانتهاء من المرحلة الثانية التي تحتوي علي 60 وحدة بتكلفة 5.5 مليون جنيه ورغم كل هذه الجهود فإن السكان لديهم بعض التحفظات والاعتراضات وامتنع بعضهم عن توقيع العقود بسبب عدم تملكهم هذه الشقق واكتفاء المحافظة بتأجيرها لهم حيث زعموا أن أرض العشش ملك لهم بوضع اليد لمدة 50 عاما وينص العقد علي أنه إذا تأخر الساكن عن تسديد الإيجار في موعده يتم إلغاء العقد فوراً دون الحاجة إلي تنبيه واشتكي البعض من عدم توصيل المياه والكهرباء للبيوت وأكدوا أن الحياة داخل العشش أرحم كثيراً من الشقق. بدأ عبدالواحد السيد - أحد سكان عشش السكة الحديد كلامه بقوله: "يافرحة ما تمت" فبعد معاناة 40 عاماً مع الفقر والجوع وغياب الأمن ونقص المرافق والحياة الصعبة غير الآدمية التي عشناها داخل عشش من صفيح وخشب محرومين من أبسط الخدمات فالعقارات التي قامت ببنائها المحافظة مقامة بطريقة حضارية منظمة والتي بهرنا شكلها من الخارج فوجئنا بأن المحافظة سوف تقوم بتأجيرها لنا وليست للتمليك رغم اننا نمتلك الأرض التي كانت عليها العشش ومن حقنا أن نمتلك هذه الشقق بدلاً من أرض العشش لكن الواقع غير ذلك فعقد الإيجار الذي وافقنا عليه ملغم ببعض البنود التي تجعلنا مهددين وأهمها أن هذا العقد لا يجدد للمستأجر إلا بقيمة إيجارية جديدة وعلينا تسليم الشقة بموجب انتهاء مدة عقد الإيجار ونلتزم بدفع تعويض للطرف الأول قدره 100 جنيه عن كل يوم تأخير عن سداد قيمة الإيجار دون حاجة إلي تنبيه أو إنذار. تقول الحاجة أم سيد ومحمد سامي - من السكان: إن الوحدات التي سلمتها لنا المحافظة غير مكتملة فلا توجد كهرباء أو مياه ولا مواسير للصرف الصحي رغم أن المحافظة لم تأت بالتمويل من مواردها ولكن بالتبرعات التي قام بجمعها الفنان محمد صبحي لتطوير العشوائيات ولكن طلب المحافظة بأننا نوقع عقود إيجار أزعجنا كثيراً فرفضنا التوقيع وأوقفنا مشروع تطوير أرض العشش القديمة لأن عقد الإيجار يقول اننا إذا تأخرنا عن القيمة الإيجارية في الميعاد المحدد يفسخ العقد من تلقاء نفسه ويحق للمحافظة توقع الحجر علي الشقة بكل محتوياتها حتي لو كان هذا التأخير ليوم واحد فقط والدفع يكون شهرياً بحي الدقي. أضافت أنه إذا قام أحد السكان بترك الشقة قبل نهاية مدة العقد يكون ملزما بسداد جميع الشهور المتبقية علي نهاية العقد وكذلك ومتوسط استهلاك الكهرباء والمياه والعوائد والنظافة حتي تاريخ انتهاء العقد وسوف نكون مهددين بالطرد من هذه الشقق في أي لحظة. يقول محمد علي - أحد السكان: نحمل اللواء أحمد هاني سكرتير محافظ الجيزة مسئولية ما حدث لنا لأنه سبب تشردنا بعد فرحتنا بالشقق الجديد فهذه العقارات رغم جمالها لا تشعرنا بالطمأنينة كما اننا منذ تواجدنا بهذه الشقق لا تصلنا المياه ونعيش في ظلام دامس نتيجة لانقطاع الكهرباء. يقول طاهر عبدالحميد - أحد السكان: سوف نستمر في الامتناع عن توقيع عقود الإيجار حتي نشعر بأن العقد يضمن حقنا في الشقق السكنية وحتي لا نعيش مهددين طوال الوقت ونعلن اننا نوافق علي دفع القيمة الإيجارية التي تقدر ب 140 جنيهاً للصيانة بشرط أن تعدل البنود الموجودة بالعقد لأننا نريد أن نعيش داخل شقق عصرية ونخرج من العشش العشوائية. عرضنا هذه المشاكل علي المهندس إبراهيم فرج مدير مديرية الإسكان بالجيزة فأكد أن المحافظة انتهت من تسليم المرحلة الأولي لتطوير العشش التي كانت مقامة في المنطقة المحصورة بين كوبري الخشب وبولاق الدكرور علي شريط السكة الحديد الذي يتبع حي الدقي وقام محافظ الجيزة بتسليم عقود 30 وحدة سكنية للسكان تمثل 3 عمارات سكنية حيث انها أول منطقة عشوائية تم تطويرها والنهوض بالحالة الاجتماعية للسكان الذين كانوا يعيشون حياة غير آدمية بدون مرافق وقمنا بحصر المنطقة بالكامل ووجدنا بها حوالي 3000 نسمة وقمنا بدراسة مشاكلهم حيث إن إقامتهم بالمكان 50 عاما تعوق نقلهم لمكان آخر بعيداً عن أماكن عملهم لذلك قررنا بناء المرحلة الأولي لكن للأسف اعترض السكان علي اننا سوف نقوم بتأجير الشقق لهم بقيمة رمزية 140 جنيهاً حيث يريدون الشقق تمليك اعتقاداً منهم أن أرض العشش ملكية خاصة لهم ولكنها ملك للدولة. أضاف أن بعض السكان رفضوا توقيع العقود بسبب رغبتهم في امتلاك الشقق وليس الإيجار رغم أن الإيجار رمزي ويستطيع السكان دفعه كما اننا قمنا بتوصيل الصرف الصحي والمياه إلي الشقق وتبقي الكهرباء التي لن تصل إلا بعد تعاقد المستأجر مع شركة الكهرباء لتوصيل التيار للشقق ولكن من غير الطبيعي توصيل الكهرباء للشقق دون تعاقد كما أن مدة الإيجار طويلة وقدرها 59 عاماً وهي أطول فترة إيجارية طبقاً للمادة 4 من قانون الإسكان لسنة .96 أضاف أنه من بين تحفظات السكان علي عقد الإيجار وجود بنود ينص علي أن التأخير عن دفع الإيجار يوجب إلغاء العقد فوراً ولكن هذا البند هدفه ضمان حق المحافظة التي قامت ببناء العمارات لهؤلاء السكان أما أن نقوم بطردهم من الشقق فليس معقولاً.