من الأخبار التي أثارت الدهشة والاهتمام والحيرة والضيق وتثير في نفس الوقت تساؤلات حول الأهم والمهم في شئون حياتنا. رصد ملايين الجنيهات لإنشاء دار للأوبرا مكان الجراج متعدد الطوابق وعودة مقهي متاتيا. وكذلك لإعداد كوبري أبوالعلا الذي كاد يأكله الصدأ ليكون متحفا لجذب الزوار والسياح. ومما يضاعف هذا الغيظ أن خبراء إيطاليين يقومون بإعداد تصميمات لدار الأوبرا المزمع إنشاؤها. وقد أضافت الأنباء الجميلة والسارة التي تضمنتها سطور هذا الخبر أن إحياء الأوبرا القديمة يأتي لاستكمال الصورة مع تمثال إبراهيم باشا لكي تضفي علي الميدان بهاء يليق بهذا الموقع في قلب القاهرة.. يا سلام! في هذا السياق أيضا قرار محافظ العاصمة بهدم مبني مرفق الإسعاف وإنشاء حديقة عامة وجراج تحت الأرض رغم أن المبني يقع فوق مترو الأنفاق. إشراقة جميلة ورئة تتنفس بها الجماهير وسط هذا التلوث الذي ينبعث من السيارات ذات اليمين وذات الشمال. كلمات وعبارات في ظاهرها الرحمة وباطنها بلا مضمون؟! السؤال الذي يدق الرأس بعنف هل هذه الأعمال ورصد الملايين لها أهم من المشروعات الخاصة بالشباب أو مشروعاتنا القومية. وهل لدينا الكثير من هذه الملايين لكي ننفذ هذا وذاك؟ وهل نريد تكرار إهدار الأموال مرة أخري كما جري في جراج ميدان رمسيس؟ أم أننا لا نستوعب دروس أخطاء الماضي. أليس تطوير مبني الإسعاف أهم من هدمه وإقامة حديقة خاصة؟! يبدو أن القرار غير مدروس خاصة بعد أن تكشفت حقائق تؤكد أن المبني مستقر فوق مترو الأنفاق مما يتعذر معه إقامة الجراج المزمع إنشاؤه. ثم أين كنا وقت إقامة جراج الأوبرا متعدد الطوابق وهل تعاقد هذا الجراج انتهي أم المتعاقد معه سوف يطالب بالتعويض وبالتالي ندور في حلقة مفرغة. كما أن كوبري أبوالعلا لماذا تركناه كل هذه السنوات ثم رصدنا 300 مليون جنيه لتحويله إلي متحف. هل تذكرناه فجأة. ولماذا لم تتم دراسة مستفيضة قبل تفكيك الكوبري من مكانه القديم؟! أعتقد أنه بات من الضروري استغلال هذه الملايين في مشروعات لتشغيل الشباب وتوفير فرص عمل لهم أو لخدمة المواطنين بحيث تدر دخلا تحقق طموحات سكان العاصمة فليس عيبا أن نعيد دراسة هذه القرارات والمبادرة باختيار البديل الأفضل خاصة أن العاصمة تعاني من أزمة مرور وتكدس سكاني يفوق إمكانيات المرافق. كما أننا نتساءل أيضاً لماذا لم يتم مخاطبة وزارة الصحة لإعادة النظر في الاستغناء عن مبني الإسعاف واتخاذ الإجراءات لتحديثه وتزويده بالمعدات والأدوات لخدمة سكان هذه المنطقة الآهلة بالسكان؟. مشروعاتنا الوطنية في أشد الحاجة لإجراء دراسات متأنية واختيار البدائل أكثر أهمية وتتناسب مع احتياجاتنا. وتلبي رغبات المواطنين. واتخاذ الإجراءات التي تحقق التوازن بين متطلباتنا. لأننا في أشد الحاجة لمشروعات تنموية أكثر من هذه الأعمال التي تتسم بالرفاهية. خاصة أن لدينا دار أوبرا أخري في مكان يتوسط المنطقة بين القاهرة والجيزة. وناهيك عن تكاليف الهدم والبناء بخلاف المبالغ التي يتم دفعها للقائمين بإعداد دراسات الجدوي. إن ما يدمي القلوب أن مستشفياتنا تعاني نقصا في كثير من الأدوية والمستلزمات الخاصة بخدمة المرضي و العاصمة في حاجة لإعادة ترتيب الأوضاع وإجراء المزيد من الدراسات المتخصصة وتحديد الأولويات وفقا لإمكانياتنا وتخفيف المعاناة عن سكانها. شبابنا في أشد الحاجة لفرصة عمل. المعاناة تحاصرهم من كل جانب. وكم رأينا من خريج حفيت قدماه من أجل فرصة عمل. أحدهم انتحر بعد فشله في العثور علي وظيفة بعد سنوات من التخرج ورغم رفضي لهذا الأسلوب إلا أنني أشير إليه من أجل بذل أقصي الجهد من أجل مزيد من الوظائف. القاهرة والمحافظات في حاجة إلي مشروعات وطرق لتيسير حركة الاتصالات وتوفير احتياجات القري قبل المدن والعواصم. فهل تتضافر الجهود لتحقيق هذه الأهداف والبدء بالأولويات؟!