مدرعات وعساكر أمن مركزي ورجال أمن بزي مدني ولواءات شرطة, مشهد مستمر منذ ثلاثة أيام في محيط نقابة الصحفيين وتطور باقتحام الشرطة لمقر النقابة هو الأول منذ إنشائها, والقبض على الزميلين عمرو بدر رئيس تحرير بوابة يناير ومحمود السقا الصحفي, بتهمة اعتراضهم علي بيع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين لصالح المملكة العربية السعودية وتقليب الرأي العام ضد النظام . هذه المشاهد المستمرة على أرض الواقع حتى الآن تعكس احتفال مصر باليوم العالمي لحرية الصحافة، التي باتت مهدرة في مصر وأصبح صحفيوها يعانون القتل والاعتقال وتكميم الأفواه بل والمنع من التواجد داخل نقابتهم, مع استمرار اعتصام الصحفيين بمقر النقابة حتي الآن. ووضع تقرير مراسلون بلا حدود لمؤشرات حرية الصحافة لعام 2016, مصر في المركز ال 158 من أصل 180 دولة على مستوى العالم. واعتبر التقرير مصر "من أكبر السجون بالنسبة للصحفيين على الصعيد العالمي"، حيث لا يزال أكثر من 20 إعلامياً قيد الاعتقال بذرائع زائفة, وكانت الحكومة المصرية تبنت في أغسطس الماضي قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب يستهدف الصحفيين مباشرة من خلال المادة 33 التي تُلزم وسائل الإعلام باعتماد الرواية الرسمية في تغطيتها "للهجمات الإرهابية"، تحت طائلة الحكم على الصحفيين بدفع غرامة تفوق راتب سنة كاملة.
ودعا يحيي قلاش نقيب الصحفيين لاجتماع طارئ للجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بعد غد الأربعاء لوضع حد فاصل أمام الانتهاكات المتكررة للشرطة بحق الصحفيين, وسبقها بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية مجدي عبد الغفار.
وقطع جمال عبد الرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين وخالد البلشي رئيس لجنة الحريات، مشاركتهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة في المغرب على إثر اقتحام مقر النقابة أمس, وقال عبد الرحيم معلقًا على الحادثة: "للأسف الشديد علمت بالفضيحة التي ارتكبتها قوات الشرطة باقتحام مقر النقابة وأنا في المغرب للمشاركة في مؤتمر دولي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة, واقتحام النقابة قبل يوم واحد من الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في واقعة غير مسبوقة وتعد الأسوأ في تاريخ النقابة منذ تأسيسها في عام 1941".
وأضاف، أن الأمر يحتاج إلي وقفة جادة من الجميع لمواجهة بلطجة الحكومة ووزارة الداخلية. من جانبه قال كمال حبيب عضو المجلس الأعلى للصحافة, إن المجلس الأعلى يدين ويستنكر ما حدث من انتهاك صارخ من قبل الشرطة لنقابة الصحفيين, وهذا يحدث لأول مرة في التاريخ.
وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون"، أن موقف أعضاء النقابة خلال الجمعية العمومية الطارئة التي ستعقد الأربعاء المقبل سيكون تاريخيًا، وسيتوقف عليه مستقبل مهنة الصحافة وحفاظها على شموخها وكبريائها, لذلك يجب أن يحضر الجميع بقوة وألا يتخاذلوا عن حماية مهنتهم. وأضاف، أن الهجمة على الصحفيين هي الأشرس في التاريخ وأشد خطرًا مما كانت علية في قانون 96 وفي عهد مبارك عام 1992. وأن ما يحدث من انتهاكات الداخلية بحق الصحفيين لم تحدث على مر العصور السابقة وتعد الأولي من نوعها. وتابع: "بيان وزارة الداخلية بأنهم نفذوا القانون وأنهم يقدرون حرية الصحافة يعكس كيف يفكرون, وأن هناك عقليات يجب تغييرها وإعادة هيكلة الوزارة بشكل كامل والرقابة على أموالهم وإلا ستتحول الوزارة إلى عبء على أي نظام سياسي, فهي قامت بانتهاكاتها في ظل انعقاد الاتحاد العالمي للصحافة في الاحتفال العالمي لحرية الصحافة والذي يشارك فيه مندوبون من مصر, وبالتالي سيتناولون ما يحدث من انتهاكات بحق الصحفيين في مصر ومن ثم ستجني مصر مزيدًا من سوء السمعة الدولية. وشدد على أن ما يحدث هو اختبار حقيقي للنظام السياسي بقيادة السيسي ورئيس وزرائه, فإذا لم يتحرك رئيس الجمهورية لوضع الأمور في نصابها باعتباره أعلي مستوي للسلطة وأخذ قرارًا بإقالة وزير الداخلية والاعتذار عما حدث ومحاسبة من اقتحم النقابة, وإلا سيكون ما حدث هو بموجب تصريح من القيادة العليا بانتهاك حرية الصحفيين لتخويفهم وقطع ألسنتهم وقص ألسنتهم وتسويد صحفهم وهذا لن يحدث وسيؤدي إلى إسقاط النظام. ووصف الكاتب الصحفي عبد الله السناوى، اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين مساء أمس والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا, بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة بالجريمة التاريخية في حق النقابة والتي لم تحدث منذ 75 عامًا. وأضاف، في تصريح خاص ل"المصريون"، أن قوات الشرطة انتهكت مواد القانون والدستور طبقاً للمادة 70 من قانون نقابة الصحفيين والذي يمنع اقتحامها من قبل الأمن أو القبض على أي عضو بها حتى وإن كان متهمًا في جريمة معينه إلا بوجود وكيل النيابة وفي حضور نقيب الصحفيين. وأوضح السناوي، أن الأمن يسعى للدخول بالحياة السياسية والمهن التي تهتم بالشأن العام والتي على رأسها الصحافة، مؤكداً أن ما حدث يعد انتهاكاً لكرامة المهنة وليس لشخص أحد أعضائها فقط. وشدد الكاتب الصحفي، على أن ما حدث يمثل فرصة واضحة وقوية لفرض وإرساء مبادئ احترام الصحافة والصحفيين أمام الدولة وأن أية إجراءات ستتخذها النقابة تجاه ما حدث سيلتف حولها كل المنتمين لمهنة الصحافة والمهتمين بالقضايا النقابية سواء كانت ممثلة في مؤتمر حاشد أو اجتماع للجمعية العمومية أو أي خطوة تصعيديه تتخذها النقابة تجاه ما حدث. وأكد السناوى، أن الحد الأدنى لتهدئة الوضع وإرضاء جمهور الصحفيين هو تقديم اعتذار رسمي من رئاسة الجمهورية وإقالة وزير الداخلية لتهدئة الوضع والبحث فى عدم تكرار هذه الواقعة التي وصفها ب"وصمة العار" على النظام الذي ينتهك الدستور والقانون الذي يطالب عامة الشعب باحترامه, ويظهر صورة سيئة للرأي العام الخارجي بانتهاك حقوق الصحفيين وتكميم الأفواه.