طالت عدوى تسريح العمالة وخفض النفقات، فضائيات عربية مرموقة، على خلفية أزمات مالية وسياسية حادة، وسط توقعات بتفاقم الأوضاع في شبكات إعلامية مؤثرة سيطرت على المشهد الإعلامي خلال سنوات الربيع العربي. وأعلنت قناة «العربية» الإخبارية المملوكة لسعوديين، اليوم الجمعة، إغلاق المكاتب التابعة لها في بيروت، وسرحت 27 موظفا يعملون فيها، في خطوة مفاجئة تأتي خلال فترة من التوتر السياسي بين الرياضوبيروت. وكانت السعودية أوقفت مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني بعد أن امتنعت حكومة بيروت عن إدانة هجمات على سفارة المملكة وقنصليتها في إيران في يناير الماضي معتبرة الموقف اللبناني مؤشرا على أن القرار الرسمي في بيروت بات رهينة لدى جماعة «حزب الله» الشيعية، التي تدعمها إيران، الخصم الرئيسي للسعودية في المنطقة. وقال أحد الصحفيين العاملين في «العربية» لوكالة «رويترز» للأنباء: «أُبلغنا بقرار إغلاق المكاتب (في بيروت)، والاستغناء عن 27 موظفا»وذلك حسب بيان صادر عن القناة ، واصفا الخطوة بأنها إعادة هيكلة فرضتها «التحديات الموجبة على الأرض»، وقلقها على سلامة موظفيها. وكانت شبكة قنوات الجزيرة القطرية عانت من مشكلات عدة دفعتها لتسريح أكثر من 500 من العاملين بها، وتواصل المؤسسة التخلص من عاملين فيها، بعدما كانت توصف بأكثر المؤسسات الإعلامية المستقرة وظيفيا بسبب تضخم إنفاق المؤسسة ورغبة الدوحة في خفض الإنفاق مع تراجع أسعار النفط والغاز. كما قلصت المؤسسة منافذها الإعلامية التي تعددت وتوسعت في السنوات الأخيرة، ومنها قنوات فضائية بلغات غير العربية، وقناة وثائقية وغيرها، كما أغلقت الشبكة قناة الجزيرة مباشر مصر لأسباب سياسية. فيما استغنت مجموعة قنوات "روتانا"، المملوكة لرجل الأعمال السعودي، الأمير بن طلال، العام الماضي عن العاملين المصريين في جميع قطاعات القنوات، وهو ما بررته الإدارة بمرور المجموعة بضائقة مالية. وكانت مدير متابعة الرقابة والبث في مجموعة قنوات روتانا، ليلى حفظي, قد أكدت خلال تصريحات صحفية في نوفمبر من السنة الماضية أن القنوات تمر بأزمة مالية، أجبرتها على الاستغناء عن أكبر عدد من العاملين في القطاعات المختلفة، توفيرا للنفقات، ولم يكن القرار على أساس الجنسية، حسبما يردد العاملون. وأوضحت حفظي, "أن عدد الذين تم الاستغناء عنهم ليسوا بالحجم المتداول، كما أن أكثر من 75% منهم عمالة مؤقتة، وليست أساسية"، مشيرة إلى أن ما حدث في روتانا سبق أن حدث في العديد من القنوات الخاصة الأخرى". ويبقى شبح الإفلاس والإغلاق وتسريح العمالة يطارد العديد من الفضائيات المصرية، ففي بداية عام 2015شهدت القنوات الفضائية المصرية أزمات مادية حادة لم يسلم منها أحد، وقد تسببت تلك المديونيات المتراكمة على الفضائيات في إلغاء الكثير من برامجها بسبب قلة "المادة الإعلانية" نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خصوصاً أن الكثير من الجمهور لم يعد راغباً في متابعة الموضوعات السياسية وانصرف عنها لمصلحة المحتوى الترفيهي حسب صحيفة "العربي الجديد"هذا بالإضافة إلى انحدار مستوى الحوار للعديد من المذيعين في العديد من برامج "التوك شو"، والذي كان سببًا آخر لانصراف المشاهد والمعلن عن عدد من القنوات الفضائية. وأمام خطر الإفلاس الذي تواجهه القنوات الفضائية المصرية، لجأت كلّ قناة إلى العمل حسب ظروفها، فمنها من قامت بتسريح الكثير من العمال، من معدين ومذيعين ومقدمي برامج، ومنها من أغلقت بعض قنواتها. وكان أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي، قد كشف في 24 أبريل 2015 عن أن الديون المستحقة على الفضائيات وصلت إلى أكثر من 500 مليون جنيه، مهدداً تلك القنوات بعدم بث برامجها من خلال المدينة في حالة استمرار رفض المديونيات المستحقة لمدينة الإنتاج الإعلامي. ومن بين القنوات المدينة لمدينة الإنتاج الإعلامي، والتي قام هيكل بإنذارها وقتئذ، قنوات "الأوربت" و"الحياة" و"المحور" وقنوات "ميلودي" و"دريم" و"سي بي سي مصر" و"إم بي سي" وقنوات "دراما" و"النهار" و"أون تي في" والقنوات الرياضية، بالإضافة إلى مديونيات على اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والتي تصل إلى 90 مليون جنيه موزعة على قطاع القنوات المتخصصة بالتلفزيون المصري. كما هددت شركات الكهرباء والتليفونات بقطع خدماتها على عدد كبير من القنوات لعدم التزامها بسداد الفواتير المستحقة عليها، والتي تجاوزت 60 ألف جنيه ديون كهرباء على بعض القنوات، و40 ألف جنيه فواتير تليفونات على قنوات أخرى، وهو رقم مرتفع جدا في تكلفة التشغيل اليومي للقنوات الفضائية، ناهيك عن تكلفة إيجار الاستوديوهات التي تصل للقناة إلى خمسة ملايين جنيه، وبعضها يتجاوز عشرة ملايين في الشهر الواحد. من هنا فإن بعض القنوات أصبحت ديونها تقف حائلاً أمام استكمال طريقها في البث والاستمرار .