الحب من أجمل المشاعر التي يعيشها الإنسان.. حكايات الحب في الأفلام تذكرنا بأيام حلوة عشناها. وبلحظات استثنائية لا يمكن استعادتها ثانية إلا في الخيال.. فمن منا لا يتحمس لمشاهدة فيلم مثل "تايتانك" وفي كل مرة يعرض فيها علي الشاشة الصغيرة؟؟ ومن لا يتذكر "قصة حب" التي تنعش الفؤاد وتوجع القلب وتغسل آدمية الإنسان وتعيده نبيلاً راقياً قادراً علي المشاركة. وعلي تذوق الألم النبيل والمشاعر الصافية؟؟ يمكن للحب أن يتخذ غالباً درامياً. أو أن يكون مادة موضوعية لذيذة في عمل كوميدي. أو يتحول إلي تراجيديا تفتح سكة للدموع لا تصل إلي نهاية وفيضان من المشاعر يجدد الروح. قدمت هوليوود مئات الأفلام الرومانسية وعشرات من هذه الأفلام عاشت واستمرت مثلما عاشت قصص العشاق الذين صنعوها. كل حقبة زمنية تنسج مشاعر الحب الخاصة بها. التي تعبر عن تقاليد الزمن الذي ولدت فيه وتقاليد الحب في ذلك الحين. وأساليب التعبير التي تظهر ما يختزنه القلب من غرام. أتذكر من هذه الأفلام الخالدة "ذهب مع الريح" و"امرأة جميلة" و"الكبرياء والعاطفة" و"نوتنج هيل" و"الجميلة والوحش" و"كازابلانكا" و"صوت الموسيقي" و"الملك وأنا" إلخ.. ومن أجمل الحكايات التي بهرتني شخصياً تلك التي قدمها فيلم "جسور ماديسون كوانتي" بطولة كلنت ايستوود ومريل ستريب.. فيلم بديع وآسر وحكاية رومانسية ليست تقليدية. أيضاً فيلم "روميو وجوليت" عن مسرحية شكسبير الخالدة والتي قدمتها السينما العالمية مرات و"سيدتي الجميلة" و"الأفطار في تيفاني" و"الغناء تحت المطر" و"فتاة الوداع" و"قصة الحي الغربي" و"دكتور زيفاجو"..... إلخ. ونلاحظ أن معظم الأعمال الرومانسية في السينما إن لم يكن كلها مأخوذة عن أعمال أدبية خلدت مبدعيها بفضل السينما التي حركت الصفحات والشخصيات ونقلتهم من دفتي الكتاب ومنحتهم حياة وأسكنتهم في وجدان الملايين الذين لم يقرأوا هذه القصص من مصادرها الأصلية. الحب هو أكسير الحياة. الغذاء الروحي الذي بدونه تتحول الدنيا إلي صراع كئيب وشرس من أجل البقاء. إلي غريزة متوحشة وحيوانات ناطقة الكبير فيها يلتهم الصغير من أجل مكسب زائل وجاه فارغ. حدثتني صديقة شابة يوم "عيد الحب" كما اعتادت أن تفعل فصدمني الإحساس بأنني لم أتذكر أبداً هذا اليوم ففي هذه الأيام انشغلنا بالقتلي من الشباب والأطفال وانشغلنا بمتابعة أقسي مظاهر البغض ومشاعر الانتقام "فالحب" الذي نراه علي الشاشة يتجسد في دموع قهر وعذاب وألم رهيب لأمهات وآباء فقدت فلذات قلوبهم.. استلموا جثثهم من المشرحة مشوهة فاستمعنا إلي نحيب مروع لنساء أفزعنهن صور الجثث التي ماتت تحت سياط وبنانيت والعصيان المكهربة والرصاص الحي صرنا نعيش حكايات كراهية رهيبة. "عيد الحب" في هذا التوقيت فقد مضمونه في بلد مثل مصر. شعبه عاطفي عاش علي ضفاف نيلها أساطير للحب والجمال والوفاء ونمت في وديانه حكايات الحب والجمال وأجمل الروايات الرومانسية والأغاني والمواويل العاطفية. وأمام هذه الكوارث التي يعيشها الوطن وعلي رأسها كارثة الاغتيال والخطف لفلذات القلوب في زمن ثائر يفرز أبشع المشاعر. هل مازال الحب موجوداً ويستحق أن نحتفل بعيد يحمل اسمه؟؟ رأيي أن الحب موجود وسيظل ولكنه يرتدي ثوب الحداد علي وطن ينزف. وينزع منه مشاعر الأمان والطمأنينة المادية والإنسانية. لا حب بدون حرية التعبير. ولا حب إذا غاب رغيف العيش وانطفأت النار التي تنضج "الغموس" ولا حب بدون كرامة إنسانية ولا عدالة اجتماعية.. ولا يمكن أن تنهض مشاعر الحب مع سيادة الشعور بالأنانية وغلظة الإحساس.. وأمام البطالة وافتقاد الأمل يتحول الحب إلي تحرش وحشي. وتتغالب أجواء الأسُرة إلي حالات اكتئاب. كيف احتفلنا بعيد الحب الأخير؟؟ طغت صور الواقع ومظاهر الظلم والقمع وروائح الموت علي رومانسية المشاعر وباتت القصة الرومانسية القديمة التي أنتجها زمن آخر مجرد مدعاة للحسرة هذا إذا توفر الوقت لاستعادتها والفرجة عليها.. حتي الأغاني الرومانسية تجمدت وفقدت قدرتها علي التأثير!