أهم عنصر في بناء أي حضارة سواء كانت صناعية أو عسكرية أو غيرها هو الإنسان. فهو الذي يطوع الطبيعة في بناء حضارته. وعلي قدر اخلاصه وتفانيه في البناء تظل هذه الحضارة نبراساً للأمم القادمة. كلنا نجمع أن اليابان استطاعت بعد الحرب العالمية الثانية وبعدما تعرضت له من خراب ودمار كبيرين أن تنهض خلال فترة ليست بالطويلة وتنافس القوي الكبري. ولم تكتف بذلك بل تفوقت عليهم. ووصلت الي قمة الدول الصناعية. وباتت صاحبة اليد الطولي في مجال التكنولوجيا الحديثة. ظلت اليابان لعقود طويلة تعيش أزهي عصورها. وكان لافتاً للنظر سعيها دوماً نحو المزيد من المعرفة والابتكارات التي نالت اعجاب العالم أجمع. وعدم وقوف أبناء شعبها عندما وصلوا اليه وتمسكهم دائماً بالوصول الي الجديد. والمحافظة علي نجاحهم عبر قيم تأصلت في مجتمعهم كالالتزام والدقة والمثابرة. الآن وبعد تعرض اليابان لغضبة شديدة من الطبيعة هزت كل أرجاء اليابان وعصفت بالعديد من انجازاتهم التي أبهرت العالم أجمع فالكارثة الزلزالية وما أعقبها من موجات مد عاتية أضاعت الكثير وحطمت منشآت صناعية كبري. وبعد مرور ما يقرب من 33 يوماً علي هذه الكارثة التي أثرت ليس علي اليابان فقط وإنما علي كل دول العالم. التي تأثرت اقتصادياتها بسبب تأثر الاقتصاد الياباني. لاحظت وسائل الإعلام الأجنبية والمراقبين الذين لم يتوقفوا عن زيارة المدن التي ضربها زلزال قوي بلغت قوته أكثر من ثماني درجات علي مقياس ريختر وأن هذا الزلزال وما تبعه من هزات ارتدادية وموجات مد عاتية لم يؤثر في شيء من قوة وشكيمة الشعب الياباني. فرغم الدمار الذي لحق بالبلاد. إلا أن الروح المعنوية لأبناء الشعب الياباني لم تتأثر وظلت صلبة ولم تتحطم ورغم شظف العيش وقلة الحيلة إلا أن الجميع صابر ومثابر. ليس هذا فقط بل الجميع مصمم علي اعادة بناء بلاده من جديد وبنائها بشكل أفضل مما كانت عليه هذا الشعور جسدته صحيفة الاندبندنت البريطانية التي رسم مراسلها الي المناطق المنكوبة باليابان صورة حية لليابانيين في سباق تقرير مطول. لم يجد له عنواناً أفضل من "بلادهم تحطمت. لكن معنوياتهم مازالت عالية". إذن الأمل والصبر والمثابرة هي العوامل الثلاثة التي بنت الامبراطورية اليابانية والتي من خلالها أيضاً ستنهض اليابان وتصل الي ما كانت عليه وربما أكثر. بالتالي مازال اليابانيون يعلمون العالم أجمع درساً جديداً. ليس في التكنولوجيا الصناعية وإنما في الوصول الي القمة. وربما ينبغي علينا نحن كمصريين أن ننظر الي هذا الدرس بعين ثاقبة وأن نستقي منه العبر. التي ستؤهلنا الي أن نصل الي ما نستحقه فبعد أن انبهر العالم بالثورة الشبابية التي رسمت صورة لبلادنا مختلفة عما كانت عليه طوال العقود الماضية. يجب أن نحافظ علي مكتسبات هذه الثورة وتطويرها. ولعل النموذج الياباني الذي نرصده هو خير نموذج نحتذي به خلال المرحلة المقبلة. الكارثة الطبيعية التي تعرضت لها اليابان خلال الشهر الماضي. لانختلف كثيراً في تداعياتها عن التداعيات التي ألمت بنا جراء حكم النظام السابق لنا ولهذا ينبغي علينا أن ننهض ونثابر للوصول الي ما نستحقه. العالم أجمع حتي الآن مبهور بالحضارة التي بناها أجدادنا الفراعنة. ومازلنا نتغني بأننا أبناء حضارة يمتد تاريخها الي سبعة آلاف سنة. وعلينا أن نثبت أننا بحق قادرون علي استعادة حقنا في القمة.