ثورة 30 يونيه بقدر ما أعادت لثورة يناير مسارها الصحيح.. كشفت المستور بين الأمريكان والإخوان وفضحته ولم يعد هناك مجال لمداراته.. وهو مستور كريه وقبيح ومخز للأسف. أمريكا متأكدة تماماً أن ثورة يونيه ليست انقلاباً عسكرياً بل ارادة شعب ساندتها القوات المسلحة انطلاقاً من دورها الوطني والتاريخي وما ينص عليه الدستور الذي تم تعليقه.. لكنها لا تتوقف عن اطلاق اتهام "مبطن" للثورة بأنها انقلاب عسكري مثل التعبير الذي ذكره أوباما "يجب العودة سريعاً إلي الحكم المدني" بما يعني أن الحكم الآن عسكري. وأيضاً بأن واشنطون ستعيد دراسات "المعونات" التي تمنح لمصر بعد ما حدث. قبل 30 شهراً.. أمريكا هذه ساندت مبارك أسبوعاً بعد اندلاع ثورة يناير.. ثم فجأة طالبته بالرحيل فوراً.. وقالت له كلمتها المشهورة "الآن يعني الآن وليس سبتمبر"..!!! ورغم خروج مبارك وتولي الجيش الحكم فعلياً ووضع المشير حسين طنطاوي في مكان رئيس الجمهورية.. إلا أن أمريكا "راعية الديموقراطية" لم تعترض ولم تقل لا تصريحاً ولا تلميحاً إن ما حدث هو انقلاب عسكري.. بل باركت الثورة ونتائجها..!!! الآن.. تتجاهل أمريكا احتشاد أكثر من 30 مليون مواطن في الشوارع والميادين في مشهد لم يحدث في التاريخ.. تتجاهل مطالبهم بانتخابات رئاسية مبكرة وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا شئون البلاد في المرحلة الانتقالية.. تتجاهل أن وسائل إعلامها رصدت هذه الحشود بالأرقام.. تتجاهل أن المشهد كان ينذر بكارثة وأن القوات المسلحة اضطرت إلي مساندة الشعب مصدر كل السلطات والشرعيات وتتبني مطالبه المشروعة وتمنح مهلتين "أسبوع ثم 48 ساعة" وهو ما ينفي تماماً اتهام الجيش بالانقلاب العسكري علي الشرعية.. تتجاهل كل ذلك وتلمح بأنه انقلاب.. رغم أن الانقلاب لابد أن يتسم بصفتين: المباغتة وتولي الحكم.. والصفتان غير موجودتين أصلاً. كيف يكون انقلاباً ولم يباغت الجيش السلطة الحاكمة ويقفز عليها بل منحها 10 أيام حتي تستجيب لمطالب الشعب وفي مقدمتها انتخابات رئاسية مبكرة؟؟.. كيف يكون انقلاباً والذي يحكم ليس الجيش بل رئيس المحكمة الدستورية العليا ثالث محكمة عليا في العالم كله وهو أحد المطالب الأساسية للشعب..؟؟ السؤال الآن: لماذا هذا الموقف المتناقض للإدارة الأمريكية؟؟.. وما هي الحقائق المستترة وراءه؟؟.. لماذا تقف بكل قوة خلف الإخوان ضد ثورة يونيه؟؟.. وما هي مصلحتها..؟؟!!! يا سادة.. المستور انكشف.. وماكان يتسرب أو يقال علي استحياء أو في السر أصبح علنياً.. الإخوان كانوا الجسر الآمن لتفتيت الشرق الأوسط والقضاء علي أية قوة فيه. إن الإخوان قبل واثناء ثم بعد ثورة يناير وعقب العدوان الإسرائيلي علي غزة جلسوا كثيراً مع الأمريكان.. وكما نقول في العامية "رموا بياضهم" ووافقوا علي كل شيء.. ما تريده أمريكا وما لم تفكر حتي فيه.. التزموا بالحفاظ علي اتفاقية السلام وعلي أمن إسرائيل وتحجيم المقاومة ومنع اطلاق الصواريخ من غزة. والأدهي والأفدح الموافقة علي تركيب كاميرات تكشف كل ما يدور في سيناء حتي قناة السويس وهو الطلب الذي كان مبارك قد رفضه ولم يكن يخطر ببال أمريكا أن الإخوان سيوافقون عليه.. ثم ما تسرب عن منح العريش لحماس كوطن بديل وحل إسرائيلي للقضية الفلسطينية.. بالتالي.. فإن الإخوان بالنسبة لأمريكا "كنز" والباب الملكي للسيطرة علي الشرق الأوسط كله وتقسيم دول فيما يعرف بالشرق الأوسط الواسع.. ومن هنا نعرف سر التمسك بهم وأسباب حالة الصرع والصدمة التي اصابتهم..!!! أمريكا الآن تستخدم كافة الكروت "الغبية".. من ترسيخ فكرة أن الثورة انقلاب عسكري. ودفع بعض الدول الأوروبية إلي التراجع عن الترحيب بالثورة وقد نجحت مع ألمانيا. والضغط علي الاتحاد الأفريقي لتجميد عضوية مصر فيه. وتحريض الإرهابيين عبر عملاء إسرائيليين لتأجيج الموقف في سيناء واظهار مصر علي أنها دولة غير مستقرة وخطرة كذريعة للتدخل حماية للمصالح والرعايا الأمريكان والأمن الإسرائيلي..!!!!! يجب أن تعلم أمريكا ثلاثة أمور محددة شاءت أم أبت: * الأول.. أن عقارب الساعة لن تعود إلي الخلف.. الإخوان خارج الحكم نهائياً ولن يرجعوا إليه علي الأقل في السنوات المنظورة مع اعترافنا بأنهم جزء لا يتجزأ من نسيج الشعب.. نرحب بهم علي كل المستويات.. فقط لابد أن يتوقفوا عن العنف حتي تكون هناك مصالحة هي ضرورية. * الثاني.. أن الضغوط الأمريكية لن تخيفنا أو تفت في عضد الشعب أبداً.. هذا الشعب الجبار الذي أطاح برئيسين منتخبين في 30 شهراً.. لأن الشرعية الحقيقية ليست للصندوق ولكن للشعب مانح الشرعية الدستورية والتي لن تكون أبداً "توكيلاً أبدياً" للحاكم.. الشعب هو الذي يهب الشرعية وهو الذي يسلبها وقتما شاء.. وارجعوا إلي كلمة محمد مرسي يوم 29 يونيه 2012 في ميدان التحرير حيث أعطي الحجة علي نفسه. * الثالث.. لن نتهدد بالمعونة.. سواء الاقتصادية أو العسكرية.. سنربط الأحزمة علي البطون وإذا استمر الموقف الأمريكي المخزي سنقاطع كل المنتجات الأمريكية بل وسنحاربها سلمياً في كل انحاء العالم.. ولن يحدث مطلقاً أن تتحول معدات الجيش المصري إلي "خردة".. إذا اوقفتم المعونة فإن لدينا عباقرة يستطيعون تصنيع قطع الغيار بجودة تفوق المنتج الأصلي.. كما أن سوق السلاح مفتوح أمامنا.. ولعلها فرصة لتنويع مصادر السلاح.. باختصار.. لن تكسرونا بأي حال. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقضاءها من كل سوء.. اللهم رد كيد الكائدين إلي نحورهم.. واجعل تدميرهم في تدبيرهم.. آمين يارب العالمين.