وزير المالية: تكلفة لتر البنزين على الدولة أصبحت أكثر من الضعف.. ودعم المواد البترولية ليس من مصلحتنا    الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع وسط ترقب مسار أسعار الفائدة    مياه الفيوم تناقش الموقف التنفيذي لمشروعات برنامج توسعات الصرف الصحي بالمحافظة    محافظ المنيا يعتمد إحداثيات المباني القريبة من الأحوزة العمرانية تيسيرا لإجراءات التصالح    السيسي يتوجه إلى بكين لبحث تعزيز التعاون المصري الصيني المشترك    بوتين: آلات الحصاد الروسية مطلوبة بشكل كبير في دول العالم الأخرى    موعد مباراة الزمالك القادمة بعد الفوز على الاتحاد السكندري    غضب في «المصرى» ضد الأخطاء التحكيمية خلال مباراة «فيوتشر»    حادث مروري مروع.. التصريح بدفن جثة طفلة دهسها سائق "لودر" بالمرج    جدول حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2024 ومواعيد الرحلات    «التعليم»: مشاركة 31 ألف طالب من ذوي الهمم بمسابقة «تحدي القراءة العربى»    عمرو يوسف يحتفل بعيد ميلاد شقيقه علي.. صور    حركة حماس: على مجلس الأمن اتخاذ للازم لإنفاذ قرارات محكمة العدل الدولية    "صحة النواب" تطالب بسرعة تشغيل مجمع الفيروز الطبي    بُمشاركة أطراف الإنتاج الثلاثة.. الحوار الاجتماعي يناقش مشروع قانون العمل وتحديات السوق    وزير الداخلية يبحث مع نظيره الفلسطيني تعزيز التعاون الأمني    فوز مدارس الجيزة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية فى المسابقات الموسيقية وأكتوبر «تتصدر» (تفاصيل)    محافظ الشرقية يُسلم ملابس الإحرام وتأشيرات السفر الخاصة بحجاج الجمعيات الأهلية    أول عمل درامى ل فاتن حمامة.. إنعام محمد علي تكشف كواليس "ضمير أبلة حكمت"    لابيد لنتنياهو: وزراء حكومتك يسرقون المال العام ويسببون المشاكل    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    الإفتاء: الفقهاء وافقوا على تأخير الدورة الشهرية للصيام والحج    حزب المصريين: موقف مصر تاريخي وثابت في دعم القضية الفلسطينية    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    أجواء رائعة بمطروح وتواجد أعداد كبيرة من المواطنين على الشواطئ.. فيديو    محافظ أسوان يفتتح مشروع تطوير قاعة الفريق كمال عامر بمركز عروس النيل    فاران يلمح إلى وجهته المقبلة بعد رحيله عن مانشستر يونايتد    يوفنتوس يقترب من حسم صفقتين في الصيف    بعد حبسه.. القصة الكاملة في محاكمة أحمد الطنطاوي في قضية تزوير توكيلات    ارتباك وغموض يحاصر «برايم القابضة» بشأن اجتماع الجمعية العمومية.. والرقابة المالية ترفض الإجراءات    في عامه ال 19.. المدير التنفيذي لبنك الطعام: صك الأضحية باب فرحة الملايين    حبس مدير أعمال الراحل حلمي بكر 3 سنوات وكفالة 50 ألف جنيه.. فيديو    رئيس "أميدا": نعتزم تدشين مركز استراتيجي في مصر لحفظ بيانات الدول الأعضاء    المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية: الغارة الجوية الأخيرة على رفح خطيرة للغاية    قص الأظافر ووضع المعطرات.. دار الإفتاء تحذر الحجاج من ارتكاب هذه الأفعال    هيئة الرقابة المالية: اعتماد صندوق تأمين العاملين بشركة مصر للأسواق الحرة    حياة كريمة.. قافلة طبية شاملة لأهالى قرية "الشهيد الخيري" بالقنطرة غرب    لأصحاب الرجيم.. طريقة تحضير بيتزا توست بالفلفل الرومي    "متنورش العالي".. صبري فواز يكشف عن نصيحة لطفي لبيب له    السياحة: