أثارت التصريحات التي أدلي بها المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عن أداء حكومة د. أحمد نظيف وأثرها علي النواحي الاقتصادية والاجتماعية في مصر العديد من التساؤلات حول مسئولية هذا الجهاز الرقابي في الاهدار الذي تم للمال العام ولماذا لم يطالب الجهاز بإسقاط الحكومة إذا كان اداؤها يتعارض مع الاهداف المستهدفة من خطة الدولة؟ وهل سيستمر دوره بعد ثورة 25 يناير عند مرحلة اعداد التقارير فقط أم يجب ان يتطور أداؤه بما يضمن أن يبتعد دوره إلي حد طلب اسقاط الحكومة. أكد المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ان الجهاز ارسل نحو ألف تقرير رقابي خلال الفترة ما بين "2004/2010" هي فترة حكومة أحمد نظيف. إلي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء. اضاف ان جميع التقارير كانت ترصد إهدار المال العام والملاحظات والسلبيات. وأوصت بضرورة معالجتها. وأكد الملط ان عدداً ليس بالقليل من الوزراء والمسئولين كانوا لا يأخذون الامور الحياتية للناس بالجدية المطلوبة. وكانوا يتخذون قراراتهم بناء علي ما يعرض عليهم من تقارير مكتوبة دون معايشة للواقع. كما أنه في ضوء غياب التنسيق والاداء الجماعي بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية. وكثرة التصريحات الوردية لبعض المسئولين انعدمت الثقة بين المواطنين والحكومة وأوضح ان تلك الفترة شهدت قيام بعض الوزارات والهيئات العامة بإبرام عقود بيع أراض وتخصيصها لبعض المستثمرين بالأمر المباشر. في خروج سافر علي احكام المناقصات والمزايدات ولم ترسل تلك المناقصات إلي إدارة الفتوي المختصة لمراجعتها. بالمخالفة لقانون مجلس الدولة. أكد الملط ان حصيلة الخصخصة خلال 5 سنوات "2004/2009" بلغت 52 مليار جنيه. وحصلت وزارة المالية منها علي مبلغ "3.19" مليار جنيه بنسبة 37% لتسديد عجز الموازنة العامة للدولة. كما أن الحكومة لم تستطع ان تمنع أو تتحكم في الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة مثل "البطالة. التضخم. الاحتكار وأشار إلي ان صافي رصيد الدين العام الداخلي في 30/6/2010 بلغ "888 مليار جنيه" بنسبة 6.73 من الناتج المحلي الاجمالي. وبلغ صافي رصيد الدين العام الداخلي والخارجي "1080 مليار جنيه" بنسبة 5.85 من الناتج المحلي الاجمالي في 30/6/2010 الأمرالذي يشير إلي تخطي النسب للحدود الامنة. إبلاغ النيابة د. فوزية عبد الستار رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقاً قالت ان الجهاز المصري للمحاسبات ليس من حقه أن يطالب في ظل القانون الحالي باسقاط الحكومة وكل ما كان يستطيعه هو إبلاغ النيابة العامة عن الجرائم التي يكتشفها إلا انه لم يكن يقوم بذلك مؤكدة انها طالما طالبت بأن يبلغ الجهاز النيابة فيما يكتشفه من جرائم إلا انه كان يكتفي برفع التقارير إلي مجلس الشعب وكانت حجتهم في ذلك أن الجهاز رقابي يقف دوره عند اكتشاف الجرائم ورفع التقرير عنها إلي مجلس الشعب الذي كان يجب ان يمتد دوره إلي المناقشة والابلاغ للنيابة بل وطلب إسقاط الحكومة. أكدت علي أهمية ان تشهد المرحلة القادمة التي تتم فيها إعادة صياغة العلاقة بين المواطن المصري وعلاقته بالدولة تعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات بحيث ينص علي إلزام الجهاز بابلاغ الشعب من خلال وسائل الاعلام عما يكتشفه من مخالفات وإبلاغ النيابة العامة بعد مجلس الشعب بل وحقه في طلب إسقاط الحكومة إذا اقتضت الضرورة ولاسيما إذا