أغضبت لقاءات البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بملك البحرين حمد بن عيسى آل خلفية، خلال زيارته لمصر منذ أيام، ومن قبلها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، أنصار التيار الرافض لإقحام الكنيسة في العمل السياسي. لم تكن المرة الأولى التي يخرج فيها تواضروس عن الإطار الذي رسمه البابا شنودة للكنيسة المصرية منذ عشرات السنين, فزار من قبل الأراضي المحتلة في نوفمبر من العام الماضي بعد انقطاع منذ عام 1980, وهو الموقف الذي اتخذه المجمع المقدس بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وانتقد سيمون وفيق، مؤسس "حركة الحقوق المدنية للمسيحيين"، استقبال البابا تواضروس للقادة العرب خارج الكنيسة أو داخلها، لأن "هذا يقحمها في العمل السياسي ويبعدها عن دورها الأساسي وهو دور العبادة كمؤسسة دينية عريقة لا تهتم إلا بالأقباط فقط وليس بالسياسة". وأضاف وفيق ل "المصريون": "زيارة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خلفية، كانت لتهنئة الأقباط بأعيادهم، وهذا هو الهدف من الزيارة، لكن زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وطلب لقاء البابا تواضروس بمقر إقامته تثير الشوك وتطرح علامات الاستفهام حول اللقاء، لأنه غير واضح المعالم". وطالب وفيق البابا تواضروس بعدم التداخل في العمل السياسي كما يحدث في بعض الدول العربية مثل لبنان، موضحا أن الأقباط يعيشون في محبة وإخلاص في العهود السابقة، ولا يريدون إقحام الكنيسة في العمل السياسي لكونها بيتًا للعبادة ومكانًا دينيا. من جانبه شن الكاتب والمفكر جمال أسعد، هجومًا على زيارتي ملكي السعودية والبحرين للكنيسة، "لأنهما غير مفهومتين، وتطرحان سلسلة من السيناريوهات المرفوضة". وأوضح أن "تدخل الكنيسة في المشهد غير مبرر، ويعيد للأذهان ما حدث في لبنان، وانتهاء الوضع فيها بحرب طائفية، كما أن زيارة الرؤساء للبابا، تعد محاولة للزج بالكنيسة في الأحداث السياسية من قبل النظام". وأَضاف أسعد: "الزيارة تعتبر ردًّا للجميل، بعد مساندة الكنيسة لأحداث 3 يوليو عقب عزل حكم الإخوان ومساندة النظام الحالي المدعوم من دولة البحرين". وقال إن "البابا شنودة لم يلتقِ أيا من الرؤساء خلال عهده باستثناء الزعيم الراحل ياسر عرفات، وكان ناتجًا عن علاقات شخصية بين الجانبين، بالإضافة إلى مواقفه التاريخية من القضية الفلسطينية ورفض زيارة القدس في ظل الاحتلال الصهيوني". وحذر أسعد من إقحام الكنيسة العمل السياسي، "حتى لا يخرجها من كونها بيتا للعبادة ومكانًا دينيًا إلى مؤسسة سياسية لها مواقف ومحل نقض من القوى السياسية". وأضاف "النظام الحالي يحاول أن يصور للمجتمع الدولي أن الضيف يقابله كل أطياف المجتمع وليس الحكومة فقط". وقال نادر الصريفي مؤسسة حركة أقباط 38، إن "هناك حالة من الجهل بدور الكنيسة في المجتمع المصري"، مؤكدًا أنها مؤسسة مصرية كباقي المؤسسات، ودخولها المشهد السياسي لن يؤثر عليها، كما أن الكنسية تعبر عن آراء المصريين، واصفًا انتقادات لقاءات البابا برؤساء الدول ب"غير المفهومة". وأوضح أن "الزيارة عادة تأتي بناء على طلب الضيف، والعادات والتقاليد المصرية ترحب بالجميع، ولا يمكن أن يطلب ضيف زيارة شخص أو مكان معين، ويتم رفض هذه الزيارة". فى السياق نفسه، قال مينا مجدي، عضو المكتب السياسي باتحاد شباب ماسبيرو، إن "لقاءات البابا تواضروس بالحكام العرب، أمر طبيعي، لأن الكنيسة تعتبر من المؤسسات العريقة بالبلد، ولها مقام كبيرة عند الأقباط في مصر والشرق الأوسط، وبالتالي زيارات رؤساء الدول العربية للكنيسة أمر طبيعي، لأن البابا كان في زيارة إلى هذه الدول في فترات سابقة وقام حكام هذه الدول باستقبال البابا تواضروس". وأضاف "البابا يقوم برد الواجب إلى الرؤساء العرب مثلما قاموا باستقباله، أثناء زيارته لبلدانهم، وليس كما يقول البعض بأن الكنيسة يتم الزج بها في العمل السياسي، والخروج عن عملها الديني"، متسائلاً: "ما العمل السياسي الذي يتم زج الكنيسة به"؟ موضحًا أن الكنيسة تقوم بالعمل الصحيح مثلما تقوم به مشيخة الأزهر في هذا العصر.