"كانت أيديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي، مزقوا ملابسي واعتدوا عليَّ بأيديهم.. وقعت بوجهي على الأرض، وفوجئت بعدد كبير من هؤلاء البلطجية فوقي، يتحرشون بي مرةً ثانية ويعبثون بكل مناطقي الحساسة.. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة وظللت أصرخ إلى أن فقدت الوعي.. لم يكونوا يحاولون أن يضربوني، ولكنهم كانوا يعتدون عليَّ جنسيًّا، وكانوا يمزقون ملابسي بكل وضوح، وانتهى بي الأمر وأنا عارية تقريبًا، سحلونى وألقوا بي على الرصيف أمام جميع الضباط"، هذه ليست قصة قصيرة وإنما شهادة للزميلة الراحلة نوال علي للمنظمات الحقوقية على خلفية تعرضها للاعتداء قبل 11عامًا من الآن. "الأربعاء الأسود" كما عرف إعلاميًا 25 مايو 2005، سيظل وصمة عار تلاحق نظام مبارك وداخليته، حيث شهد هذا اليوم تحرشًا واعتداءات ممنهجة ضد النساء المشاركات فى الوقفة التى دعت لها حركة "كفاية" على سلالم نقابة الصحفيين، احتجاجًا على التعديلات الدستورية التي كان نظام مبارك بصدد تمريرها تمهيدًا لتوريث حكم مصر لابنه جمال.
الصحفية نوال علي، كانت إحدى ضحايا تلك الاعتداءات الممنهجة، رغم أنها لم تكن مشاركة بالوقفة وتصادف وجودها هناك بسبب حضورها دورة تدريبية ترعاها نقابة الصحفيين، وبعد مشادة مع أحد ضباط الأمن الذي حذرها من الصعود للنقابة، رفضت نوال وأصرت على الصعود.
وفور بدء "كفاية" مؤتمرها الصحفى، أعطت الشرطة إشارة البدء ودفعت بالمزيد من البلطجية، الذين اقتحموا مكان تظاهرة كفاية على سلالم النقابة، واعتدوا بوحشية على المتظاهرين والمتظاهرات بشكل خاص، حيث تم تجريد بعضهن من ملابسهن.
وطالت الاعتداءات ناشطات وصحفيات أخريات بالإضافة، إلى عبير العسكرى وشيماء أبو الخير، ولم تتدخل الشرطة لوقف الاعتداءات رغم صرخات النساء اللاتي تم التحرش بهن أمام عشرات المراسلين الأجانب، حيث كانت الشرطة منشغلة باعتقال المتظاهرين.
وقد سعت نوال وزميلاتها من ضحايا تلك الاعتداءات للتقدم ببلاغ للنائب العام بواقعة الاعتداء، وبعد تطويل وتسويف قرر النائب العام عبد المجيد محمود، بتاريخ 27 ديسمبر 2005، حفظ التحقيق في بلاغ نوال (وبلاغات زميلاتها) "لعدم الاستدلال على الفاعل"، الأمر الذي دفعها للجوء فيما بعد لتقديم شكوى إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فى مايو 2006.
وكانت واقعة الاعتداء نقطة تحول فى حياة نوال دفعتها للمشاركة فى كل الوقفات الاحتجاجية ضد ممارسات نظام مبارك، برغم إصابتها بمرض السرطان، الذي أودى بحياتها فى نوفمبر 2009.
وبعد 8 سنوات من الواقعة وتحديدًا فى مارس 2013، حكمت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، بإدانة الحكومة المصرية في قضية الاعتداء على الصحفيات في أحداث ما عرف ب"الأربعاء الأسود"، كما حكمت اللجنة بفتح التحقيق مرة أخرى في هذا الحادث، وأقرت انتهاك مصر للميثاق، وحكمت بتعويض مادي لكل ضحية بمبلغ وقدره 57 ألف جنيه، إلا أن نوال قد رحلت وبقيت حكايتها تطارد الجناة للأبد.
زوج نوال "محمد مجدي" قال إن حكم التعويض لم يرضه، وإنما يريد محاكمة الجناة الذين تسببوا فى هذه الواقعة، مؤكداً أن زواجه من "نوال" جاء عقب حادثة النقابة، وأنها كانت متزوجة حينها من ابن عمها "كادر بالحزب الوطنى بمحافظة بنى سويف" والذي خضع حينها للتهديدات التى تلقاها من قياداته؛ لإجبارها على التنازل عن البلاغ وعدم تصدر قصتها للرأي العام.