على الرغم مما يبدو خلال الأسابيع الماضية من توجه قطاع واسع من التيار السلفي إلى دعم ترشح حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية ، إلا أن عددا من رموز الدعوة السلفية كشفوا للمصريون عن أن المسألة لم تحسم حتى الآن ، وهناك إحساس متزايد بخطورة المغامرة بالدفع بمرشح سلفي لهذا المنصب ، باعتبار أن هذه اللحظة التاريخية لمصر لا تحتمل هذا التوجه ، كما أن القوى السياسية تتجه نحو التوافق حتى يمكن تجاوز المرحلة الانتقالية الرخوة بأمان ، وهو ما لا يستقيم مع طرح مرشح سلفي للمنصب ، خاصة بعد هيمنة الإسلاميين على غالبة مقاعد البرلمان الجديد . غير أن الروح العاطفية دفعت كثيرا من قيادات التيار السلفي إلى إعلان تأييد أبو إسماعيل ، ففى لقاء له على قناة "الحكمة" وصف الدكتور أحمد فريد (أبو إسماعيل) قائلا: "أنه أولى الناس بهذا المنصب، وهو جدير به". وكان ذلك ردًا على سؤال لأحد المشاهدين: "لما لا تعلنون رسميًا دعمكم ل حازم أبو إسماعيل"؟ فخاطب فريد وهو واحد من أشهر رموز الدعوة السلفية بالإسكندرية مستمعيه: "بالنسبة لى أنا معروف رأيى بالنسبة للشيخ حازم، أنا أحبه وأرشحه، وأرى أنه أولى الناس بهذا المنصب وهو جدير به". ثم استطرد موضحًا موقف الجماعة، قائلا: أما بالنسبة ل "الدعوة السلفية" فهى قالت إنها تنتظر إلى أن يغلق باب الترشح للرئاسة فإذا أغلق فإنها ستختار أكثر المرشحين التزمًا بالشرع ونصرة لدين الله. ثم تابع: "وأنا أظن أن الشيخ حازم أكثر الموجودين التزامًا بالشرع، وهو يصرح بتطبيق الشريعة من غير مداهنة ولا مواربة". ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها أحد شيوخ "الدعوة السلفية" ممتدحًا الداعية حازم أبو إسماعيل. ففى لقاء على قناة "الجزيرة مباشر" تحدث عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمى باسم الدعوة قائلا: "لو كان الكلام عن شرط (الهوية الإسلامية) وحدها وهو واحد من بين 3 شروط وضعها للمرشح الذى سينال دعم الجماعة وثانيها الكفاءة والنزاهة هيكون حازم أبو إسماعيل هو رقم واحد، وبفارق كبير جدًا عن الآخرين"، وإن كان كلام الشحات يعني أن هناك شروطا أخرى ينبغي توافرها ، وهو ما يفتح الباب أمام وجود اجتهادات متعددة داخل التيار السلفي تجاه أبو إسماعيل . وكان الشيخ ياسر برهامى قد سُئل بشأن موقف الدعوة السلفية من تأييد الشيخ "حازم صلاح أبو إسماعيل"، وذلك فى أعقاب إعلان د.حازم خوض المنافسة مباشرة وقبل أشهر من الانتخابات البرلمانية. فرأى أنه "أفضل من طُرح اسمه لمنصب الرئاسة"، لكنه وقتها قال إنه يفضل التشاور قبل اتخاذ القرار، وهي إشارة أخرى مهمة على أن الأمر لم يحسم بعد في المحيط السلفي ، وبعد انتهاء مؤتمر جماهيرى كان قد نظمه الشيخ أحمد المحلاوى وعدد آخر من الدعاة فى الإسكندرية لحازم أبو إسماعيل قام الأخير وبصحبة الشيخ أحمد فريد بزيارة الشيخ ياسر برهامى فى منزله لكن لم يعلن شيئًا عن تفاصيل اللقاء. ويعد الشيخ أبو إسحق الحوينى من أوائل الداعمين لأبو إسماعيل منذ أعلن ترشحه للمنافسة على المنصب، وكان دائمًا ما يذكره ممتدحًا فى لقاءاته التى تبثها القنوات الدينية. وفى أحد لقاءاته خاطب الحوينى مستمعيه، قائلا: "أنا أقول للدنيا كلها انتخبوا الشيخ حازم أبو إسماعيل". هو رجل صالح، وفاضل، ويريد أن يربط الدولة بالدين، وبالحلال والحرام. وأضاف متمنيًا: "ياريت (يا ليته) ينجح، أنا أصلى لله عز وجل وأسجد، ولو كانت لى دعوة