د.محمد صابر عرب وزير الثقافة أصدر قرارا بتكوين لجنة عليا للنشر من هيئات الوزارة التي يعد النشر ضمن أنشطتها.. مهمة اللجنة الجديدة هي تنظيم عملية النشر بحيث لا يصدر سوي كتاب واحد لكل مؤلف في السنة الواحدة ولا تتعدد عمليات النشر بتعدد النشر في هيئات الوزارة. يري يوسف الشاروني انه إن حدث واتفقت الهيئات الحكومية المعنية بالنشر علي هذه القاعدة فمعني ذلك ان الكاتب خلال ثلاثين سنة من حياته لن يتاح له ان ينشر أكثر من عشرة كتب مما يصيبه بالإحباط وإرغام الكتاب علي اللجوء إلي القطاع الخاص الذي يستولي معظمه ولا أقول كله علي أموالهم ولا يعرفون عدد النسخ المطبوعة وعلي سبيل المثال فأنا نشرت حتي الآن 60 كتابا خلال خمسين عاما أي أكثر من كتاب في العام ونتيجة لذلك حصدت الجوائز المصرية والعربية ووجدت من يقرأني من الصين غربا حتي أوروبا وأمريكا ومن يترجم قصصي إلي أكثر من لغة بل ان تحصل أستاذة بريطانية علي درجة الدكتوراه في قصصي ولما كان عمري الآن 87 عاما فمعني ذلك انني سأواصل نشر كتبي بعد وفاتي كل سنة كتاب. في تقدير د.جمال عبدالناصر إن الحل بهذه الصورة عبثي لأنه يعمل علي تحجيم الإبداع فأية عملية إبداع هي تواصل مع الآخرين وان صادف وكان للمؤلف أكثر من كتاب لدي أكثر من هيئة لا أتصور انه ينتظر ان يحصل علي دوره ثم يضيع عليه ما كتبه حينما كان عليه ان يكتب في ظاهرة ما أو في أمر ملح وفي تلك الحالة يضيع عليه جهده.. ظاهر الأمر يعني ترشيد وتحقيق العدالة بين المؤلفين لانهم يتخيلون أن المؤلفين الكبار هم من المعارف أو من يملكون النفوذ بما يتيح لهم ان ينشروا في مجالات أخري غير وزارة الثقافة لكن لابد ان يكون الإبداع حرا وطليقا أما هذا المقترح فيؤدي في النهاية إلي تعطيل المواهب وتعطيل العملية الإبداعية برمتها إلا إذا كان الاتجاه ان ينشر الكاتب أو المبدع علي نفقته الخاصة أي ان الدولة ترفع يدها عن الدعم وهذا اتجاه الدولة في هذه المرحلة علي كافة المستويات وإذا كان هذا ممكنا في بعض المجالات فإن الإبداع يجب ألا يخضع للمادة أو الوقت أو القرارات الحكومية. فكرة ترشيد الثقافة -في تقدير الشاعر عيد عبدالحليم- أمر ضروري وبخاصة في اللحظات الصعبة التي تمر بها بلادنا لكن أظن ان القرار شكلي بأكثر من ان يكون قرارا سينفذ لأن السنوات السابقة كانت تدور حول الشللية والمحسوبية التي تلعب دورا كبيرا داخل هذه الهيئات المسئولة عن النشر فبعض الموظفين أدباء ينشرون في تلك الهيئات أكثر من عمل وكذلك الأعمال الكاملة التي قد تصل لعشرة دواوين في حين ان المبدعين الحقيقيين يأخذون من قوت يومهم ليضعوا عملا إبداعيا لهم ونجد ان القطاع الخاص لا يراعي حرمة الأدب ويتعامل مع الأمر بشكل سلعي ومن جانب آخر هناك شيء غير صائب فنحن نريد نشر آلاف الأعمال الإبداعية لكن ميزانية النشر هي الأقل دائما داخل المؤسسات الثقافية التابعة للوزارة فلو أخذنا ميزانية النشر بهيئة قصور الثقافة التي تنشر العديد من السلاسل والمجلات لا تتعدي ثلاثة ملايين جنيه.. هناك أموال تنفق علي الاحتفالات والمناسبات وكنا نري ان فاروق حسني يهدي هذه الاحتفالات وكان الإنفاق ببذخ علي الضيوف العرب والأجانب ونحن نري في د.صابر عرب محبا للثقافة الحقيقية فهو رجل يعرف مقدار الثقافة وأهمية الكتاب لأن المبدع لا يحتاج إلي احتفالية لكنه يحتاج إلي ان ينشر كتابا له أو يقرأ كتابا مفيدا من هنا أرجو إعادة النظر في ميزانيات النشر وميزانيات الاحتفالات التي تقام في مناسبات لا يشعر بها أحد سواء من المبدعين أو من متعاطي الثقافة. ويبادر الشاعر بدر بدير بالقول: أنا لم أستفد من أي شيء هذا يكون أكثر عدلا ثمة من ينشر من أدباء الأقاليم أكثر من مطبوعة ضمن مشروعات النشر داخل الوزارة وهذا بالطبع يقلل فرص النشر للآخرين وكذلك لا يتم التوزيع العادل فالكتاب يرجع إلي المخازن ولا يتم تحقيق الهدف من النشر وهو التوزيع والقراءة.. هذا القرار صائب رغم أني -شخصيا- لم أفد من أي هيئة من هيئات وزارة الثقافة في مجال النشر. المسألة -في تقدير الناقد عبدالغني داود- ليست عددا لكنها لابد ان تحسب بالجودة وأيضا علينا ان نعرف ان هناك كتابا فاتهم وقت طويل جدا لم ينشروا وقد تراكم لديهم الكثير من الأعمال وصدور مثل هذا القرار سيظلمهم وإن كان من حقهم ان ينشروا أكثر من كتاب. أرجو ان يتحقق نوع من العدالة في النشر فما سيحدث يعني المصادرة علي الإبداع وأعتقد انهم لابد ان يعيدوا النظر في هذا الأمر لأنه لا يعني الترشيد بقدر ما يعني ان هناك من المبدعين الذين احتكروا النشر في هيئات وزارة الثقافة ونحن نجد أسماء تنشر أكثر من ثلاثة كتب في سلاسل وزارة الثقافة وهنا أشدد علي ضرورة العدالة وعلينا ان نشجع الأدباء الشباب لأنه -للأسف- لن يتاح لهؤلاء الأدباء فرصة نشر كتاب واحد لهم ومن ثم يتجهون إلي النشر الخاص وهو مكلف جدا كذلك فإنه علينا ان نراعي ان هناك جهات حكومية أخري تنشر مثل دار المعارف وروزاليوسف ودار الهلال. أخيرا فإن القرار أو الفكرة أو الأمر يحتاج للتريث وللمزيد من الدراسة لأنه لابد لهذا القرار ان يقترن بالعدالة في النشر.