بعد أقل من مرور 4 أشهر، على إعلان "الحرس القديم" داخل الإخوان، الإطاحة بالقيادات المنتخبة، والتي تناصرها "اللجنة الإدارية العليا"، داخل مصر، عاد نائب المرشد العام محمود عزت ليفجر صراعًا مكتوما، بإعلانه انعقاد مجلس الشورى العام، وسط معارضة كبيرة بالجماعة. بيان عزت فجر الغضب المكتوم فى صفوف الإخوان، واعتبروه انقلابا على قرارات مجلس الشورى التى صدرت فى 16 يونيو الماضي، عقب أزمة كبيرة حينها فجرت الخلاف داخل التنظيم، والتى أتبعها أزمة كبيرة فى ديسمبر الماضي، بعد إعلان جبهة عزت الإطاحة بالمتحدث محمد منتصر. وقال "عزت" فى بيان له، اطلعت عليه "المصريون"، إن "مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، انعقد أمس السبت، وأقر أن "مرشد الجماعة العام (محمد بديع) والهيئات الشورية والإدارية وجميع أعضائها يؤكدون بيعتهم مع الله وأن تظل على الطريق الذى رسمه حسن البنا فى النضال السلمى لاسترداد حرية وكرامة المواطن". وذكر بيان عزت أن "انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة انتهى بانتخاب لجنة جديدة مؤقتة لتسيير الأعمال، وثلاث لجان أخري: الأولى لتقديم مشروع رؤية جديدة لمجلس الشورى العام، والثانية لاستكمال انتخاب الهيئات الشورية والإدارية، والثالثة لاستكمال التحقيقات". وكان المكتب الإدارى بالإخوان، لشمال وشرق القاهرة، قد أصدر "الوثيقة الرابعة بخصوص أزمة الجماعة الحالية، فى 16 مارس الماضي، والموجهة إلى محمود عزت، ورئيس اللجنة الإدارية العليا"، والتى سربتها شخصيات من داخل الجماعة عبر إعلان عزت بالأمس. وقال المكتب حينها إنه "وصلتهم ظهر ذلك اليوم (16 مارس الماضي)، وثائق خاصة بالدعوة لانعقاد مجلس الشورى العام، وبعد اطلاع المكتب على الدعوة تبين أن الدعوة موجهة فقط لأعضاء الشورى العام المنتخبين قبل الانقلاب، ولم يتم توجيه الدعوة إلى رؤساء المكاتب الإدارية المنتخبين". وأكد المكتب أن "قرارات مجلس الشورى صدرت فى 16 يونيو الماضي، بمشاركة رؤساء المكاتب الإدارية، تطعن فى شرعية انعقاد الشورى المعلن عنه بالأمس باستبعاد هؤلاء الأعضاء الذين ثبتت عضويتهم فى الشورى العام، أو يطعن فى شرعية قرارات يوم 16 يونيو الماضي، وكل ما أنبنى عليها من قرارات التحقيق والإيقاف وما ترتب عليه من حرمان بعض أعضاء الشورى العام من المشاركة فى الإجراءات، وخصوصا بعد تأكيد مسئول اللجنة الإدارية العليا أثناء زيارته لمكاتب القطاع على أن من أهم مكاسب قرارات الشورى العام هو اعتماد رؤساء المكاتب الإدارية كأعضاء بالشورى العام". وأضافت الرسالة المسربة "وفوق هذا فقد راعنا أن دعوة الشورى لم تحتوى على اختيارات أو سيناريوهات أو أطروحات مختلفة لحل الأزمة الداخلية فى الجماعة، بل فرضت على أعضاء الشورى انتخاب لجنة للإدارة من أعضائه ولم تتيح لعضو الشورى إلا اختيار أعضاء الانتخابات أو خطاب تكليف أو صلاحيات محددة وكذلك فرضت الدعوة على أعضاء الشورى تكوين لجان محددة دون استشارة عضو الشورى إلا فى رغباته فى الانضمام لأيها، وهو ما يخالف ما تفرضه ضرورة توسيع الخيارات على الأقل أمام أعضاء الشورى العام، وليس فرض خيارات تتبناها مجموعة محددة من أعضاء الشورى العام". واختتمت الرسالة: "فضلا عن ذلك فقد تجاهلت دعوة الشورى كل ما صدر عن مجلس الشورى العام فى 16 يونيو الماضي، من ضرورة الانتهاء من التحضير للانتخابات وتعديل اللوائح خلال 6 أشهر من صدور قرار الشورى. وكذلك عدم التوسع فى التشاور حول جدول أعمال هذا الانعقاد مع أقرب المستويات الإدارية وهى المكاتب الإدارية بما يحقق وحدة الجماعة". وشهدت الجماعة محاولة انقلاب من قبل قيادات مكتب الإرشاد القديم، وأبرزهم محمود عزت ومحمود حسين ومحمود غزلان، على القيادة الشبابية المنتخبة فى العام الماضي، وما انبثق عنها من تشكيل لمكتب إخوان الخارج برئاسة أحمد عبد الرحمن، وتكليف متحدث رسمى للجماعة محمد منتصر. وخرجت جبهة عزت فى ديسمبر الماضى برسالة إلى الإعلام تعلن فيها الجماعة عن تكليف طلعت فهمى بمهمة المتحدث الإعلامى باسم الجماعة، وإعفاء