في شهر ديسمبر سنة 1954 قرر كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم بصفته مسئولا عن هيئة الآثار إيفاد بعثة ضمت عددا من علماء الآثار والمهندسين المصريين إلي بلاد النوبة لوضع تقرير عن الآثار المعرضة للغرق في حالة تنفيذ مشروع السد العالي.. وأمضت البعثة عشرة أيام ووضعت تقريراً ضم دراسة عن كل الآثار والمعابد الموجودة في بلا د النوبة واحتمال ما يمكن إنقاذه وقد نشر هذا التقرير بثلاث لغات هي العربية والانجليزية والفرنسية وذلك تحت عنوان تقرير عن آثار النوبة المعرضة لأن تغمرها مياه السد العالي. وكانت هناك مجموعات أخري من المهندسين والاخصائيين قد قاموا بدراسة أخري حول أوضاع أهل النوبة لأنه بات من المحتم ان أراضيهم ستدخل في نطاق بحيرة السد تماماً مثل الأثار وبالتالي انتهي الأمر إلي إقامة مبان تشبه مبانيهم وإنشاء مجتمعات عمرانية تشبه المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه بما فيه من عادات وتقاليد وتم اختيار منطقة شمال أسوان لهذا الغرض ويقول الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة أنه عدة مرات أثناء حكم الرئيس جمال عبدالناصر أنه في شهر نوفمبر من 1958 زاره السفيرالأمريكي في القاهرة بصحبة مدير متحف المتروبوليتان بنيويورك الذي بادره قائلاً جئت أشتري واحداً زو اثنين من معابد النوبة المهددة بالغرق بعد بناء السد العالي. وقد أثار هذا الكلام الدكتور ثروت فكيف يدور في خلد أحد ان يكون تراث الأسلاف مما يباع ويشتري ويضيف الدكتور عكاشة كان هذا اللقاء بداية ارتباطه بآثار النوبة فقام علي الفور بصحبة مجموعة من العلماء ومدير مركز تسجيل الآثار بزيارة لمنطقة النوبة وسجلت البعثة ان النوبة بها 17 معبداً كلها ستتعرض للغرق خلف بحيرة السد البالغ طولها 350 كيلومتراً داخل مصر و187 كيلومتراً داخل السودان وبمعاونة اليونسكو ودول أخري كثيرة تم الاتفاق علي انقاذ بعض المعابد وعلي رأسها معبد أبوسمبل. وفي مؤتمر الخبراء الدوليين الذي عقد أول أكتوبر سنة 1959 أعلنت مصر عن موافقتها إهداء بعض معابد النوبة للدول التي تساهم مساهمات فعالة في عمليات انقاذ المعابد الهامة. وفي شهر سبتمبر 1968 تم الاحتفال بإتمام نقل معبدي أبوسمبل فوق ربوة عالية في الجنوب من بحيرة السد. وانتهت مشكلة إنقاذ آثار النوبة.. ولكن بقيت مشكلة النوبيين أنفسهم فهم يريدون العودة إلي ضفاف بحيرة السد.. وهم يرون انهم عانوا سنوات طويلة لا يجدون الرعاية الكافية من الحكومة.. يتساءلون: لقد ترك أهلهم النوبة الأصلية عند بناء السد العالي فلماذا لا يعودون إلي ضفاف البحيرة التي هي أقرب لمنبتهم وأصلهم. وفي الأيام الماضية تجمعوا أمام مجلس الشوري في محاولة منهم لكي تصل أصواتهم إلي هيئة التشريع وإلي الحكومة لعل هناك من يحقق رغبتهم ويلبي طلباتهم.. المهم انه تم انقاذ آثار النوبة والنوبيون يطلبون إنقاذهم!!.