بدء الفعاليات التمهيدية لافتتاح حملة "مانحي أمل" في مصر    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    وزير الإعلام البحرينى: العلاقات بين مصر والبحرين تتميز بخصوصية فريدة    إعصار مدمر يضرب الهند وبنجلاديش.. مشاهد صادمة (فيديو)    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    بينهم مصر.. زعماء 4 دول عربية يزورون الصين هذا الأسبوع    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    «من صغري بعشقه».. تعليق مثير من شوبير على مشاهدة إمام عاشور لمباريات الزمالك    مباريات قوية تنتظر الأهلي بعد التتويج بالبطولة الإفريقية    تحرير 1365 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    لليوم الثاني.. تجهيز 200 شاحنة تمهيدا لإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم    محمد عبد الجليل: خط الوسط كلمة السر في قوة الأهلي أمام الترجي    جامعة القاهرة تحصد 22 جائزة فى المجالات الأدبية والعلمية بمهرجان إبداع    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بون سواريه" ..بعد "ولاد البلد" إضافة إلي ألبوم أفلام الحرب والمقاولات
نشر في المساء يوم 09 - 01 - 2011

"بون سواريه" شريط يجمع خليطاً من نمر الترفيه الأكثر انحطاطاً فنياً. انه اعادة انتاج لأردأ أشكال الرقص البلدي التي تسئ لهذا الفن الشرقي وتجعل منه لغة للجسد تبيع بها الغانية وتتربح من ورائه. ومثلها تفعل الراقصة البدينة المحشوة بالسيلكون. والمصبوغة بألوان المكياج الفاقع. الناطقة بأكثر جمل الحوار بذاءة.. ثم الغناء بدوره في هذاپالشريط تعبير عن انحطاط ثقافي ولغوي علي شاكلة "أنا زي البط بحب النط. وزي الوز بحب الهز" تؤديه الراقصة بأداء صوتي وحركي ايحائي لا يفرق كثيراً عن التعبيرات الصوتية لبائعات المتعة داخل حجرات النوم المؤجرة خصيصاً لهذا الغرض.. وهذا المزيج المُخل من الكلمات والألحان والأداء ليس أفضل منه "نمر" الفكاهة التي يؤديها مونولوجست" ثقيل الظل. ثقيل الفكاهة. والثقل المقصود يطول المعني والدلالة ونوع الضحك الذي يبيعه لنا.
لا شيء يُغري علي الكتابة عن هذا النوع الرخيص من الترفيه المرئ غير دلالاته الثقافية والقيمية وبالضرورة الحضارية لأن هذه الأفلام وغيرها علي غرار "ولاد البلد" تجد من يحتفي بها ويدفع ثمن التذكرة للفرجة عليها. وهذا معناه أن قطاعاً ليس قليلاً من جماهير السينما يعاني من أمية الذوق. ومن قلة الحرص علي التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية. وأيضاً قلة الحرص علي تربية صغارهم والارتفاع بذوقهم الفني.
في حديث صحفي لبطلة الفيلم تقول: إن فيلمها شاهدته الأسرة والمحجبات والأطفال. وانه "محترم" جداً وأنها سعيدة به.. وربما تردد باقي البطلات الثلاثة نفس هذا القول.. والدلالة أن الفيلم بهذا المستوي السوقي الهابط يُعبر عن مفهوم سائد للترفيه. ويعكس أسلوباً للتعبير عنه "عن الترفيه" يجده ممثلات الفيلم "محترماً" علماً بأن كثيراً من المشاهد تعكس استخفافاً كبيراً من قبل البطلة التي أصبحت نجمة ومشهورة بالقيم التي تتمسك بها الأسر المصرية أو تدعي التمسك بها. وأنها تخاطب غرائز الناس أكثر من عقولهم.. وعلاقتها بالكلب "لولو" الذي يغير منه زوجها "طلعت زكريا" الذي يعاشر الخادمة الآسيوية في حجرة نومها العارية تحمل من الدلالات ما يثير خيال المتلقي ويقذف به إلي ما ينسجم مع الجو العام للفيلم وطبيعة "الرسالة" التي أنتج لتحقيقها..
