يبدو أن أداء الحكومة الحالية ووزرائها لا يختلف كثيرا عن أداء حكومات العهد البائد خاصة فيما يتعلق بالشو الإعلامي حول المشروعات والاستثمارات الجديدة فغالبا ما يختلف الكلام عن الواقع الفعلي وإليكم هذه القصة التي كنت أحد شهودها. بعد ستة أشهر من المفاوضات مع وزارة الصناعة والتجارة الخارجية وفي احتفال كبير بأحد الفنادق الفاخرة دشن وزير الصناعة المهندس حاتم صالح أول منطقة صناعية سوريا في مصر. ورغم أننا نعلم جميعا الظروف السياسية التي دفعت المستثمرين السوريين إلي القدوم إلي مصر وربما يكون قدوما مؤقتا إلا أنها تمثل خطوة جيدة تفيد الاقتصاد المصري كما تفيد السوريين خاصة أن حجم هذه الاستثمارات يقدر بنحو 7 مليارات جنيه. في الاحتفال فجر الوكيل المصري لنحو 50 من المستثمرين السوريين مفاجأة من العيار الثقيل حين قال للصحفيين إن المنطقة السورية وهمية وأنه لا توجد أرض جاهزة للمصانع رغم مرور 6 أشهر علي المفاوضات. قلت في نفسي ربما كان الرجل يبالغ وطلبت من عدد من السوريين من المشاركين في الاحتفال أن يتمهلوا في الحكم علي مدي جدية المشروع خاصة أن الوزير أكد أن إجراءات التعاقد علي الأرض سوف تبدأ يوم الأحد "أول أمس". بالفعل ذهب عدد من المستثمرين السوريين حسب الموعد إلي وزارة الصناعة لكنهم لم يجدوا أي مسئول في استقبالهم بل إن أمن الوزارة لم يكن لديه معلومات عن الموعد. لم يقتصر الأمر علي ذلك فالمنطقة الصناعية المزعومة التي سوف تقام عليها المشروعات بالعاشر من رمضان عبارة عن أرض صحراء غير ممهدة ولا توجد بها أية مرافق وفقا لما يؤكده وكيل المستثمرين السوريين محيسن إبراهيم والشيء الأغرب أن هذه المنطقة حصل عليها رجل الأعمال المصري أحمد السويدي من هيئة التنمية الصناعية منذ نحو 4 سنوات لتحويلها إلي منطقة صناعية بنظام المطور الصناعي لكنه لم يقم بأي خطوة في هذا الشأن حتي الآن. ولم تقم هيئة التنمية الصناعية بمحاسبته كما فعلت مع الآخرين. وبدلا من ذلك أحالت وزارة الصناعة المشروعات السورية لمنطقته ووعدته بإقامة محطة توليد كهرباء بالمنطقة!! ورغم أن السوريين وافقوا علي تسلم الأرض ممهدة فقط بعد ثلاثة أشهر لإقامة مصانعهم وما يتطلب ذلك من تكلفة إضافية متمثلة في شراء الماء والكهرباء أثناء عملية البناء إلا أنهم فوجئوا بأن السويدي يتراجع عن أسعار بيع الأرض التي اتفق عليها مع وزارة الصناعة وهي 220 جنيها للمتر في القطع التي تزيد علي 100 ألف متر و320 جنيها للقطع الأقل ليرتفع السعر بنحو 100 جنيه للمتر!! إذا لم تسارع وزارة الصناعة بحل مشاكل المنطقة الصناعية السورية أو العربية فالخسارة لن تكون للسوريين وحدهم بل ستكون لمصر أيضا خاصة وأن المنطقة كما يؤكد الوزير توفر نحو 40 ألف فرصة عمل للمصريين.