سياسيون: لعدم مصداقية القنوات الموالية للنظام وتلقيها تعليمات بالحديث فى اتجاه واحد خبراء الإعلام: عدم اهتمام الاعلام المصرى بنقل الأحداث المعارضة للنظام يؤدى إلى لجوء الشعب للإعلام البديل
ظهرت أعداد كبير من القنوات الفضائية الإخبارية والصحف الخاصة، فى محاولة لكسر سيطرة الإعلام الحكومى على عقول المصريين بعد فضيحتها فى ثورة 25 يناير 2011، والتى انعكست على قناعات الشعب المصرى بأن هذه الصحف والقنوات تعمل لصالح النظام وليس لصالح الشعب, ولكن سرعان ما تغيرت وجهة القنوات الخاصة التى خرجت من رحم الثورة بدعوى مساندتها للثوار بعد أن ارتضت نصيبها من تركة النظام . تحولت القنوات الخاصة، لتسير على نهج نظيراتها الحكومية فى تبرير قرارات النظام وحكومته حتى وإن كانت مخالفة لأراء الشعب, بل أصبحت تلقى بالتهم والأوصاف المتعلقة بالخيانة والعمالة على كل من يعارض سياساتها, مما دفع أفراد الشعب وعلى رأسهم الشباب للإعلام البديل، الذى صنعوه عبر شبكات التواصل الاجتماعى مثل "الفيس بوك وتويتر" الذى نجح من قبل فى حشد المتظاهرين فى ميدان التحرير, وأعاد هذا النجاح بفى جمعة الأرض هى العرض. وتسببت مواقع السوشيال ميديا وعلى رأسها "الفيس بوك وتويتر" فى خلق الرعب لدى الرئيس عبد الفتاح السيسى، مما دعاه ليحذر الجميع من عدم استقاء أخباره منها قائلاً:"أنا ممكن بكتيبتين أدخل على النت واعملها دائرة مقفولة والإعلاميين ياخدوا أخبار وشغل منها". وأكد خبراء، أن فقد المصداقية والثقة فى تناول الأخبار وتجاهل تغطية مشكلات الشعب وإغفال دور التطور التكنولوجى كان له الدور البارز والعامل الأساسى لزيادة رواد موقع التواصل الاجتماعى وهجر الإعلام المرئى والمسموع . وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" أسباب لجوء المصريين إلى الإعلام البديل مثل الفيس بوك وتويتر وتجاهل إعلام النظام الحاكم الذى يدافع عن وجهة نظره فقط . المواطن ذهب للبحث عن الحقيقة من صفحات السوشيال ميديا فى البداية أكد مجدى حمدان المحلل السياسى وعضو جبهة الإنقاذ السابق، أن عزوف المصريين عن متابعة القنوات التليفزيونية العامة والخاصة واستعاضتهم عنها بالسوشيال ميديا, أو ما يسمى الإعلام البديل بسبب عدم المصداقية فى الطرح وتلقى القنوات الموالية للنظام تعليمات بالحديث فى اتجاه واحد ألا وهو ما تمليه عليهم الأجهزة الأمنية مما أدى إلى فقد كل تلك القنوات مصداقيتها لدى المواطن العادي. وأوضح حمدان، أن المواطن ذهب للبحث عن الحقيقة فى القنوات التى تبث من خارج مصر وصفحات السوشيال ميديا, وهو ما حدث بالفعل فى "جمعة الأرض هى العرض", التى شهدت وجودًا مكثفًا للمواطنين الذين تجمعوا بواسطة مواقع السوشيال ميديا, فيما امتنعت القنوات الفضائية المصرية العامة والخاصة عن تغطية تلك التظاهرات، التى نادت بمصرية الجزيرتين ولم تذهب أى قناة للتغطية سوى قناة واحدة اضطرت للنزول بعد هجوم السوشيال ميديا عليها. فحديث الرئيس السيسى الأخير عن السوشيال ميديا، يؤكد تخوفه الكبير منها, لا سيما هى من ساعدت فى إطلاق شرارة ثورة يناير, وكانت عاملاً رئيسيًا فى إنجاح جميع الفعاليات, لذلك هناك سعى من الحكومة لإملاء أوامر لمجلس النواب للموافقة على القانون بغلق صفحات الفيس بوك وتويتر ووصفها فى العديد من المناسبات بأنها تحرض على الدولة على الرغم من أنها كانت السبب الرئيسى فى تولى رجال الدولة الحاليين لمناصب مرموقة وعلى رأسهم السيسى. تخوف السيسى من انتشار الشائعات على السوشيال ميديا هو أمر طبيعى وفى سياق متصل يقول الدكتور حسين أمين أستاذ قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية: إن تعاقب الأجيال فى ظل ثورة تكنولوجيا كبيرة جعل هناك ارتباط كبير بينهم وبين وسائل التواصل الاجتماعى أكثر من ارتباطهم بمشاهدة القنوات الفضائية أو متابعة الصحف المختلفة. وأوضح أمين، أن 60% من الشعب المصرى لا يتعدى سنة ال28 عامًا, ويقعون فى دائرة الشباب, ومع كثرة الأقمار الصناعية الموجودة فى منطقة الشرق الأوسط, أصبح قمر النايل سات الذى تبثه مصر به أكثر من 2000 قناة فضائية أدت إلى ظهور عدد كبير من الشخصيات المبتذلة والمهرجة التى دفعت الشباب إلى ترك مشاهدتها والوجود على وسائل التواصل الاجتماعى بشكل دائم, لافتًا أن فقد الثقة وعدم