يبدو أن القرارات المؤلمة التي تحدث عنها رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل منذ بضعة أسابيع تدل على أن السيد رئيس وزراء رجل مبروك، فالرجل المبروك يطلق- كما نعرف- على الرجل الطيب المكشوف عنه الحجاب، لأنه يرى بقلبه قبل الآخرين، فقد ثبت بالدليل شبه القاطع أن القرارات المؤلمة التي تحدث عنها رئيس الوزراء عفويا تتجاوز ما ظنه بعض حسني النية أنها قرارات متعلقة بموضوع ترشيد الدعم وارتفاع الأسعار، ولم يدرك أحد أن القرارات تتجاوز المنظور إلى مساحات واسعة وغير محدودة داخليا وخارجيا، فهل كان رئيس الوزراء حسن النية فعبر عن حزمة من القرارات التي وصفها بالمؤلمة في حينها للتبسيط والتخفيف من وقع المفاجأة لحماية مرضى القلب وخشية من رد الفعل تراجع عن المضمون الذي فهم منه ظروف معيشية أسوأ للطبقة الوسطى والفقراء والأكثر فقرا ؟، أم هل كان رئيس الوزراء يقصد أنها قرارات كارثية ولكنه للتخفيف من وطأتها على جمهور المتضررين وصفها بالمؤلمة فحسب رفقا بالجميع ؟. تعالوا نقرأ ما حدث وندقق النظر في ترتيب تلك الأحداث المتلاحقة ترتيبا تصاعديا منذ صدور هذا التصريح سالف الذكر على النحو التالي، لنرى ماذا تحقق منه، وماهي الأحداث المنتظرة وفقا للمقدمات: ارتفعت في أسعار الخدمات بصورة ضخمة مثل أسعار المياه والغاز والكهرباء، وتصاعدت معها أسعار السلع الأخرى بشكل جنوني. ونقصت المواد التموينية وتأخر صرفها لبضعة أشهر. وبدأت شكوى الفلاحين من نقص مياه النيل وتبوير الأراضي الزراعية ونقص مياه الشرب وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي. وارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة تعادل 14 % في السعر الرسمي في البنوك، أما في السوق الموازية فقد بلغ الدولار أرقاما قياسية تجاوت أحد عشر جنيها في حركة بندولية غير مستقرة. وتنازلت الحكومة المصرية للحكومة السعودية عن جزيرتي تيران وصنافير في الخباثة دون احترام لأبسط قواعد القانون والدستور، وما على المعترض إنا الذهاب إلى المعتقل صاغرا أو إلى مستشفي الأمراض العقلية. ثم أعقبها اقتحام نقابة الصحفيين ومحاصرتها بفرق البلطجية والمشبوهين وأرباب السوابق، وتوجيه كل أنواع السباب وأقذع الألفاظ لكل من يكشف حقيقة الجزر وملكيتها أو السيادة عليها. لنصل في المحطة ما قبل الأخيرة لاحتراق سوق الرويعي المجاور لمطافيء القاهرة واستمراره لمدة ثمانية عشر ساعة، ثم إعلان أحد كبار المسئولين في محافظة القاهرة عن ضرورة إخلاء المنطقة ونقل التجار لمكان آخر لتحويل المنطقة إلى ظاهرة حضارية. وامتداد موسم الحرائق إلى سوق الغورية القريب من ميدان العتبة وعشر سيارات لإطفاء الحرائق في المحلات والمخازن في مواقع متعددة في آن واحد، فهل هذا يعد من القرارات المؤلمة ؟ وكيف نفسر هذه الأحداث المتلاحقة خلال فترة لا تتجاوز بضعة أسابيع ؟. التفكير العشوائي الذي يدغدغ عواطف العامة يقول إن هذه الأحداث نتيجة مؤامرة أمريكية وأوربية وإخوانية بينما تبقى نتائج التحقيقات حبيسة الأدراج ليتذرع المسئولون بمليون سبب وسبب لعدم كشف الحقيقة للمواطن حتى لا تستغل المعلومات أهل الشر !!!، أما التفكير العلمي الذي ينتهجه أصحاب العقول فسيعتمد على أدوات بحث مهنية وكفاءات بشرية تتمتع بالنزاهة والمصداقية، وسيطلب هؤلاء مهلة قصيرة حتى لا يستبقوا نتائج التحقيق ثم يعلنوا الحقيقة بشفافية كاملة خلال فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز بضعة أيام وهو أبعد ما يكون عن دوائر صناعة القرار، أما أصحاب المنطق الرصين فلن يملوا من طرح التساؤلات عن كيفية تراكم تلك الأحداث والحرائق بشكل متتابع وبإهمال وتقصير غريب ؟، ترى من هم المستفيدون الأول والثاني والثالث إلى آخر عقد المستفيدين ؟ وما علاقة ذلك بمقولة أحد المسئولين في محافظة القاهرة عن تفريغ منطقة وسط القاهرة وسوق العتبة بتحويلها إلى ظاهرة حضارية ؟ وهل معنى ذلك أن الحكومة وفرت أماكن بديلة قبل بداية مسلسل الحرائق ؟ وهل هناك – في الأدراج-عرض استثماري مغر للمنطقة ؟ وما ذنب التجار وأصحاب المخازن والمحلات في العتبة والغورية يا قاطعي الأرزاق ؟ وما علاقة الظاهرة الحضارية بالحرائق وخراب البيوت ؟ إن الإدارة العنترية لشئون البلاد ليست سوى إدارة عشوائية التي تعتمد على البركة ودعاء الوالدين وعلى المصادفة والتخمين والغرور، سوتوصل البلاد للطرق مسدود ندعوا الله أن يجنب البلاد والعباد نتيجته الحتمية، قولو : آمين.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.