مثلث ماسبيرو يعيش فوق فوهة بركان.. فمع أول زلزال سوف تنهار كل المنازل فوق رءوس سكانها فهناك الحال لا يسر عدواً ولا حبيباً فالبيوت متهالكة والجدران متآكلة والشروخ تنذر بكارثة فهذه المنطقة التي تقع في فناء مبني الاذاعة والتليفزيون ماسبيرو يسكنها أكثر من 30 ألف نسمة يعيشون في منازل غير آدمية معظمها آيل للسقوط حيث إن مبانيها بالحجارة الجيرية والأسقف عبارة عن عروق من الخشب والصفيح أما من الداخل فهي مقسمة لحجرات ضيقة لا تزيد مساحة كل منها علي 2 متر*2متر ولا يوجد بها منفذاً للهواء ومع ذلك يعيش في كل حجرة ما لا يقل عن 6 أفراد يشتركون جميعاً في دورة مياه واحدة أو يستخدمون دورات مياه المساجد المجاورة لهم ومع ذلك هم يفضلون هذه المعيشة والموت أرحم عندهم من ترك منطقة ماسبيرو وكل أمانيهم أن يتم تطوير هذه المنازل بالاحلال والتجديد ولكن لا للتهجير حيث إن المنطقة تزيد مساحتها علي 72 فداناً يريدون ان يعشوا علي 10% من مساحتها. وعلاوة علي ذلك فهم يعيشون معاناة حقيقية نتيجة لعدم توافر أبسط الخدمات والمرافق فلا يوجد مستشفي أو مستوصف صغير لعلاج أبناء هذه المنطقة ولا حتي المدارس بجميع مراحلها والأدهي من ذلك والأمر لا يوجد مخبز بلدي واحد مما يضطرهم إلي شراء الخبز السياحي والرغيف ب20 قرشاً. ذكريات أليمة تجولت عدسة "المساء" داخل منطقة مثلث ماسبيرو ورصدت كل ألوان المعاناة التي يعيشها الأهالي والذكريات الأليمة التي مر بها عواجيز هذه المنطقة في ماضيهم والمستقبل المعتم الذي ينتظر أطفالها ولا يبشرهم بحياة أفضل فكل مشهد للمنازل المتهالكة هناك يرتبط بذكري أليمة لكل من فقد عائلته أو أبويه أو أبناءه تحت الانقاض.. وكل هذا والحكومة ومسئولو محافظة القاهرة لا يحركون ساكناً. أكد الأهالي أنهم لن يتركوا منازلهم ولن يسمحوا للمحافظة بهدمها والحل الوحيد الذي يقبلونه هو تطوير المنطقة وترميم المباني القديمة وخاصة بعد أن أصدرت محافظة القاهرة قراراً بتشكيل لجان لبحث حالة 156 منزلاً واتخاذ الاجراءات اللازمة سواء بالتنكيس أو الترميم أو الهدم. قال جمال عامر ومحمد عباس "عضوا رابطة مثلث ماسبيرو": لقد تقاعست محافظة القاهرة عن تنكيس وترميم منازلنا منذ سنوات طويلة حتي تهالكت وتآكلت جدرانها وانهارات بعضها فوق رءوس ساكنيها وكانت آخر حادثة انهيار منزل بأكمله علي أسرة مكونة من 5 أفراد ماتوا جميعاً تحت الانقاض هذا بخلاف حارة محمد قاسم التي انهارت جميعها سوي منزلين فقط والآن تفاجئنا المحافظة بقرارات هدم وتنكيس وترميم. أضافوا: نريد أن نتساوي بسكان منطقة زينهم الذين استجابت لهم الحكومة في عصر الرئيس السابق ولأن سوزان مبارك هي التي تبنت مشروع التطوير تم تنفيذ جميع مطالب السكان أما نحن فمطالبنا مرفوضة.. ألسنا بشراً مثلهم ولنا حق علي الدولة؟! جراجات التليفزيون قال محمد فارس وسيد رجب "من سكان المنطقة": ولدنا بهذه المنطقة وعشنا عمرنا كله فيها ومعظم أشغالنا وأعمالنا هنا فكيف لنا بعد هذا العمر أن نذهب لنقيم بأماكن أخري مثل الواحات وغيرها؟! أضاف: رحلت الحكومة منذ عدة سنوات بعض الأسر وهدمت منازلهم من أجل استغلال الأرض المقامة عليها لعمل جراجات اتحاد الاذاعة والتليفزيون وبناء سور كبير لها والذي أطلق عليه الأهالي "بناء يأجوج ومأجوج" نظرا لانه تسبب في هدم محلاتهم والورش التي كانوا يرزقون منها وغيرها. شعبان سلام "مأذون المنطقة" وحسني عبده كامل: نعيش في هذه المنطقة منذ عشرات السنين ونعاني من قلة الخدمات والمرافق التي ينعم بها سكان المناطق النائية والموجودة علي أطراف القاهرة. فلا يوجد لدينا مياه شرب داخل المنازل ومعظم أهالي المنطقة يعتمدون علي حنفيات الشرب الجماعية التي توضع في الشوارع ولا صرف صحيا ولا انارة للطرق ولا يوجد مخبز بلدي واحد ومعظم أصحاب المحلات والجزارين هجروا المنطقة لعدم شراء الأهالي منهم لأن معظم الأسر معدومة وتحت خط الفقر. حسام أحمد وباسم سيد علام "من السكان" مساحة منطقة مثلث ماسبيرو تزيد علي 72 فداناً المنازل فيها متناثرة بسبب كثرة الهدم لذلك نطالب أن يتم بناء وحدات سكنية لنا علي مساحة 10 أفدنة منها وهذا يكفي عدد السكان الموجودين أما باقي المساحة فأخذها المحافظة وتفعل بها ما تشاء أما أن نترك المكان فهذا علي جثثنا. شوارع ضيقة محمد بدر محمد وفتحي الأسيوطي "من السكان": كلنا فقراء وأطفالنا مشردون بالشوارع ولا يعيشون حياة كريمة حتي أنهم لا يجدون أماكن يلعبون بها فالشوارع ضيقة للغاية لا يزيد عرضها علي متر ونصف المتر ولا يوجد بالمنطقة ناد أو مركز شباب ولا حتي ساحات شعبية لذلك قام عدد من الشباب باصلاح جزء من أحد المنازل المنهارة ووضعوا به "ترابيزة بلياردو" لكي يخرجوا فيها طاقتهم حتي المدارس بجميع مراحلها فقد حرم منها أبناء منطقة مثلث ماسبيرو ويذهبون للمدارس بالمناطق البعيدة ما يعرضهم للخطر. أما مصطفي صبحي الذي فقد 5 من أفراد أسرته عندما انهار منزله فقال: حصلت علي شقة بعدما انهار منزلنا بمنطقة الواحات التي تبعد عن القاهرة بحوالي 60 كيلو ومع ذلك أحضر يومياً ومعي أولادي وزوجتي لمنطقة بولاق أبو العلا من أجل عملي لأنني أخشي أن أتركهم في هذا المكان الذي لا يسكن فيه أحد والمشكلة الأكبر هي تكلفة المواصلات اليومية للقاهرة وهي تزيد علي 20 جنيها في حين أن يوميتي لا تزيد علي 30 جنيهاً.