ما أحوج أمتنا فى تلك الأيام المفصلية من حياتها إلى الأمل ، تلك الطاقة الباعثة على العمل والمحفزة على الانتاج والمستثيرة للهمم والعزائم ،خاصة وقد طال ليل الدجى حتى ما كاد يحلم أحدنا بهذا النور وتلك الضياء التى منّ الله علينا بها ،و أرانا فى حياتنا مصارع الظالمين ومذلة المتكبرين وصَغَار المستهزئين .. إنها لحق منحة ربانية خرجت من رحم فتنة عمياء مضلة قد أتت على كثير من خير مصر، غير أن بذرة الخير فى بلدنا مازالت موجودة وما يلبث المطر والغيث أن ينزل عليها حتى يبعثها من جديد خضراء يانعة بعد أن كاد اليأس يسيطر علينا ، وصدق الله عز و جل ((حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّى مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )) ( يوسف-110). وتلك كلمات نيرات من دعاة ومصلحين رأيت أن أتحفكم بها لحسنها وجمالها و قيمتها ونفعها ، وبدورى أهديها لنواب مجلس الشعب المحترمين ولشعبنا الأبى الصبور: يقول عصام العطار فى مطلع استقبال عام جديد (بتصرف) " وأتمنّى أن نستقبل العام الجديد وقلوبُنا عامرة بالأمل والتفاؤل ؛ فلا شىءَ كالأمل والتفاؤل – بعد الإيمان – يولّد الطّاقة، ويَحْفز الهمم، ويدفع إلى العمل، ويساعد على مواجهة الحاضر،وصنع المستقبل الأفضل. الأمل والتفاؤل قوّة ،واليأس والتشاؤم ضعف الأمل والتفاؤل حياة ،واليأس والتشاؤم موت وفى مواجهة تحدّيات الحياة، وما أكثرَ تحدّيات الحياة !، ثمّةَ صنفان من النّاس: يائس متشائم يواجه تحدّيات الحياة بالهزيمة والهرب والاستسلام وآمِلٌ متفائل يواجهها بالصبر والكفاح، والشجاعة والإقدام، والثقة بالنصر. اليأس والتشاؤم ثمرة من ثمرات الكفر، وصفة من صفاته، ولا يجوز لمسلم بصير بأمر دينه أن يستسلم لليأس، ويمَكِّنَه من قلبه وكيف يرضى المسلمون الصادقون الواعون ذلك لأنفسهم، وهم يقرءون قولَ ربّهم عزّ وجلّ: لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله – الزمر 53 وقوله "وَمَنْ يَّقْنَطُ مِن رحْمَة رَبِّه إلا الضَّالُّون" – الحجر 56 وقوله " الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام " وقوله "ولا تيْأَسوا مِن رَوْحِ الله إنّه لا ييْأَسُ مِن رَوْح الله إلا القومُ الكافرون – يوسف 87 وما دامت الأيامُ يُداولها الله بينَ الناس وما دمنا نثق بربّنا وديننا، ونثق بأنفسنا، وبوعد الله الصادق لنا، ونأخذ بما أمر الله من الوسائل والأسباب، ونبذل كل ما نستطيع، كلّ ما نستطيع .. فلا يأسَ ولا تشاؤمَ ولا إحباطَ، بل أملٌ متلألِئٌ يضىءُ القلوبَ والعقول والدّروب والآفاق، وتفاؤلٌ صادق – رغم كل شىء – بنصر الله عزّ وجلّ املأوا بذلك صدورَكم ونفوسَكم، ودعوه يجرى فى دمائكم ، واشحذوا هِمَمَكم وعزائمكم، فإنّ علينا أن ننجز الكثيرَ ، لأنفسنا، وللعرب والمسلمين، وللإنسانية"أه. ويقول الشيخ عبد العظيم عرنوس أحد علماء مدينة حمص بسوريا المحررة بإذن الله تحت عنوان فن صناعة الأمل: " إن شباب أمتنا يصنعون الأمل فى أبهى صورةٍ فنية، شخصوها متحركةً تُلوّنها الدماء القانية، وتعزف عليها الحناجر الغانية، الأمل الممتزجُ بالألم، الأمل الذى لا يتطرقُ إليه اليأس، أو القنوط. روى البزار عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: "الشركُ بالله، والإياس من روح الله، والقنوطُ من رحمةِ الله". فهم ماضون فى طريقهم لا يتلكؤون، يلحظون عناية الله ورعايته ومعيته، على حدِّ قول القائل: لا تمضوا فى طريق اليأس ففى الكون آمال، ولا تتجهوا نحوَ الظلمات ففى الكون شموس.. إنها فُسحةُ الأمل. الأمل هو استشراف المستقبل للوصول إلى الغاية والبغية التى تحقق مراد العبد وتطلعات الأمة، وهذا لا بد له من الأخذ بالأسباب المطلوبة لتترتب عليها النتائج المرجوّة، ولا يتم هذا بخيالاتٍ طائرة، بل يحتاج إلى جهدِ ناصبٍ، وعملٍ صالحٍ متواصلٍ، ومراقبة ومتابعة؛ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا}الكهف- 110 عن أنس - رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة، وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاعَ أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها". وهذه هى البوصلة الموصلة، أما الكسالى القاعدون الآملون فلا حظَّ لهم ولا نصيب إلا الهلاك والبوار" أه. إننا نعيش على الأمل أن يحكمنا شرع ربنا بعدما أرانا من حكمته وعدله ما قرت به أعيننا من زوال ملك الظالمين وهلاك طغاة مجرمين ، ونعيش على الأمل فى غد أفضل لمصرنا وشعبنا بل ولعالمنا العربى والإسلامى ، فمصر قاطرة حضارة العرب والمسلمين ونهضتهم وبها بإذن الله رفعتهم وهى حضنهم وحصنهم وهى مجدهم التليد وجيشها الجسور ودرعهم الذى يحتمون به وشمسهم التى يستضيئون و يستدفئون بها وهم ردؤها ومحيطها وفلكها. والله نسأل لمصر وليبيا وتونس عزا وتمكينا وكرامة ومجدا واستقرارا وعدلا و لسوريا الحبيبة تحريرا ونصرا ولليمن السعيد خيرا ورغدا ، وأن يوحد كلمة العرب والمسلمين على كلمة سواء يستعيدون بها مجدهم التليد وعزهم المفقود وتراثهم المكين ، قال تعالى ((لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )) الأنبياء- 10 أى فيه شرفكم ومجدكم ورفعتكم. [email protected]