ويلخص المنتج في أحد المشاهد التي يظهر فيها شخصياً وظيفة الفيلم بينما يحاول استحالة بطلتيه "هدي": الأنثي الطويلة الفِرعة و"شقيقتها" "عفاف" الشقراء التي أدخلها السينما بفلوسه وليس بموهبتها أو بقوة حضورها. في هذا المشهد يكرس الرجل ويؤكد وجهة نظره في معني الترفيه الذي يؤمن به. ويموله فهو منتج صريح ومباشر وصاحب حظ وله "توليفة" أصبحت معروفة ولها رائحة ولون. تجدها في ولاد "البلد".. وأيضاً في هذا الفيلم. وأحياناً في أفلام أقل سوءاً.
ممثلة مطيعة
لست أتوقع من غادة عبدالرازق غير الطاعة المطلقة والتطويع الكامل لموهبتها ومؤهلاتها كامرأة وأنثي وممثلة قادرة جداً علي التنوع. الطاعة للمخرج ولمقتضيات السيناريو وبنفس الدرجة لا انتظر منها تقييماًً أخلاقياً أو إنسانياً أو فنياً أو أدبياً لأي دور يسند إليها. فهي فنانة متسقة جداً مع نفسها ومع طموحاتها وهي كما نشهد متنوعة وجذابة. ولا أدري إن كان من الحكمة أن نطالبها بدور "ايجابي" أكثر من مجرد الترفيه عن الناس واسعادهم بهذه الصورة التي تراها "محترمة". أو إن كان من المتوقعپأن تستفيد من رأي النقاد فتوجه هذه الطاقة الكبيرة إلي ما يكمن في العقل والوجدان ولا يسئ إلي الأخلاق ويعيب الفن؟!
الكباريه وفنونه
"بون سواريه" اسم "كباريه" يشهد معظم أحداث الفيلم. فهو المكان الذي يجمع النماذج البشرية التي تستعرض شرورها. وخستها الأخلاقية وشرهها المادي. وهو أيضاً الكمين الذي تسقط فيه الشقيقتان "هدي" "غادة عبدالرازق" و"عفاف" "نهلة زكي" اللتان ورثتا هذا المكان عن أب ترك لهما ديناً كبيراً وميراثاً من الكذب والنصب لم يكتشفانه إلا بعد وفاته.
هدي تجد نفسها في مأزق فتندفع إلي المسرح في هذا الكباريه لتقدم أكثر من أغنية بدلاً من النجم الغائب وتشاركها الشقيقة التي تعمل بالمحاماة "!!" فالمال الذي يدره الكباريه يصونها من الضياع المادي ولكنهما يتعرضان بسبب المدير الإداري للكباريه "حسن حسني" إلي مؤامرة تدفع بهما إلي الحبس داخل قسم البوليس والإهانة من ضابط القسم.
الأحداث التي تربط بين المكان وأصحابه وزبائنه والعاملين فيه من مهرجين. وبلطجية. بالإضافة للكومبارس من أولاد البلد "الصعايدة" أو للراقصات. الأحداث مهلهلة ومُلفقة ومجرد شماعة لتقديم كافة فنون التشوهات الإنسانية الشكلية المثيرة للضحك. وللسخرية. أو المثيرة للغرائز. وكلها تقدم في مشاهد وصور نمطية خاملة تكررت في أفلام سابقة. فالفيلم يذكر بأفلام قديمة اصطلح علي تسميتها بأفلام "أثرياء الحرب" انتجت من زمن ما بعد الحرب الثانية. أو بأفلام المقاولات التي عرفناها في السبعينات..
