أبرزت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية, القرار, الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, بإعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات. وأبدت المجلة في تقرير لها في مطلع إبريل, استغرابها من عزل جنينة دون تقديم تفسير رسمي لأسباب إقالته. وتابعت " البعض رجح عزل جنينة بتصريحات نسبت له في ديسمبر الماضي كشف فيها حجم الفساد المستشري في مؤسسات الدولة". واستطردت المجلة "ما يدعم صحة الترجيح السابق, أن جنينة تعرض منذ هذه التصريحات لحملة انتقادات واسعة في وسائل إعلام محسوبة على السلطة". وأشارت المجلة إلى أن ما حدث مع جنينة, وعدد آخر من القضاة تم مؤخرا إحالتهم للتقاعد, غير بعيد عما سمتها الحملة الحالية, التي تستهدف الحريات في البلاد, حسب زعمها. وكانت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله", قالت أيضا في تقرير لها في 29 مارس, إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طالما أكد أن مكافحة الفساد تأتي في قائمة أولوياته, ولذا أثار عزل جنينة الكثير من علامات الاستفهام. وتابعت "مصر تواجه أزمة اقتصادية حادة, ولذا فإن توقيت عزل جنينة, دفع البعض للتشكيك في جدية السلطات في محاربة الفساد", حسب زعمها. وأشارت إلى أن تصريحات نسبت إلى جنينة في ديسمبر الماضي, كانت كشفت أن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كبد البلاد خسائر تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه, وهو ما شكل صدمة حينها. واستطردت "جنينة سرعان ما خرج ليؤكد أن الخسائر السابقة حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية, وليس في 2015 فقط", فيما سارعت بعض وسائل الإعلام حينها للترويج أنه من مؤيدي "الإخوان". وتابعت أن تم أيضا حينها تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن التصريحات المنسوبة لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات, وخلصت إلى القول :"إن هذه التصريحات اتسمت بالتضليل, وإساءة استخدام كلمة الفساد", وألمحت وسائل إعلام حكومية إلى احتمال عزله. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر في 28 مارس قرارا جمهوريا بإعفاء المستشار هشام جنينة من منصبه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات. وجاء هذا القرار بعد أن وافق مجلس النواب المصري "البرلمان" في يناير الماضي على قانون كان السيسي قد أصدره في يوليو من العام الماضي، يجيز إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، مما اعتبره البعض تمهيدا للتخلص من جنينة الذي أعلن أن كلفة الفساد خلال السنوات الثلاث الماضية وصلت إلى ستمائة مليار جنيه (70 مليار دولار). وتسببت تصريحات جنينة السابقة في حملة إعلامية ضده وصلت إلى حد المطالبة بعزله والتحقيق معه بتهمة بالإخلال بواجبات وظيفته والإضرار بالمصالح العليا للبلاد. كما سارع الرئيس المصري إلى تشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل ونائب جنينة، لتقصي الحقائق ودراسة ما جاء في هذه التصريحات. ولم يستغرق عمل اللجنة أكثر من أسبوعين قبل أن تصدر تقريرها الذي رأى أن جنينة تعمد "تضليل الرأي العام بتصريحاته"، وتعمّد التهويل من حجم الفساد وقيمته "بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة في أكثر من موضع". ويرى البعض أن عزل جنينة مفاجأة كبيرة, لأن منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات محصن من العزل، وهي المرة الأولى التي يتم فيها عزل رئيس الجهاز، وهو جهة التحقيق الرقابية الأعلى في مصر. فيما رأى آخرون أن عزل جنينة بمثابة "انتصار للفساد", بينما ذهب رأي ثالث إلى القول إنه تعمد التهويل من حجم الفساد, وبالتالي أحرج السلطة.