منذ بداية الثورة وإعصار من البلاغات تنهال علي النائب العام والنيابة الإدارية تشير الي وقائع متعددة ومختلفة للفساد وبالتأكيد هناك ملفات وتقارير كثيرة مليئة بتفاصيل تؤكد حجم الفساد الذي استشري بلا هوادة ليغتال أحلام الملايين علي مدار السنوات الماضية. لعل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات تشير بدقة ووضوح وبالأرقام الي نوعية وحجم الخسائر التي أصابت العديد من قطاعات الدولة نتيجة قيام فئة معنية بالسيطرة علي موارد الدولة بغير وجه حق ولأن وقت الحساب قد حان فلابد ان تتم محاسبة الفاسدين علي إهدار أموال الشعب المصري وضياع حقوقه. تقتضي آليات التصحيح تتبع التقارير لمعرفة الحقائق كاملة نظرا لأن الأجهزة الرقابية كانت تحاول أداء مهمتها علي الرغم من التعتيم الذي كان يفرض علي الحقائق التي توضحها التقارير من قبل المسئولين في النظام السابق. الصناديق والحسابات الخاصة التي أدانها الجهاز المركزي للمحاسبات وأشار الي الإهدار المتعمد للمال العام والذي بلغ 1.272 مليار جنيه في عام واحد فقط. هذه الأموال تم انفاقها في أعمال مخالفة تماما للقوانين واللوائح مما أدي الي تدني ترتيب مصر ضمن المؤشرات الدولية الاقتصادية والاجتماعية. * سألنا المهندس أشرف بدر الدين عضو مجلس الشعب السابق عن جماعة الإخوان المسلمين.. ما هي قصة الصناديق والحسابات الخاصة؟ ** لقد أجاز القانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة إنشاء صناديق وحسابات خاصة في ضوء اعتبارات معينة وفي الأحوال الضرورية لتحقيق أهداف محددة في ضوء ضوابط تحكم استخدام هذه الحسابات والصناديق وتحقيق الرقابة عليها ولهذا صدر القانون رقم 105 لسنة 1992 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية الذي قضي بخضوع الصناديق والحسابات الخاصة لرقابة وزارة المالية قبل الصرف كما صدر القانون رقم 139 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون المحاسبة الحكومية حيث قضي بإنشاء حساب لدي البنك المركزي يسمي حساب الخزانة الموحد يشمل جميع حسابات وزارة المالية ووحدات الموازنة العامة للدولة والحسابات المتنوعة ذات الأرصدة وما يحدده وزير المالية من حسابات لأنه من المباديء الأساسية في إعداد الموازنة وحسابها الختامي ان تشتمل علي كافة الموارد أيا كان مصدرها وكافة أوجه الاستخدامات أيا كان الغرض منها بهدف إظهار كافة المعلومات لصانعي القرار وواضعي السياسات المالية لأحكام توزيع الموارد المالية علي أوجه الانفاق المطلوب. وعلي الرغم من صدور هذه القوانين ووضع الضوابط لكن المخالفات والتجاوزات أهدرت هذه الأموال وقد رصدت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات حجم الفساد بشإن هذه الحسابات وخروج بعضها عن الضوابط التي تحكم انشاؤها اضافة الي عدم إحكام الرقابة علي مصروفات العديد منها. أرصدة الصناديق * ما حجم أرصدة الصناديق وكيف تم انفاقها؟ ** لقد ورد في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحساب الختامي لموازنة الجهاز الإداري للدولة عن العام المالي 2008/2009 ان جملة أرصدة الحسابات الجارية والخاصة قد بلغت 1.272 مليار جنيه في 30/6/2009 وبلغ ما أمكن حصره من مخالفات بها عن نفس العام 395.5 مليون جنيه وأن جانبا كبيرا من الانفاق من هذه الصناديق والحسابات الخاصة انفق في نشر وإعلان ومكافآت لبعض العاملين المنتدبين من جهات أخري أو تجهيز قاعات ومكاتب وشراء أراضي أو تم صرف كامل حصيلة بعض الصناديق كمكافآت دون الصرف علي باقي أغراض الصندوق وأيضا عدم سداد النسبة المقررة من أموال بعض الصناديق الي ايرادات الموازنة العامة للدولة كما ان بعض المسئولين الماليين قد احتفظوا ببعض المبالغ دون توريدها وعدم الاستفادة من التبرعات المحصلة أو الأموال المتاحة ببعض الصناديق في تحقيق الأغراض المنشأة من أجلها بالمخالفة للقانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة والقرارات الجمهورية وأيضا القانون رقم 43 لسنة 79 بشأن نظام الإدارة المحلية. * ما هي صورة المخالفات والفساد في أعمال هذه الصناديق من واقع تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات؟ ** المخالفات كثيرة ومتشعبة في العديد من الصناديق والحسابات. فعلي سبيل المثال نجد انه في صندوق تحسين الخدمة ودعم البحوث المشتركة بديوان وزارة الصحة تبين عدم ممارسة الصندوق للأنشطة المنشأ من أجلها وعدم تحقيق الأهداف المرجوة منه وصرف مكافآت للعاملين ومرتبات للاستشاريين بنسبة 9.99% من المنصرف من هذا الحساب والتي تعد من صميم عملهم والتي يتقاضون عنها رواتب وحوافز وبلغ قيمة ما أمكن حصره منها 23.477 مليون جنيه وهذا مخالف لأحكام القرار الجمهوري رقم 96 لسنة .78 أيضا صندوق انشاء وصيانة الطرق بالأمانة العامة للتنمية المحلية تبين صرف مبالغ جملتها نحو 018.3 مليون جنيه مكافآت للعاملين بديوان عام الوزارة ومركز التنمية المحلية والأمانة العامة دون الصرف علي مشروعات انشاء وصيانة الطرق العامة. كذلك صندوق عمارة المساجد والأضرحة بوزارة الأوقاف تبين صرف مبالغ جملتها 269 ألف جنيه علي شراء عدد 2 سيارة لمديرية أوقاف البحر الأحمر بدلا من تجديد وصيانة وترميم المساجد والأضرحة وذلك بالمخالفة للمادة الثانية من اللائحة التنفيذية للقانون 110 لسنة .2008 نفس الأمر مع حساب منح تراخيص انشاء مصانع الحديد والأسمنت فقد تبين استحقاق نحو 1145مليون جنيه طرف بعض الشركات الممنوح لها تراخيص انشاء مصانع الحديد والأسمنت منها 4.1144 مليون جنيه طرف شركة الأسمنت ونحو 600 ألف جنيه طرف شركات الحديد فضلا عن منح نسبة 1% من حصيلة حساب الحديد والأسمنت للعاملين بالهيئة العامة للتنمية الصناعية والتي بلغت نحو 28.10مليون جنيه وذلك بالمخالفة لأحكام المادتين 209. 224 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 73 وتعديلاته. ولم تتوقف المخالفات عند هذه الصناديق بل امتدت بكل أسف لتشمل صندوق تمويل شركات قطاع الأعمال وكذلك لجان المشتريات الخارجية بوزارة الزراعة وصندوق رسوم حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث وصندوق وحدة تطوير مشروعات التعليم العالي وكذلك صناديق الجامعات. لقد رصدت التقارير أشكال من الفساد الذي انتشر مما تسبب في إهدار المال العام مما يشكل تهديدا للأمن القومي بتعمد بقاء خمسة أضعاف الموارد العامة للدولة خارج الموازنة والذي أدي بدوره الي مضاعفة أرقام العجز بالموازنة ووصول حجم الدين العام المحلي والخارجي الي ما يوازي 100% من الناتج المحلي الإجمالي والذي أدي أيضا الي تدني ترتيب مصر ضمن المؤشرات الدولية الاقتصادية والاجتماعية. التستر علي الفساد * كيف تم التعامل مع هذه التقارير في مجلس الشعب؟ ** فيما يتعلق بفساد هذه الصناديق والحسابات الخاصة قدمت طلب استجواب لرئيس مجلس الشعب في عام 2009 بناء علي المعلومات الواردة في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات..لكن كعادة د. فتحي سرور كان يقوم باستبعاد كل الاستجوابات التي تمثل إدانة دامغة للحكومة والنظام السابق. فمن بين 500 استجواب يتم تقديمها كان يتم مناقشة 145 فقط وكلها بالطبع تعد من أضعف الأستجوابات. وبالتالي كل قضايا الفساد التي تم وضع استجوابات لها ولم يتم الالتفات اليها وفحصها نقوم الآن بتجميعها وتحويلها الي بلاغات نقدمها للنائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية ومحاكمة المسئولين عنها. * هل لديك دراية بكل التقارير التي وردت الي المجلس وترصد حجم الفساد خلال فترة حكم الرئيس مبارك السابقة. ** للأسف التقارير التي تصل الي المجلس لم يكن يسمح للنواب بالاطلاع عليها فقد كان رئيس المجلس يصدر تعليماته باخفاء وحجب التقارير الخطيرة وكأنها أسرار عسكرية ومنها التقارير الخاصة بهيئة المجتمعات العمرانية التي تشتمل علي مخالفات جسيمة وإهدار أراضي وأموال الدولة منذ أن تولي وزارة الإسكان د. ابراهيم سليمان مما يستوجب مساءلته جنائيا وكذلك صندوق دعم الصادرات وقضية الدعم لذلك اطالب بضرورة تعديل تشريعي لقانون الجهاز المركزي للمحاسبات بحيث يستطيع رئيس الجهاز ان يحيل تقاريره للنيابة مباشرة طالما تكتشف المخالفات والفساد. لابد أيضا من فتح ملفات أعضاء مجلسي الشعب والشوري من نواب الحزب الوطني خاصة رجال الأعمال في الدورات البرلمانية السابقة لمعرفة حجم التجاوزات التي ارتكبوها في حق الشعب فلا ينبغي ان يفلت أحد من العقاب. الأجهزة الرقابية * كيف ترون دور الأجهزة الرقابية في مكافحة الفساد؟ ** الأجهزة الرقابية تقع عليها مسئولية كبيرة خاصة وأن الفساد الذي انتشر لم يكن وليد بضع سنوات قليلة فمازال هناك العديد من الفاسدين سواء من أعضاء البرلمان أو الوزراء والمسئولين السابقين هؤلاء ينبغي ملاحقتهم لمحاسبتهم.