انتهت التقارير إلي ان اداءها يضر بالاقتصاد المصري ومستقبل مصر كما أشار التقرير الاخير للجهاز والمعلن من رئيسه مؤخراً. د. أيمن سلامة استاذ القانون الدولي العام يقول: من أهم قيم ومباديء الديمقراطية المحاسبة والمساءلة المكاشفه سواء عن الاتهامات الجسيمة لحقوق الإنسان أو عن أي جرائم أخري تضر بالمال العام للدولة مثل جرائم الفساد التي تتخذ العديد من الصور والانماط كالرشوة والسرقة واختلاس المال العام والاستيلاء عليه والتربح وغيرها. قال ان مصر من أكثر الدول التي تفشت فيها جريمة الفساد في حقبه الرئيس مبارك رغم ان الحكومات المصرية المتتالية انشأت العديد من الاجهزة الرقابية والمحاسبية المنوط بها مهمه الرقابة علي المال العام وأوجه التصرف فيه من قبل الموظفين العموميين بالدولة ومؤسساتها ومن أهم تلك الاجهزة الجهاز المركزي للمحاسبات الذي لعب دوراً مهماً وحيوياً في الكشف عن أوجه الفساد المتفشية في الاجهزة الحكومية بل لم يكن الكشف عن هذه الجرائم يتم بشكل سري بل كان يتم علانية وكثير من جموع الشعب تابعته عبر شاشات التليفزيون من خلال المناظرة التي كان يقوم بها المستشار جودت الملط في مجلس الشعب ود. يوسف بطرس غالي وزير المالية السابق إلا ان مجلس الشعب ومعظم اعضائه لم يكن يقوم بدوره كجهاز ممثل للشعب حيث لم تحرك البيانات الخطيرة عن أداء الحكومة مشاعرهم وإحساسهم بالمسئولية لذلك استمرت التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي مجرد تقارير دون أثر حيث استمرت حكومة نظيف دون محاسبة. د. علي حافظ أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة يحمل الجهاز المركزي المسئولية في تمادي الحكومة السابقة في الاهدار للمال العام حيث لم يكن يصعد التقارير إلي أبعد من الشو الاعلام في مجلس الشعب وكان يجب ان يقوم بهذا الدور وخاصة بعدما تبين له أن أداء الحكومة أدي إلي وصول الدين العام إلي حد الخطر وكان يمكن ان يستمر الوضع علي ما هو عليه لو لم تقوم ثورة الشباب. أوضح معني ان يشير تقرير الجهاز المركزي ان رصيد الدين العام الداخلي والخارجي بلغ "1080 مليار جنيه" بنسبة 5.85% من الناتج المحلي الاجمالي في 30/6/2010 الامر الذي يشير إلي تخطي النسب للحدود الآمنة. علي الجانب الآخر كشف مصدر مسئول بالجهاز المركزي للمحاسبات ان قانون الجهاز لايسمح للجهاز بأكثر من المراقبة وعند اكتشاف مخالفات يتم اعداد التقارير لرفعها إلي مجلس الشعب يضاف إلي ذلك ان رجال الجهاز ليس لديهم صفة الضبطية القضائية ولذا ليس لديهم الحق في التسجيل ولا التحقيق وأكثر ما يمكن ان يطالب به الاجابة علي استفساراته ومع ذلك ففي ضوء التعديل الاخير لقانون الجهاز عام 1988 فقد تحولت العقوبة علي الجهة التي لاترد علي الجهاز مخالفة إدارية بدلاً مما كانت سابقاً مخالفة مالية مما يعني ان سلطة الجهاز اصبحت اضعف مشيراً إلي انه في ضوء القانون الحالي فإن الجهاز كان يقدم تقاريره إلي مجلس الشعب ولم يكن مسئوليته ان يجبر المجلس علي نشر التقارير علي أعضائه كما لم يكن من دوره إبلاغ النيابة العامة ولامحاسبة الوزراء حيث ان هذا الدور مسئولية المجلس نفسه وكلنا كنا نسمع ونشاهد كيف كان مجلس "سيد قراراه" يتحول إلي جدول الاعمال بعد المناظرات التي تتم بين المستشار جودت الملط د. يوسف بطرس غالي وزير المالية ويري أن الحل كما قال الخبراء ان الجهاز يجب ان يكون له سلطات أكبر تصل إلي حد الضبط والتفتيش والاحالة إلي النيابة بل وإسقاط الوزارة.