في تعليقها على قرار إيطاليا استدعاء سفيرها في مصر للتشاور, قالت مجلة "ديلي بيست" الأمريكية, إن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لخطوات تصعيدية أخرى في علاقات البلدين, على خلفية مقتل الباحث جوليو ريجيني. وأضافت المجلة في مقال لها في 9 إبريل, أن استدعاء السفير هو مؤشر واضح على أن علاقات البلدين آخذة في التدهور, وأن الأمر لن يقف عند حدود هذه الخطوة, خاصة في ظل إصرار الإيطاليين على كشف حقيقة مقتل ريجيني, مهما كلفهم ذلك, حسب تعبيرها. وتابعت " الإيطاليون أغضبهم بشدة التعذيب المروع الذي تعرض له ريجيني قبل مقتله, خاصة أن والدته قالت بعد مشاهدة جثته، إنها لم تعرف إلا طرف أنفه، أما بقية أجزاء جسمه فلم تستطع معرفتها بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرض له". واستطردت المجلة " تشريح جثة ريجيني في إيطاليا كشف أنه تعرض لتعذيب وحشي ممنهج، وأنه مات موتا بطيئا على مدار أيام". وأشارت "ديلي بيست" إلى أن ما يزيد من غضب الإيطاليين هو اعتقادهم بتورط أجهزة أمنية بمقتله, رغم نفي القاهرة حدوث مثل هذا الأمر. وكانت إيطاليا أعلنت في 8 إبريل استدعاء سفيرها في مصر للتشاور, كما أعلنت وقف الاجتماعات مع وفد التحقيق المصري بقضية مقتل ريجيني. ونقلت "رويترز" عن وزارة الخارجية الإيطالية القول في بيان لها, إنها استدعت السفير ماوريتسيو ماساري "لإجراء تقييم عاجل للخطوات التي ينبغي القيام بها لاستجلاء الحقيقة بشأن القتل الوحشي للطالب ريجيني". ومن جانبها, ذكرت وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية عبر موقعها (أنساميد)، الموجه لمنطقة الشرق الأوسط، أن قمة روما بين المحققين الإيطاليين والمصريين انتهت بالفشل ونقلت الوكالة عن مصادر قضائية، قولها إن قمة روما التي عُقدت في 7 و 8 إبريل بين المحققين الإيطاليين والمصريين حول تعذيب وقتل الباحث جوليو ريجيني قد انتهت بالفشل. وتابعت " المحققون الإيطاليون أعلنوا أنهم أصيبوا بخيبة أمل لعدم الحصول على ما طلبوه من الجانب المصري، ونتيجة لذلك، وجه وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، باستدعاء سفير إيطاليا لدى مصر، ماوريتسيو مساري". كما ذكرت صحيفة "إيل فاتو كوتيديانو" الإيطالية, أن الوثائق التي قدمها الوفد الأمني المصري لم تبدد شكوك المحققين الإيطاليين بشأن مقتل ريجيني, حسب تعبيرها. وتابعت " شعور الإحباط ساد لدى المحققين الإيطاليين الذين لم يتلقوا الوثائق والأدلة التي كانوا يبحثون عنها، ولأن الملف الذي حمله الوفد المصري، والذي يتضمن مئات الصفحات، لم يجب عن الأسئلة الكثيرة والمفصلية التي يطرحها الادعاء العام الإيطالي لفك ملابسات مقتل الباحث الإيطالي". واستطردت "أن المطلب الرئيسي للإيطاليين هو تقديم بعض الأدلة عن اختطاف ريجيني، وأهمها سجل المكالمات الهاتفية وصور كاميرات المراقبة، وكذلك أشرطة الفيديو بمحطات المترو والمحلات التجارية في الحي الذي كان يعيش فيه، وكذلك مكان اختفائه, لكن الجانب المصري لم يقدم أيّا من ذلك، ما أغضب المحققين الغيطاليين ليأتي قرار استدعاء السفير بمثابة تنفيذ التهديد الذي وجهته روما قبل أيام للقاهرة والمتعلق بالتصعيد إذا لم تتعاون مصر في القضية". وبدوره, قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني في تغريدة على تويتر :"إن إيطاليا تريد أمرا واحدا وهو الحقيقة"، وأضاف "أن المطلب نفسه جاء على لسان رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي". ومن جانبها, أعلنت الخارجية المصرية في 9 إبريل أن السفارة الإيطالية في القاهرة أخطرتها رسميا بقرار استدعاء السفير ماوريتيزو ماساري إلى روما لإجراء مشاورات مع حكومة بلاده. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إنه سيتم تقييم الموقف بشكل متكامل وإجراء الاتصالات اللازمة في ضوء تقرير فريق المحققين المصريين العائد من روما. ومن جانبه, كشف المستشار مصطفى سليمان مساعد النائب العام المصري في مؤتمر صحفي بالقاهرة في 9 إبريل, أن مصر رفضت طلبًا إيطاليًّا بالحصول على تسجيلات لمكالمات نحو مليون شخص متعلقة بمقتل ريجيني، لكونه طلبا "مخالفا للدستور"، بينما أعلنت السلطات المصرية أن إلغاء الخطوط الإيطالية رحلاتها في 9 إبريل إلى مطار القاهرة إجراء مؤقت ولا علاقة له بالقضية. وأضاف سليمان أن محققين إيطاليين طلبوا الحصول على مكالمات نحو مليون شخص متعلقة بمكان سكن ريجيني ومنطقة اختفائه ومكان العثور على جثته, إلا أن الجانب المصري رفض الطلب لأنه يخرق مواد دستور البلاد المتعلقة بالخصوصية ويخالف قانون الاتصالات. وأوضح أن الجانب الإيطالي أبلغ الجانب المصري أن "استمرار التعاون القضائي وإصدار بيان مشترك مرهون بهذا الطلب"، مكررا أن الوفد المصري أكد "رفضه القاطع لهذا الإملاء ولهذا الشرط"، ومشيرا إلى أن الجهات المصرية هي من سيحلل هذه الاتصالات. وأكد سليمان أن تسجيلات كاميرات المراقبة في مكان اختفاء ريجيني مسحت تلقائيا "لأسباب تقنية"، مضيفا أنه تم شراء برنامج ألماني "باهظ التكاليف يستطيع استرجاع (تسجيلات الكاميرات) ونتائجه تصل إلى 50%". يذكر أن ريجيني (28 عاما) كان يُعدّ أطروحة للدكتوراه في مصر حول الحركات العمالية عندما اختفى وسط القاهرة في 25 يناير الماضي، وعُثر على جثته بعد تسعة أيام وعليها آثار تعذيب.