قامت الثورة لتفجر أفضل ما بداخلنا، فلم تخرج حتى الآن إلا أسوأ ما فينا..! فنحن نهدم بأيدينا أفضل ثورة تلقائية انطلقت لتعيد كرامة الإنسان المصرى وتطالب بالعدالة والحرية له. فما هذا الذى نفعله بالثورة، ولماذا نهدم بأنفسنا ما هو فى صالحنا ومن أجلنا؟. إن سلوكيات الشارع المخيفة هى أكبر ثورة مضادة ضد الثورة، فقبل ساعات حاول طبيب فى قسم العطارين بالإسكندرية دهس ضابط أراد إيقافه عن التجاوز بالسير عكس الاتجاه، وهى الظاهرة التى أصبحت قاعدة منذ الثورة، وأصبح السير عكس الاتجاه مباحًا حتى فى الطرق السريعة وعلى مرأى ومشهد من الجميع . ولم يكن سلوك هذا الطبيب فرديًا كما قد يقول البعض، فالسلوك الجماعى المتطرف والخارج عن القانون أصبح سائداً، ولا يمر يوم الآن دون أن يكون هناك تجمع لبعض الأهالى لمنع القطارات من المرور أو لقطع الطرق وتحطيم السيارات المارة، وإلقاء الحجارة عليها. وأصبحت حوادث السرقة بالإكراه تحت تهديد الرشاشات أمرًا معتادًا، وحادث شرم الشيخ قبل أيام قليلة، والذى راح ضحيته أحد السائحين الفرنسيين وإصابة آخر ألمانى، ومقتل اثنين من المصريين نتيجة إطلاق الرصاص أثناء عملية سرقة هو وصمة عار جديدة تضرب السياحة فى مقتل بعد أن كانت هناك بوادر انتعاش وعودة إلى تدفق السائحين. ثم ما هذه الاعتصامات القائمة أمام ماسبيرو حالياً؟ هل تريد الثورة تكرار أخطاء العام الأول بالاستمرار فى الاعتصامات والاحتجاجات والمليونيات التى جعلت الناس تنسب للثورة وتحملها أسباب الغياب الأمنى والتراجع الاقتصادى. إن الناس لا تتقبل كثيرًا فكرة الاعتصام لإجبار المجلس العسكرى على أن يقوم الآن وعلى الفور بتسليم السلطة. فالناس لا تتفهم سر هذا الإصرار غير المبرر، خاصة أن الانتخابات الرئاسية على الأبواب وتسليم السلطة بشكل سلس وتدريجى سيتم بنهاية يونيه القادم. والناس على ثقة بأنه حتى لو قام المجلس العسكرى بتسليم السلطة فإن المليونيات والاعتصامات لن تتوقف وستظهر مشكلة وقضية جديدة مفتعلة، لأن القضية الحقيقية ليست فى المجلس العسكرى ولا فى عودة العسكر للثكنات ولا فى التأخر فى تنفيذ مطالب الثورة ولا فى العدالة العاجلة، وهو التعبير الغريب الذى يستخدم والذى لا يعنى إلا الانتقام ..! القضية تعود وترجع إلى أن بعض ائتلافات الثوار تشعر بأنها قد قامت بالثورة وأنها ذهبت إلى آخرين، وأنهم قدموها على طبق من ذهب لغيرهم من أصحاب التيارات الإسلامية. القضية ببساطة هى أنهم لا يقبلون ذلك، ولهذا هم أيضا يشاركون فى هدم الثورة..! [email protected]