طالب فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بضرورة سرعة الانتقال إلي الحكم المدني المنتخب في مصر انتخاباً نزيهاً حراً خلال الأشهر الستة التي حددها المجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي هو الآن محل رضا وثقة الجميع. منوهاً بإيمان الأزهر بأن الحكم الذي يرضي عنه الشرع هو الحكم الذي يرضي عنه الناس بالإجماع أو بالأغلبية. أكد في مؤتمر صحفي بمقر مشيخة الأزهر أهمية البدء في إرساء دعائم عهد جديد تراعي فيه القيم العليا التي أقرتها الأديان السماوية وحضارتنا الشرقية وفي مقدمتها قيمة العلم الذي هو عماد تقدم الأمم. والعدل الذي هو أساس الملك. والحرية التي تفجر الطاقات وتبني الحضارات وتكسر قيود الجهل والقهر والاستبداد الذي يقتل الملكات ويغري بالنفاق ويزرع الخوف والتردد ويرسخ مشاعر الجبن والأنانية وكلها أمراض تهدم الفرد والمجتمع وتدمر الأمم والحضارات. قال إن حرمة الإنسان من أعظم الحرمات في الدين والشرائع منطلق كل الحضارات الإنسانية. ومن هنان فإن الأزهر يتطلع مع جماهير المواطنين إلي سن قوانين صارمة تجرم التعذيب والإيذاء البدني والمعنوي والاعتداء علي حرمة المواطن بأي شكل من الأشكال وان تفرض ثقافة احترام المواطن أياً كان مركزه ويصبح ذلك معياراً أساسياً لدي أجهزة الأمن وسائر أجهزة الدولة. أكد تطلع الأزهر إلي أن يوضع الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة في أيدي خبراء يجمعون بين العلم والخبرة والنزاهة ويقودون الاقتصاد الجديد ليكون اقتصاداً منتجاً مستقلاً وليس تابعاً استهلاكياً تستحوذ علي خيراته قلة ويحرم من ثماره الأكثرون كما يتطلع إلي اقتصاد منتج تضيق فيه الفارق بين المواطنين وتتكافيء الفرص بحيث لا تموت فيه قلة من تخمة أو كثرة من جوع. طالب شيخ الأزهر بأن يتم وضع الإعلام خلال الفترة المقبلة في أيدي المثقفين الحقيقيين الذين يرعون حرمة ثقافة الأمة وقيمها وحق مصر التاريخي في أن تستعيد دورها الرائد في محيطها العربي والإسلامي. بحيث يلتزم الإعلام بأن يكون معبراً عن قيم المجتمع وأخلاقياته ومصالحه وألا يكون صدي سياسات إعلامية خفية تضر بالوطن ومصالح المواطنين. أكد ان أحداً لا يستطيع ان يزايد علي موقف الأزهر الداعم إلي لحركة تحرير داخل مصر وخارجها والأزهر لا يتردد ولا يخاف كما حدث من البعض ولم يكن الأزهر ليمسك بالعصا من الوسط كما فعل البعض بل أمسكها وهو يتقلب بين خوفين. خوف من قطرة دم تراق من هؤلاء الشباب. وخوف علي الوطن ان ينفرط عقده ويدخل في مجهول. أشار إلي أن الأزهر أكد في بيانه الأول يوم 2 فبراير الحالي ان الإسلام يقر الحقوق ويحمي الحريات ويرفض الظلم ويقف إلي جانب الشعوب في مطالبها المشروعة في العدل والحرية والعيش الكريم. أشاد الأزهر بالتحام القوات المسلحة المصرية بالجماهير وتأكيدها بأنها لن تكون في مواجهة مع الشعب وأكد الأزهر ان أي عمل أو تصرف يؤدي إلي إراقة الدماء عمل محرم شرعاً ومجرم أمام الله وأمام الناس وان الأزهر سبق كل الأصوات التي تركب الموجة الان وتتاجر بالدين والأخلاق وتنتهز الفرصة لإفراغ أحقادها وسمومها السوداء علي الأزهر وعلمائه الشرفاء.. سبق الأزهر الجميع حين طالب بحق سائر القوي السياسية في دون إقصاء في إجراء حوار فوري يهدف إلي احتواء الأزمة ورأب الصدع أوضح الإمام الأكبر ان الأزهر أكد في بيانه الثاني: انه يرفض كل محاولات التدخل الأجنبي لاستغلال المطالب المشروعة التي ينادي بها شباب مصر المخلص انطلاقاً من وطنيته الخالصة.. وقال للشباب: "فلتكن أعينكم بكم ولكم" .. مشيراً إلي أن الأزهر فتح أبوابه أمام الشباب والحكماء لإجراء حوار في رحابه. قال: ليعلم الجميع إنه بينما كانت الأصوات توجه سهامها نحو الشباب ويصفون الضحايا بأنهم قتلي معركة.. أعلن الأزهر ان هؤلاء الشباب شهداء.. وقد اختتم الأزهر بيانه بعبارة: "نسأل الله تعالي ان يتغمد بالرحمة والرضوان الشهداء من شباب مصر .. ويتقدم بالمواساة والتعزية لأهليهم وذويهم والدعاء بأن يلهمهم الله الصبر والسلوان". أوضح الإمام الأكبر ان الأزهر قال ذلك وجهر به في الوقت الذي كان فيه النافقون يكيلون النفاق جزافاً للنظام. ويشكلون مواقفهم حسب اتجاه الرياح. أكد ان الأزهر لم يتملق السلطة القائمة آنذاك ولن يتملق السلطة القائمة الآن كما انه وقف أمام الولاياتالمتحدة حين أرادت ان تتدخل في شأن مصر وتصدي للفاتيكان وجمد الحوار معه في لغة حاسمة وقاطعة وأصر ولا يزال يصر علي التمسك بموقف صارم من إسرائيل ويرفض الاحتلال وتدنيس المقدسات وحصار غزة والتطبيع ويقف إلي جانب الحق الفلسطيني إلي آخر المدني ويقف بالمرصاد للمؤامرات التي تسعي للتغريب والأمركة. موضحاً ان الأزهر وقف هذه المواقف منطلقاً من ثوابت الأمة والمصالح العليا لمصر لكي يعبر عن ضمير الأمة وآلام وآمال المسلمين. قال الإمام الأكبر إن الأزهر ليس "إمعة" يقول: "أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت" وإنما يقرر ما يعتقده حقاً وصواباً ويصدع به. أكد ان الأزهر الشريف لا يخشي في الله لومة لائم معياره الذي يزن به الآراء ويقدر المواقف هو الحق والشرع وما يدور في آفاقهما من مقاصد شريفة ومصالح عليا. ورداً علي أسئلة الصحفيين .. أكد الإمام الأكبر ترحيبه بأن يكون اختيار منصب شيخ الأزهر بالانتخاب بدلاً من التعيين بشرط أن يكون صندوق الانتخاب طاهراً نظيفاً بحيث لا يقفز أصحاب الثروات ويقومون بإغراء الناخبين والتأثير علي أشدهم التزاماً .. فالمال له سلطة وسطوة. أضاف: لو توفر ذلك الشرط نرحب بالانتخاب بالنسبة لمنصب شيخ الأزهر ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وغيرها من مؤسسات الدولة. أشار إلي أن هذا الأمر تمت إثارته منذ أن كنت في موقع آخر غير منصب شيخ الأزهر وكان هناك تخوف من التعيين بأن يأتي شخص لا يكون حراً في التعبير عن كل ما يمس الناس. وتخوف من الانتخابات من ان يقفز عليها أصحاب الثروات. أكد ان الحديث عن إلغاء المادة الثانية من الدستور المصري .. يثير الفتنة والفوضي.. لأنها من ثوابت الأمة والدولة أيضاً.. كما انه مصادرة علي الحريات والديمقراطية .. موضحاً ان هناك دولاً كثيرة ينص دستورها علي المسيحية مثل اسبانيا وأمريكا اللاتينية.