المتحدث محمد منتصر من مهمته كمتحدث إعلامى باسم جماعة الإخوان المسلمين، الرسالة المتداولة حينها قيل إنها من بريد إلكترونى يعود إلى قيادات تاريخية فى لندن. وهذا الإعلان عن إعفاء منتصر قابله بيان من اللجنة الإدارية العليا للجماعة فى مصر يحمل عنوان "منتصر متحدثا إعلاميا.. وإدارة الجماعة من الداخل"؛ حيث أكدت اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين فى بيانها، أنها لم تصدر أى قرارات بشأن المتحدث الإعلامى للجماعة، وأن محمد منتصر ما زال المتحدث الإعلامى باسمها. هذه القرارات التى اتخذها جناح عزت أسفرت عن انشقاق حاد بين المكاتب الإدارية للجماعة فى مصر حينها، فقد أعلنت المكاتب الإدارية للجماعة فى بيانات رسمية مختلفة على صفحات مواقع التواصل فى كل من القاهرة الكبرى ووسط وجنوب القاهرةوالإسكندرية وأكتوبر والقليوبية والجيزة والفيوم رفضها لتلك القرارات التى أقالت المتحدث الإعلامى ومجموعة من القيادات الإخوانية. والأسبوع الماضي، طرحت 10 مكاتب إدارية بجماعة الإخوان المسلمين، مبادرة لحل الخلافات الداخلية للتنظيم، المتعلقة بشرعية القيادة بين طرفى الأزمة، وما يتعلق بإعداد لائحة جديدة وانتخابات على كل المستويات. والمبادرة الجديدة، قدمتها 10 مكاتب إدارية من بينها: "مكتب وسط وجنوب القاهرة، الإسكندرية، الفيوم، بنى سويف، كفر الشيخ، المنيا، وأسيوط، وقنا". وطرح مقدمو المبادرة على جبهة القائم بأعمال المرشد محمود عزت، إقرار اللائحة الجديدة التى وضعتها اللجنة الإدارية العليا (جرى انتخابها فى أكتوبر 2015)، وإجراء انتخابات داخلية مؤقتة. ومن أبرز بنود المبادرة: تراجع اللجنة الإدارة العليا المناوئة له (جبهة المتحدث محمد منتصر)، وكذلك اللجنة الأخرى المشكلة من جانبه (يرأسها محمد عبد الرحمن المرسي)، خطوة للوراء، تمهيدًا لانتخاب لجنة جديدة يحتفظ فيها عزت بمنصبه وموقعه كقائم بأعمال المرشد، ويظل رمزا للجماعة. وبينما دعت المكاتب التى قدمت المبادرة، رموز التنظيم والإعلام الإخوانى للتعاطى مع المبادرة وتبنيها ودعمها كطرح جاد لإنهاء الانقسام الداخلى التى به الإخوان، طالبت، بتوجيه كل جهود التنظيم لإزاحة النظام الحالي، والقصاص للشهداء. وقال مصدر إخوانى على الحياد من الأزمة الداخلية (مفضلا عدم ذكر اسمه) ل"المصريون"، إنه "لن يستطيع طرفا الأزمة إقرار لائحة النظام الداخلي، المرتبطة بانعقاد عدد محدد من الهيئة الشورية للجماعة (هيئة رقابية)، حيث لا يتوفر لكلا الطرفين توفير العدد المطلوب للانعقاد فى ظل الأزمة الحالية، وانقسام المكاتب الإدارية التي تتسع ل 28 مكتبا إداريا فى كل أنحاء مصر". وتوقع المصدر أن تفشل الجبهة المحسوبة على منتصر، فى تمرير لائحتها "مادام ليس هناك توافق"، وبشأن جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام، توقع أيضا "فشلها هى الأخرى" فى تمرير ما تريد من انتخابات جديدة أو عقد مجلس شورى وتطوير شامل أو تمرير لائحة داخلية ثانية ستعدها. وفى وقت سابق، أعلنت "اللجنة الإدارية العليا" بجماعة الإخوان المسلمين (المحسوبة على جناح المتحدث محمد منتصر)، عن انتهائها من مشروع تطوير لائحة الجماعة العامة، وطرحها لإبداء الرأي فيها لجموع الإخوان عبر الطرق التنظيمية المعتادة، على النافذة الإلكترونية المخصصة لها على الانترنت. وعلى الجانب الآخر، لا تزال جبهة نائب والمرشد والقائم بأعماله محمود عزت، على موقفها من رفض الإجراءات التى تقوم بها جبهة "اللجنة الإدارية العليا"، مشيرة فى الوقت ذاته إلى "تبنيها عملية تطوير شامل للجماعة"، بالتوازى مع طرح "الإدارية العليا" لائحة جديدة للتنظيم. وتمر جماعة الإخوان بأزمة داخلية، ظهرت للعلن بوضوح فى شهر مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة السلطات، وشرعية القيادة فى الظرف الجديد (الإطاحة بنظام حكمهم فى 3 يوليو 2013 وتداعياتها). وجرت محاولات كثيرة لرأب الصدع والوساطة لتجاوز الخلاف الدائر داخل الإخوان من أطراف عدة، أخرها مبادرة الشيخ يوسف القرضاوى، لكن كل هذه المحاولات لم تكلل بالنجاح.