من الأحداث الفنية الهامة التي شهدتها مصر هذه الأيام زيارة كورال "أكابيلا نوفا" الأمريكي الي مصر وتقديمه عدة حفلات بالقاهرة والأقصر حيث قدم نوعاً من الغناء نفتقده تماماً في ساحتنا الموسيقية رغم امتلاكنا لكل عناصره. كما أنه فريق يحتذي به من حيث الشكل والمضمون. كما أنه حقق ما لم تقدمه الفرق المصرية من أداء أحد المؤلفات الحديثة لواحد من أبرز المؤلفين المصريين. الكورال يدعي نوفا ويؤدي أعماله بطريقة الأكابيلا والمقصود بها أن الفرقة الغنائية تغني بدون مصاحبة الآلات الموسيقية وتقوم بالغناء الكورالي من عدة أصوات غنائية يوزعها المؤلف علي أربعة طبقات صوتية غليظة وحادة. الحفل الذي نحن بصدده وأتيح لنا رؤيته أقيم بقاعة النهر في ساقية الصاوي والفرقة تابعة لكلية لويس وكلارك بولاية أوريجن الأمريكية وكما شاهدناها تضم 35 عضواً نساء"سبرانو والطو" ورجال "تينوروباص" وتأسست في عام 2001 بهدف التعاون مع الجمعيات الأهلية للمساهمة بإيرادات الحفلات في المشروعات الخيرية ويغني الكورال تشكيلة واسعة من الأغاني كما تؤدي التراث الكورالي العالمي الديني والعلماني. إيقاعات راقصة برنامج الحفل جاء تحت عنوان "ايقاعات راقصة" وتضمن حوالي 20 أغنية ذات الطابع التراثي والعصري عدد منها من دول شمال أفريقيا مثل الانشاد الصوفي والتراث الشعبي كما قدمت الفرقة أيضاً بعض الأغاني الخاصة الأمريكية ذات الصبغة التراثية بما فيها من روائع الرقصات المميزة كما أدت الفرقة مختارات من أغاني الكورال الأمريكي للقرن العشرين لكل من باربر وكوبلاند وايفز بالإضافة إلي أغاني الكورال الحديثة لملحنين أمريكيين مشهورين مثل وايتاكر وكيري الي جانب هذا قدمت الفرقة بعض المنوعات الموسيقية الخاصة بعصر النهضة والمتميزة بنغمات راقصة بالإضافة الي بعض المقطوعات الأمريكية الفريدة ذات الجذور الأفريقية بما فيها من جمال الايقاع ورقة الروحانيات.. والبرنامج جاء متنوعاً وشيقاً. استقبله الحاضرون باستحسان كبير. مما يدل علي وعي الجمهور المصري وقدرته علي تذوق الفنون الراقية بعكس ما يشاع من أن هذه فنون خاصة لا يستسيغها. ومن ضمن الأعمال التي قدمتها الفرقة والتي تعنينا وكانت مصدر فخرنا هي مؤلفة غنائية بعنوان "أيوه" للدكتور محمد عبدالوهاب عبدالفتاح.. أستاذ التأليف الموسيقي بالكونسيرفتوار وهي أغنية جماعية تعتمد علي أداء كلمة واحدة فقط. لحنها د.محمد عبدالوهاب أثناء وجوده في المهمة العلمية بالولاياتالمتحدةالأمريكية. حيث طلب منه عميد كلية بوسطن كتابة أغنية كورالية باللغة العربية. إلا أنه وجد المغني الأمريكي لا يستطيع أداء حروف اللغة العربية بطريقة مفهومة. خاصة عند أداء حرفي الحاء. والعين. فقرر كتابة الأغنية من كلمة واحدة فقط. "لا تتضمن حروفاً صعبة". واختار كلمة "أيوه". وكما هو معروف هي الكلمة التي تعبر باللهجة الإسكندراني عن التعجب والدهشة.. ولجأ في هذه الحالة الي تنغيم الحرف بدلاً من تلحين الكلمة.. وقد لاقت هذه الطريقة الجديدة نجاحاً بين المغنيين الأمريكان. مما جعل العميد يطلب منه كتابة مزيد من الأغاني بهذا الاسلوب المبتكر. وخاصة بعد أن طلب عدد من قادة فرق الكورال أداء أعماله. وكان من بينهم قائدة فرقة الكورال الأمريكية "آكابيلا" التي تزور القاهرة حالياً "المايسترو د.كاترين فيتسجبون" التي طلبت أداء أغنية "أيوه" في رحلتها الفنية الي مصر. صرحت د.كاترين للمساء بأنها تعرفت علي أعمال د.عبدالوهاب عبدالفتاح من خلال عدد من قادة فرق الكورال بمدينة بوسطن حيث انتشر صيت أعماله الكورالية في الأوساط الموسيقية بالولاياتالمتحدة. تضيف: اسلوبه يعتمد علي تنغيم الحروف في تأليف الأغاني الكورالية وهو يؤلف ألحاناً بالغة الخشوع والجمال. كما أنه يصيغ أعماله في عدة أصوات بطريقة علمية وبحرفية شديدة مما سهل لأعضاء الكورال مهمة أداء المؤلفات المصرية باللغة العربية. ود.محمد عبدالوهاب عبدالفتاح رائد موسيقي الوسائل المتعددة في مصر والعالم العربي وقد عاد مؤخراً من الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد تقديم عدد من الحفلات الموسيقية تضمنت أعمالاً تقليدية وحديثة. كما قام بالتدريس كأستاذ زائر. والقاء عدد من المحاضرات في علوم التأليف العالمي والمصري والأثنوميوزيكولوجي. بكونسيرفتوار وجامعة مدينة بوسطن. بولاية ماساتشوستس الأمريكية. وهو يستعد الآن لعودة عروضه بدار الأوبرا المصرية. حيث سيقدم أول حفل له بعد عودته مساء 23 يونيو الحالي. تصحيح المسار وأخيراً.. هذا الحفل يفرض تساؤلاً أين فريق الكورال المصري من هذا؟ حقاً لدينا فريق يتبع دار الأوبرا يسمي "أكابيلا". ولكن للأسف لم نشاهده إلا في الغناء المصاحب للموسيقي ولهذا نتساءل لماذا لا يقدم حفلات خاصة به بدون مصاحبة موسيقية ويقدم لنا التراث العالمي؟ وأيضاً لماذا لا يتم تكليف المؤلفين المصريين ليقدموا أعمالاً خاصة به وتجربة هذا الفريق ومشاهدتنا له وأدائه أحد المؤلفات المصرية يجب أن تكون حافزاً لتصحيح مسار هذا الفريق القومي الذي يضم مجموعة من خيرة الفنانين الدارسين كما أن لديه المدربة المجتهدة مايا جيفنيريا.