* ما رؤيتكم لمستقبل الاستثمار الصناعي في ظل المناخ الحالي؟ ** في البداية لابد من وضع رؤية وخريطة صناعية متكاملة وتوضيح ماهية الصناعات المطلوبة في المرحلة الحالية وما هي الأماكن المناسبة لإقامة هذه المشروعات وأين الميزة النسبية التي تمتلكها وما هي علاقة الصناعات المختلفة ببعضها البعض.. باختصار شديد نحن بصدد إصدار أول خريطة صناعية لمصر وهذا هو المحور الأول في الاستراتيجية الجديدة للتخطيط والتنمية الصناعية. صورة واضحة * ما مكونات وأسس هذه الخريطة الجديدة؟ ** تتوافر فيها كل المقومات المعلوماتية التي تفيد المستثمر في اتخاذ القرار بمعني أين تتواجد الخدمات والثروات المعدنية المطلوب استغلالها وكذلك قربها من الموانئ ومدي توافر كل الخدمات اللوجيستية من طرق واتصالات ومرافق البنية التحتية ومناطق الكثافة السكانية والصناعات القائمة في كل منطقة.. بحيث تكون الصورة واضحة لاختيار المكان المناسب لإقامة مشروعات صناعية لابد من توافرها طبقا لاحتياجات كل منطقة علي حدة لكي يتم تحقيق النمو لكافة المناطق الصناعية دون تمييز فهي تقدم معلومات وافية عن الاراضي وقدرتها جغرافيا وجيولوجيا وتعدينياً. * متي يتم الانتهاء من هذه الخريطة؟ ** لقد حددنا موعداً أقصاه 30/6/2013 بحيث تصبح هذه الخريطة متوفرة ومتاحة لكل المستثمرين في الداخل والخارج.. لقد استعنا بمجموعة من الخبراء في جميع المجالات الصناعية الحديثة لتخطيط وإدارة المناطق الصناعية بما يستهدف زيادة القيمة المضافة علي المدخلات المصرية من الخامات الأولية وفي نفس الوقت ييسر علي المستثمرين عناء الدخول في مشروعات غير ناجحة ففي دول العالم المتقدمة يتم توزيع الأنشطة الصناعية طبقا لمقومات الأرض.. وهذا لن يتم دون توفير دراسات ومعلومات دقيقة وواضحة.. لقد انتهي اسلوب العمل العشوائي والدراسات التي تفتقر إلي المنهج العلمي. آليات مختلفة * وماذا عن مساحات الأراضي المتاحة؟ ** المحور الثاني هو الأراضي وكما هو معروف أن هناك مجموعة من الجهات صاحبة الولاية علي الأرض مثل المحافظات ووزارة الاستثمار والمجتمعات العمرانية الجديدة.. أما الأراضي التابعة لوزارة الصناعة فهي قليلة جداً مقارنة بالجهات الأخري وهي موجودة في الصحراء وبمساحات كبيرة.. ولكل جهة آليات مختلفة للتعامل في إطار تخصيص الأراضي وهذا جعلنا نفكر في إعداد تشريع موحد يضمن توزيع الأراضي بطريقة واحدة.. لدينا اتجاه بالغاء نظام المزايدة الذي رفع من الاسعار فمن الافضل ان تكون الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع وقد عقدت جلسة بمجلس الشوري لمناقشة تعديل التشريعات حتي نستطيع تحقيق تنمية حقيقية وتدفقات استثمارية. * هل تم توصيل المرافق لهذه الأراضي؟ ** من المعروف أن المرافق تقع مسئوليتها علي عاتق الدولة لكن التوجه الحالي هو الاعتماد علي المطور الصناعي في إطار المشاركة المتوازنة بين الدولة والقطاع الخاص بهدف رفع عبء إنشاء وتطوير المناطق الصناعية عن الخزانة العامة للدولة من خلال توفير أراض بمساحات كبيرة لجذب رءوس الأموال المباشرة وزيادة التصدير بواسطة المطور العام الذي يمتلك الخبرة في التسويق والترويج لجذب الشركات العالمية وقد تقدم إلينا العديد من كبار المستثمرين من داخل وخارج مصر للحصول علي هذه الاراضي ونقوم بدراسة أوضاع هذه الشركات قبل التخصيص لضمان الجدية وعدم التوقف. صغار المستثمرين * هل هناك اتجاه لتخصيص أراض للصناعات الصغيرة والمتوسطة أم أن الاهتمام يقتصر علي المشروعات العملاقة؟ ** بالفعل المرحلة القادمة سوف تشهد توسعاً واهتماما بإقامة العديد من الانشطة الصناعية في مجال الصناعات المتوسطة والصغيرة باعتبارها المغذية والمكملة للصناعات الضخمة. وتم توقيع بروتوكول جديد مع هيئة المجتمعات العمرانية لتوفير اراض لهذه المشروعات ومؤخراً تم طرح 1692 قطعة أرض جاهزة في 10 مدن صناعية للاستثمار الصناعي وسوف يتم تخصيص 20% من مساحتها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لتلبية احتياجات صغار المستثمرين وتقدم حوالي 7500 مستثمر بدراسات جادة قابلة للتنفيذ. ولدينا الآن مركز تميز جديد بالهيئة خاص بهذه الصناعات يقوم بدراسات الجدوي وتقديم المشورة والمساعدة الفنية والتكنولوجية. * هذا الكلام يؤكد عكس ما يثار عن عزوف المستثمرين في الوقت الحالي نظراً للاضطرابات وعدم الاستقرار؟ ** حقيقة هناك بطء في الاستثمارات نتيجة للأوضاع السياسية لكن لم تتوقف الطلبات والاتصالات من كبار المستثمرين العرب والأجانب والمصريين لرغبتهم في إقامة العديد من المصانع فالجميع يدرك المزايا التنافسية التي تمتلكها مصر من حيث الموقع والاتفاقيات التجارية التي تتيح لمصر الدخول في أسواق اقليمية ودولية وهذا يؤكد حرص الشركات ومتابعتها للسوق المصري رغم كل الاحداث الداخلية التي نعيشها وأرجو ان يزيدنا هذا إصراراً وثقة في عبور تلك المرحلة بسرعة. * يتضح أن هدفكم هو إقامة تجمعات صناعية متخصصة؟ ** بالفعل لوجود مزايا متعددة ولأن التعاون بين كل المشروعات يؤدي إلي زيادة التخصص وتحسين كفاءة الانتاج والعمل المشترك يشجع المشروعات علي تبادل الخبرات والافكار مما يحسن من جودة المنتجات ويؤدي لزيادة الأرباح ورفع القدرة التنافسية نتيجة لتكامل الانشطة ولقد أثبتت تجارب الدول المتقدمة أن العلاقات التعاونية والتكاملية والأداء المشترك يدفع من النمو الصناعي ويدعمه عندما يكون العمل في أماكن متقاربة من هنا تبنت الهيئة فكرة إقامة العناقيد الصناعية لتحقيق أداء تنافسي عالمي في ظل النظام الاقتصادي الجديد. * هل لدينا الخبرات القادرة علي إقامة وتخطيط وإدارة المناطق الصناعية؟ ** لدينا خبراء متميزون في هذا المجال وفي إطار تطوير وتنمية هذه الكفاءات وقعنا بروتوكول تعاون مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية بهدف تبادل الخبرات وتفعيل التعاون العربي في دعم التكامل الاقتصادي والصناعي بما يساهم في تحقيق تنمية وطفرة خلال المرحلة القادمة. التقدم التكنولوجي * في إطار التوسع في المشروعات الصناعية قضية الطاقة والاتجاه لتحريك اسعارها يمثل تحديا كبيراً فما رأيكم؟. ** هناك عدة محاور تتم دراستها في هذا الشأن مثل تقليل الفاقد من الطاقة داخل المصانع من خلال مواكبة التقدم التكنولوجي والاعتماد علي الطاقة الجديدة والمتجددة وخفض تكلفة الطاقة المستخدمة لكل وحدة منتجة والمعروفة بالكثافة النوعية وربطها بتكلفة الانتاج وذلك بواسطة عمل مسح مبدئي للطاقة المستخدمة في المنشآت الصناعية المختلفة وكذلك التوسع في الاعتماد علي الوقود البديل. وفي هذا الاطار سيتم البدء في تكنولوجيات ترشيد الطاقة في قطاعات الصناعات الغذائية. * هناك شكوي من المستثمرين لغياب منظومة لتبسيط الإجراءات أين الحقيقة؟ ** منذ توليت العمل وأنا أحرص علي لقاء جميع رجال الصناعة لمعرفة وجهة نظرهم والمشاكل التي يعاني منها المجتمع الصناعي وتباعا تم إصدار حزمة من التسهيلات منها تخفيض التكاليف المعيارية بنسبة 50% لبعض الخدمات التي تقدمها الهيئة وذلك بهدف تيسير الحصول علي الموافقة واختصار الفترة الزمنية وإنهاء الإجراءات مع الجهات الحكومية الأخري فالهيئة تحاول من جانبها توفير التيسيرات وحل مشاكل المستثمرين وتوفير ظروف مواتية للاستثمار الناجح لانها محامي الصناعة الذي لابد ان يضع رجال الصناعة علي قمة أولويات العمل. * تعاني بعض المناطق الصناعية من عدم وفرة أراض مما يشكل عقبة أمام من يريد التوسع في المشروعات القائمة فكيف يمكن حل هذه الاشكالية؟ ** هذا يعود لظاهرة تسقيع المصانع لأن بعض المستثمرين اقاموا مصانع حتي لا يتم سحب الاراضي منهم وأصبحت مجرد مبان دون عمل أو إنتاج وهذا يفسر ازدياد عدد المصانع المغلقة في الآونة الأخيرة.. نسبة كبيرة منها لم تبدأ العمل لأن هدفها الحفاظ علي الأرض لأن القواعد الخاصة بسحب الاراضي لعدم الجدية تطبق بعدالة. أما فيما يتعلق بالمصانع فنحن نحتاج لتعديل تشريعي حتي نتصدي لهذه الظاهرة. مجموعة تسهيلات * منذ سنوات ونحن نسمع عن دعم وتنمية الصناعات الصغيرة وعلي أرض الواقع لم يتحقق هذا التوجه اضافة إلي مشاكل التمويل.. كيف يمكن تغيير هذه الصورة؟ ** من جانب الهيئة تقدم الاراضي المطلوبة إلي جانب إصدار رخصة التشغيل فور بدء الإنتاج بالاضافة إلي مجموعة من التسهيلات في إجراءات العمل وإنشاء شركات متخصصة تساعد هذه المشروعات في تسويق منتجاتها.. أما فيما يتعلق بالقروض للعمل مع الصندوق الاجتماعي لإعادة النظر في القروض وإعادة جدولتها وتوفير قروض ميسرة لصغار المستثمرين.. لتشجيعهم علي الاستمرار. * تظل قضية العمالة الفنية المدربة تمثل عقبة أمام الانطلاقة الصناعية التي نؤسس لها.. كيف يمكنكم التغلب علي هذه المشكلة؟ ** في إطار التعاون مع الهيئات والمراكز المتخصصة مثل مركز تحديث الصناعة واتحاد الصناعات نعمل علي رفع قدرات مراكز التدريب المختلفة بالكوادر والكفاءات والمعدات الحديثة بحيث يمكنها أن تؤدي دورا في الارتقاء بمستوي العمالة المصرية وهذا البرنامج بدأته وزارة الصناعة منذ عدة سنوات. * ماذا عن مشروع البيت المنتج؟ ** هذا المشروع يستهدف خلق تجمعات جديدة للصناعات الصغيرة قائمة علي التصنيع الزراعي والتعديني ومشروعات للانتاج الحيواني.. وهو من المشروعات القومية لما له من أبعاد اقتصادية وبيئية واجتماعية كما انه يهدف إلي إنشاء قري متكاملة تضم تجمعات عمرانية وزراعية وصناعية تقوم علي الاستفادة من الخامات الطبيعية الموجودة داخل هذه المناطق واستغلالها بشكل امثل بما يسهم في خلق تجمعات إنتاجية جديدة ويتم بالتعاون مع الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ومركز البحوث الزراعية وأكاديمية البحث العلمي والهيئة العامة للتنمية الزراعية.. كما أن العائد التنموي لهذا المشروع يتمثل في زيادة الانتاج القومي من الثروة الحيوانية والمساهمة في سد الفجوة في الاحتياجات من السماد العضوي إلي جانب توفير مساحة كبيرة من الرقعة الزراعية لإنتاج الاعلاف الخضراء وسوف تشمل المرحلة الأولي محافظات شمال وجنوب سيناء ومطروح والوادي الجديد وأسوان. مشاكل تمويلية * ملف المتعثرين ازداد بعد الثورة فما الخطوات لإغلاق هذا الملف؟ ** عدد المصانع المتعثرة وصل إلي 1400 من 200 ألف مصنع بعد الثورة وللحقيقة جزء كبير منها توقف تماماً وأغلق أبوابه قبل الثورة لأسباب تتعلق بمشاكل تمويلية مع البنوك وبواسطة جهود وزارة الصناعة تم حل مشكلة 100 مصنع وخرجت من دائرة التعثر وهذا الملف تم اسناده لمركز تحديث الصناعة خاصة مع وجود نسبة من المصانع لم تستطع الاستمرار لأسباب فنية تتعلق بخطوط الانتاج وسوف يتم الانتهاء منه تدريجياً حتي تدخل المصانع مرة أخري للخدمة وقضية التعثر ليست بالحجم المخيف الذي يصوره البعض. * تعاني محافظات الصعيد من غياب التنمية وتفتقر إلي وجود المصانع علي الرغم من توافر الخامات فما خطواتكم للنهوض بها؟ ** لا أحد ينكر أن الصعيد منطقة غنية بموارد متنوعة تم إغفالها علي مدار العقود الماضية ومنذ بدأنا إعداد الخريطة الصناعية تم التركيز علي تنمية محافظات الصعيد "طريق سفاجا - قنا وحتي الاقصر وجدنا أنه يستوعب اقامة عدة صناعات مواد البناء بالاضافة إلي الصناعات القائمة علي الحاصلات الزراعية المتنوعة. لدينا مكاتب استشارية تقوم بعمل دراسات من أجل تطوير ميناء أبوطرطور لكي يستطيع استيعاب حركة التصنيع الجديدة بطريق سفاجا - قنا. تجمعات متكاملة * أين موقع سيناء علي خريطة التنمية الصناعية؟ ** لقد بدأنا بالفعل خطوات تنفيذية لتنمية سيناء وترتكز بداية بإنشاء طريق بين منطقتي أبو زنيمة وبئر العبد لتكون نواة لإنشاء تجمعات صناعية متكاملة تعتمد علي الموارد الطبيعية والثروات التعدينية المتوافرة في باطن الأرض بجانب إنشاء صناعات قائمة علي المحاصيل الزراعية التي تشهتر بها المنطقة بجانب إيجاد وسيلة للربط البحري بالقاهرة من خلال إقامة محور جديد يربط أبو زنيمة بالساحل الشرقي. * متي يمكن أن نري هذه الخطط والدراسات علي أرض الواقع؟ ** خلال الأشهر القليلة القادمة سوف يتم الاعلان عن فرص الاستثمار والمشروعات المطلوب إنشاؤها وسوف تقوم اللجان المختصة بفحص الطلبات حتي يتم اختيار المستثمرين الجادين. * بعد الثورة سمعنا عن رغبة العديد من المستثمرين الاتراك في التوسع لإقامة عدة مشروعات جديدة في قطاعات مختلفة.. فماذا تم في هذا المجال؟ ** بدأنا بالفعل في تنظيم لقاءات عمل بين رجال الاعمال المصريين والأجانب بصفة عامة لتنمية العلاقات الاقتصادية وتوضيح الفرص الاستثمارية وفيما يتعلق بالاتراك تحديدا التقيت مجموعة كبيرة من رجال الاعمال لديهم وعي ودراية بكل الفرص الصناعية والاستثمارية المتاحة ولديهم أيضا رغبة في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين وهناك اتجاه للدخول في مشروعات في مجال الطاقة وصناعات التكنولوجيا إلي جانب صناعات الملابس والنسيج وذلك بمجرد الانتهاء من تجهيز الاراضي بمرافقها.