والكباريه كمكان يصلح لأعمال درامية قوية أحياناً. تنتقد وتختزل مرحلة سياسية معينة في ألوان من الفساد والانحطاط البشري مثلما رأينا في فيلم "كباريه" "1972" للمخرج الأمريكي بوب فوس وهو تحفة فنية توجه نقداً لاذعاً لجمهور فايمر الألمانية التي تسيد فيها "الحزب الوطني الاشتراكي" وتدور أحداثه في برلين عام ..1931
أو فيلم "مولان روج" "2001" للمخرج الاسترالي بازليرمان أو فيلم "كباريه بلقان" للمخرج اليوغسلافي جوران باسكالفيتش وكلها روائع سينمائية. وحتي فيلم "كباريه" المصري للمخرج سامح عبدالعزيز. وانتاج السبكي نفسه يعتبر عملاً فنياً جيداً.
وأعتقد أن السيناريو الذي كتبه محمود أبو زيد "العار الكيف" حاول أن يمنح هذا العمل بعض المعني عندما استبدل الكباريه في تركة الأب المتوفي بمصنع "سبح وسجاجيد وبخور.. ومدد يا سيدنا الحسين" وكأن الوجه الآخر للكباريه هو الادعاء بالتدين. واستغلال "أدواته" في التظاهر والنفاق الاجتماعي.. ولكنه أي كاتب السيناريو طمس كل المعاني الايجابية المحتملة وسخر منها في صورة الشقيقة الثالثة "ايمان" مدرسة اللغة العربية التي تحفظ بعضاً من التراث اللغوي من شعر وحكم مأثورة. ولكنه حولها إلي مسخ من خلال الأداء المشوه للممثلة مي كساب.. لقد أفسدت المعالجة النهائية أي لفتة يمكن أن تحمل معني حادا.
ومن دواعي السخرية بهما ان نتعامل مع عمل بلا قيمة مثل فيلم "بون سوارية" بجدية. ورأيي أن العمل التافه الذي يسنده الجمهور دافعو ثمن التذاكر يستحق الالتفات واثارة الرأي العام حوله باعتباره عاملاً من عوامل كثيرة نعاني منها تزيد من علل الجهل وانعدام الوعي وغياب البصيرة.. والمطلوب القاء الضوء علي شكل ترفيهي سائد يقوم بتصنيعه فريق من الممثلين نحبهم أو نحب بعضهم. ونشهد علي موهبتهم. وتبصيرهم أن هذا المفهوم الذي يحكم ويتسيد علي جانب مهم من الانتاج السينمائي خاطيء ومضر. لأنه يعدي ويغري أصحاب رءوس الأموال الذين يرون في صناعة الفيلم "بزنس" وجيها ويحقق الربح ويمكن أن يكون واجهة لنشاط أقل قيمة وأقل شهرة.
وشركة السبكي للانتاج الفني تلعب دورا ملموسا في مجال الاعلام الجماهيري عبر وسيط الفيلم وبمقدورها أن تسهم دون خسارة كبيرة في دعم صناعة السينما بأفلام أقل بذاءة وأقل انحطاطا فنيا ويا ريت لايظهر فيها أبناء أو صاحب الشركة هكذا عمال علي بطال في الشاشة فوراء الشاشة متسع لجميع أفراد الأسرة. خصوصا اننا لم نلمح المؤهلات التي تبرر هذا الظهور لا من حيث الشكل. ولا الموضوع.
لقد حوي فيلم "بون سواريه" أسوأ نموذج لضابط الشرطة من حيث الهيئة والاداء. وأسوأ "خلقة" أستغفر الله لعسكري البوليس.. وبمناسبة الأسوأ فالاداء التمثيلي هو الأسوأ لغادة عبدالرازق التي "استحلت" اطراء الرجال لجمالها واقبالهم عليها فأرادت أن تستعرض وأن تقوي ايمانهم بهذه الهبة الربانية.
أيضا أسوأ نماذج التهريج وأسوأ أنواع الاضحاك وأسوأ. وأسوأ.. والقائمة تطول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.