صالحة لدعوته لمثله أن يعينه الله". ثم توجه بالدعاء: "أسأل الله أن يمكن الشيخ حازم، وأن ينصره، وأن يرفع مناره، وأن يحكم مصر". وإلى جانب القبول الذى يحظى به نجل الشيخ صلاح أبو إسماعيل أحد الرموز التاريخيين للإخوان المسلمين وصاحب السمعة الطيبة لدى جميع المنتمين للحركة الإسلامية فى مصر لدى شيوخ الدعوة السلفية، ومن بينهم: الشيخ أمين الأنصارى، والدكتور حازم شومان، والدكتور محمد على يوسف المتحدث باسم ائتلاف الدعوة الإسلامية وأحمد خليل خير الله عضو اللجنة العليا لحزب النور والنائب عن الحزب . يتمتع الرجل بدعم عدد كبير من الرموز الإسلامية على رأسهم: الشيخ أحمد المحلاوى، والشيخ وجدى غنيم، والدكتور خالد سعيد "المتحدث باسم الجبهة السلفية". والشيخ أشرف عبد المنعم. والدكتور محمد عبد المنعم البرى – الرئيس الأسبق لجبهة علماء الأزهر – الذى يقول: "يجب أن تلتف الأمة حول رجل يتصف بالصدق والإخلاص والأمانة مثل الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل". وإلى جانب الشخصيات والرموز الإسلامية، هناك عدد من القوى والأحزاب السلفية أعلنت هى الأخرى دعمها أبو إسماعيل، وعلى رأس هؤلاء تبرز "الجبهة السلفية" التى تشكلت فى أعقاب الثورة من عدد كبير من الدعاة والشباب السلفيين ففى تصريح له قال الدكتور خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة إن أبو إسماعيل هو مرشحنا للرئاسة، وسوف نقف معه فى حملته الانتخابية، وأضاف أن الجبهة سوف تنظم العديد من المؤتمرات الشعبية فى مختلف محافظات الجمهورية لدعمه. ودائمًا ما تعلن قيادات حزبى "الأصالة" و"الفضيلة" السلفيين تأييدهما لحازم صلاح أبو إسماعيل. لكن للدكتور أحمد النقيب رئيس الأكاديمية السلفية بالمنصورة وأحد أبرز الدعاة السلفيين موقفًا مغايرًا، فبالرغم من كونه أحد المؤيدين بشدة ل أبو إسماعيل إلا أنه أرسل له رسالة يطالبه فيها بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية، وذلك: "حفاظًا عليه كقيمة إسلامية، وحفاظاً على تاريخه، وجهاد والده" من "هذه البيئة السياسية المسممة". وفى رسالته، قال الدكتور النقيب: فى ضوء تعالى الصوت الديمقراطى على الصوت الإسلامى المجرد، وفى سياق مزاحمة أصحاب الهوية الإسلامية الخالصة، لاسيما أصحاب المشاريع الحضارية الإسلامية الراقية نرى صعوبة ترشيح الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وأيضاً حفاظاً عليه كقيمة إسلامية، ولِمَا لَهُ ولوالده، عليه رحمة الله، من تاريخ وجهاد عريق. وأضاف نعم، لا نجد أحداً ممن سُمّوا للترشيح فى هذا المنصب أفضل ولا أزكى منه، لكننا فى ضوء هذه الحياة السياسية نرجو من أخينا ألاّ يسمح لأحد أن ينال منه، أو يزاحمه بباطل، أو يدفعه إلى باطل. وانتهت الرسالة برجاء الدكتور أحمد النقيب أن يسحب الشيخ حازم ترشحه من هذا المضمار المعوج، والله يعوضه ويخلف عليه بالخير. ولد محمد حازم صلاح أبو إسماعيل عام 1961. وهو محام بالنقض وصاحب مكتب معروف للمحاماة وسط القاهرة. وله مرافعات فى قضايا شهيرة منها المحاكمات العسكرية للإخوان التى كان يلفقها نظام مبارك لقيادات الجماعة. وهو عضو سابق بمجلس نقابة المحامين ضمن لجنة الشريعة، ومرشح سابق لانتخابات مجلس الشعب. وأبو إسماعيل داعية إسلامى ومتحدث جيد فى قضايا الدعوة والفكر الإسلامى. وهو نجل الشيخ صلاح أبو إسماعيل أحد علماء الأزهر الشريف وداعية إسلامى معروف وأحد أعلام جماعة الإخوان المسلمين.