المصداقية فى الحديث بجانب تلقى المعلومة من جانب واحد دفع الشباب إلى الذهاب إلى عالم التبادل الجانبى للمعلومات والذى أشبع رغبات الكثيرين. فثورة يناير بدأت عن طريق الفيس بوك، الذى أستطاع أن يحشد ملايين المصريين فى الشوارع, ومن ثم فترك مواقع السوشيال ميديا يتطلب عودة الثقة والمصداقية والمنافسة الشريفة مرة أخرى للقنوات والصحف. فتخوف الرئيس السيسى من انتشار الشائعات على السوشيال ميديا هو أمر طبيعى لكنه لابد ألا يرتقى هذا التخوف إلى مصادرة هذه المواقع لا سيما وأنها لم تحدث فى أى دولة من قبل. فقدان المصداقية وضعف المهنية سبب اللجوء إلى الإعلام البديل من جانبه قال الدكتور محمد السعدنى المحلل السياسى ونائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: إن الإعلام البديل أو مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت مصدرًا للمعلومات نظرًا لفقدان المصداقية وضعف المهنية التى تتسم بها وسائل الإعلام المصرى الآن. وأضاف السعدنى، أن وسائل الإعلام التى تصدر لنا شخصيات وإعلاميين بعينهم ليصبح أمامنا البديل مواقع التواصل الإجتماعى، لافتًا إلى وجود علاقة طردية بين زيادة الإقبال على مواقع التواصل الإجتماعى من الفيس بوك وتويتر وبين ضعف الرسالة المقدمة من جانب الإعلام الفضائى وأشار المحلل السياسى، إلى أن نسبة الشباب فى مصر تصل إلى 60 % بما يعنى فقدان المصداقية سواء فى وسائل الإعلام لنقل الصورة العامة من مصادر صنع القرار لينتهى الأمر بعدم الالتفات والعودة مرة أخرى لهم من فئة الشباب خاصة بما يتعلق فى تناول الإعلام المصرى بنقل وثائق تؤكد ملكية جزيرتى صنافير وتيران للسعودية على العكس إن المملكة ذاتها لم تسع لإثبات ذلك مما جعل المشهد أكثر إسفافًا . مواقع التواصل الاجتماعى غير محايدة ومكملة وليست بديلة عن وسائل الإعلام التقليدية وفى المقابل قال الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسى: إنه لا يمكن الجزم بأن وسائل الإعلام الشعبى أو كما يقال عنها مواقع التواصل الاجتماعى هى وسائل محايدة لأنها تضم إما مواقع أو صفحات حكومية أو معارضة أو أمنية فهى تختلف وفقا لتوجهاتها منها مايؤيد للنظام ومنها ما هو معارض للنظام. وأوضح أستاذ الاجتماع السياسى، أن الإعلام البديل من مواقع السوشيال ميديا هى مواقع ومصادر مكملة ولن تكون بديلة عن وسائل الإعلام التقليدية، لأنه لابد من التنوع فى المصادر للحصول على المعلومات والأخبار من أكثر من مصدر للتحقق من الأحداث خاصة فى حالة النزاعات السياسية والحروب والاختلافات بما يحقق الخلط بين نسبة الحقيقة والكذب فى نقل المعلومة وفقًا للميول السياسية للوسيلة الإعلامية. الاحترافية تميز وسائل الإعلام التقليدية عن مواقع الإعلام البديل وعلى نفس السياق وصف الدكتور محمد معوض أستاذ الاعلام بجامعة عين شمس، مواقع الإعلام البديل أو السوشيال ميديا بإعلام المواطن الذى ليس عليه سيطرة أو رقابة، حيث إن كل واحد يعبر فيه عن رأيه وفقًا لميوله ولآرائه من خلال تقليد الإعلام المحترف فى نقل المعلومات أو الأخبار. وأضاف معوض، أن الإعلام البديل لا يتسم بالاحترافية مثل وسائل الإعلام التقليدية، حيث إنه يتسم بالذاتية ويفتقد المصداقية ويميل إلى نوع من الشائعات والمبالغة لأنه يحتوى وفقا لرأى وتوجه كل موقع أو صفحة بالسوشيال ميديا. وأوضح أستاذ الإعلام، أن عدم اهتمام الإعلام المصرى بنقل الأحداث المعارضة للنظام يؤدى إلى رد فعل سيئ فى حين تمتاز قنوات الإعلام المحترفة مثل السى إن إن والبى بى سى والجزيرة بنقل الأحداث وفقا للمتخصصين فى العمل الإعلامى وخبراتهم، لافتًا إلى ما تمتاز القنوات المحترفة بالإجابة على كل التساؤلات بما يخص الحدث الإعلامى بما يحقق الإشباع لدى المتلقى أو الجمهور. وألمح نصر الدين، إلى أن السوشيال ميديا ما هى إلا مكمل وليس بديلاً عن وسائل الإعلام بحكم أنه إعلام ذاتى لا يعبر إلا عن منظور لشخص ما أو جماعة على عكس وسائل الاعلام المحترفة التى تعطى ما يجب أن نحصل عليه من معلومات وليس ما يريده المتلقى، فالصحفى وكيل عن الجمهور، مشددًا على أهمية الأمانة والصدق ونقل الحقيقة عبر وسائل الإعلام أى كانت وليس التهييج لنتمكن من الحصول على رد الفعل السليم من خلال الاحترافية والمصداقية بالعمل الإعلامى .