مشكلة غالبية أقطار الوطن العربي أنها عتمد علي موارد طبيعية ناضبة. إذا كانت الحقائق قد خالفت توقعات الخبير الاستراتيجي العالمي جان جاك بيربي أن ينضب البترول في ستينيات القرن الماضي. ليبدأ البحث عن طاقة بديلة. فإن البترول سيظل طاقة ناضبة. لا تمثل مساحة معتبرة في تاريخ الشعوب. حاولت الأقطار العربية أن تتحسب لاحتمالات المستقبل. فربط الكثير منها الدول الخليجية بخاصة عملتها بالدولار الأمريكي. وأودعت نسبة كبيرة من احتياطي عملتها في البنوك الأمريكية. وهو ما تتبدي خطورته في أية أزمة اقتصادية عالمية تكون واشنطن طرفا فيها. واتجهت أقطار أخري إلي التصنيع. وإن اقتصر في الأغلب علي البتروكيماويات. بحيث اعتمد علي الطاقة المتاحة. وهي البترول. لكنها للأسف طاقة ناضبة. ثمة أقطار أخري حاولت اللحاق بالمستقبل. بالمشاركة في مشروعات زراعية وسياحية. قد تشكل موردا إضافيا إلي جانب النفط. وخصمت أقطار أخري مثل الكويت نسبة من عائداتها لصالح الأجيال التالية. في المقابل من تلك الاجتهادات. طرح العلم نفسه حلا جذريا وحاسما. وأعلن بالفعل عن مشروعات تحاول الإضافة والتطوير واستخدام كل الإمكانات المتاحة في المنطقة العربية. أعلنت قطر عن مشروع باسم الشيخة موزة لدعم العلماء العرب. وتعددت الآراء حول الفوائد التي سيجنيها العلماء العرب من هذا المشروع. باعتبار أن قطر لها مبادراتها الناجحة في مجالات الرياضة والفن وغيرها. لكن مشروع الدعم لم يجاوز أوراقه. وأراد الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي أن يضيف الي البنايات العملاقة التي صارت معلما لإماراته. فأعلن عن تخصيص عشرة مليارات دولار لما سماه مشروع النهضة. وقيل إنه سيعهد بإدارته إلي العالم المصري الدكتور أحمد زويل. وإنه سينقل الوطن العربي الي عصر جديد. يعترف بلغة العلم. ويعمل بها.. لكن المشروع ظل حتي الآن في حدوده الإعلامية. ارتفع الجديد من البنايات ذات الطوابق الشاهقة. بينما مشروع النهضة مجرد أمنية جميلة!. أن تؤجل بعض المشروعات ذات المحتوي الإعلامي. أو لا تنفذ. فإن ضررها قد يقتصر علي حرمان العالم من آلاف الأشجار التي تنقي البيئة. لتتحول الي ورق تطبع عليه كتابات تافهة وسخيفة.. لكن خسائر الأقطار العربية من غياب التطبيق العلمي بلغ كما أكد مؤتمر أخير شهدته القاهرة للعلماء العرب المغتربين بلغت 200 مليار دولار. الإحصاءات تقول إن 34% من الأطباء في بريطانيا ذوو أصول عربية. وإن 600 عالم مصري في التخصصات النادرة يقيمون في الغرب. وإن عدد الكفاءات العلمية العربية المهاجرة بلغ حوالي أربعة ملايين عالم. المستقبل لا تصنعه المشروعات الورقية ولا الأمنيات. لكن تقريب الفجوة بين تخلف العرب وتقدم الغرب يحتاج الي ضرورة الإفادة من خبرات العقول العربية المهاجرة. ومن كل الإمكانات. ولو لتقريب الفجوة بين التخلف والتقدم. ولو لإنقاذ الأجيال القادمة من مستقبل ضبابي الرؤية.