الزراعة تبدأ سحب عينات من الأسواق.. وخبراء: يفتك بالبشر ويهدد الثروة الحيوانية أثار اكتشاف مصر إصابة شحنة جِمال تم استيرادها من السودان في الأسبوع الماضي بمرض ال"كورونا"، مخاوف جدية من المخاطر التي تتهدد حياة المصريين في حال انتشار الفيروس القاتل بينهم. ورفضت الإدارة المركزية للحجر البيطري، دخول شحنة الجِمال الحية القادمة من السودان عبر محجر أبو سمبل للبلاد والبالغة 4700 رأس، لحين التأكد من خلوها من أي أمراض وبائية، بعد ثبوت الإصابة في عدد 12رأسًا منها بمرض "كورونا" في أول اختبار معملي لها. وقررت الهيئة، اتخاذ جميع الإجراءات البيطرية، بسحب عينات من الشحنة بالكامل، وإجراء المسوحات الأنفية للكشف عن الفيروس، واتخاذ جميع الإجراءات بتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع تهريب رؤوس الإبل بالطرق غير الشرعية إلى داخل البلاد، بالإضافة إلى مراجعة إجراءات استيراد الحيوانات الحية من دول الاستيراد لمنع وصول أي شحنات مصابة بالأمراض الوبائية. وقال الدكتور فهيم عزيز شلتوت، أستاذ الرقابة الصحية على اللحوم، وعضو مجلس قسم مراقبة الأغذية كلية الطب البيطري جامعة بنها، إن "هناك إجراءات متبعة لأي شحنة لحوم مستوردة سواء حيوانات حية أو مجمدة من جميع الدول التي يتم الاستيراد منها، والتي تخضع للفحص بمعامل الحجر البيطري، ومعامل وزارة الصحة، إضافة إلى معامل هيئة الرقابة على الواردات". وأضاف شلتوت ل"المصريون" أن "هناك شروطًا لاستيراد اللحوم من الخارج، وهي أن تكون البلاد التي يتم الاستيراد منها خالية من الأمراض والأوبئة، فضلاً عن تشكيل لجان من هيئة الخدمات البيطرية للسفر إلى الدول التي يتم الاستيراد منها اللحوم للكشف على الشحنة ومدى مطابقتها للمواصفات". وحذر شلتوت من خطورة الأمراض والفيروسات التي لم تظهر في شحنات اللحوم المستوردة أو ما تسمى الأمراض "الكامنة" والتي لا تظهر على الحيوان حتى بعد حجزه في الحجر البيطري لمدة شهر وهى الفترة المحددة للشحنات المستوردة. من جانبها، بدأت الهيئة العامة للخدمات البيطرية، بالتنسيق مع وزارة الصحة ومعهد بحوث صحة الحيوان، سحب عينات دورية من 6 أسواق رئيسية لبيع الجمال من أسواق برقاش بالجيزة وسوق بنها بالقليوبية وقويسنا بالمنوفية، ودراو بأسوان والشرقية ومطروح، والمذبوحة في مجازر القاهرة. تأتي الخطوة كإجراء احترازي للتعرف على مرض “كورونا“، كما تم تشديد الإجراءات الرقابية بالمحافظات الحدودية لمنع تهريب الحيوانات لحماية الثروة الحيوانية من مرض الأمراض الوبائية. فيروس "كورونا" هو فيروس غامض ونادر من عائلة “الكورونا فيروس”، وبحسب المعلومات الأولية، تبدأ أعراض هذا الفيروس الجديد بسيطة كأعراض الأنفلونزا، حيث يشعر المريض بحرقان في الحلق، والسعال، وارتفاع في درجة الحرارة، وضيق في التنفس، وصداع،وربما تتطور الأعراض إلى التهاب حاد في الرئة، بسبب تلف الحويصلات الهوائية وتورم أنسجة الرئة، أو إلى فشلٍ كلوي، كما قد يمنع الفيروس وصول الأكسجين إلى الدم مسبب قصور في وظائف أعضاء الجسم، ما قد يؤدي إلى الوفاة في حالات معينة. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في وقت سابق أن الفيروس الغامض الجديد ينتمي إلى عائلة الكورونا التي ينتمي إليها فيروس "سارس"، إلا أن الفرق بين الفيروسين يكمن في أن السارس، عدا كونه يصيب الجهاز التنفسي، فإنه قد يتسبب بالتهاب في المعدة والأمعاء، أما الفيروس الجديد فيختلف عن السارس في أنه يسبب التهابًا حادًا في الجهاز التنفسي، ويؤدي بسرعة إلى الفشل الكلوي. وقال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن "الشحنات المستوردة المصابة بالفيروسات تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان والحيوان ويؤدى إلى انتقال الأمراض والأوبئة إلى البلاد، فضلاً عن الخسائر في الاقتصاد"، لافتًا إلى أن دخول مثل هذه الشحنات إلى البلاد يدل على أن هناك فسادًا وغياب تفعيل الرقابة. وقال صيام إنه لا توجد رؤية واضحة من قبل الحكومة في قطاع الاستيراد بصفة عامة وقطاع الزراعة بصفة خاصة، بعد أن أهملته على مدار الأعوام السابقة وتم تهميش البحوث الزراعية والثروة الحيوانية، والتي تساعد بشكل أساسي في الاستغناء عن الاستيراد، إذا تم الاهتمام بالإنتاج المحلي وعدم الاعتماد على الخارج في الغذاء. وشدد على ضرورة الزيادة لمخصصات البحوث الزراعية، موضحًا أن الحكومة خسفت بها الأرض في العام الأخير وجعلتها 20مليون جنيه فقط، بعدما كانت في الثمانينيات 800مليون جنيه، وهذا فرق كبير جدًا لذلك البحوث أنتجت أفضل أنواع البحوث في القمح والقطن وغيره. وتابع: "يجب على الدولة إعادة النظر في السياسة الزراعية ودعم الاستثمار الزراعي بطريقة جدية أكثر من ذلك، موضحًا أن أكثر من 50% من سكان مصر يعيشون على الزراعة، كما أنه لا ينبغي لحكومة أن تنظر إلى الزراعة من الناحية الربحية ومقارنتها بالقطاعات الأخرى وإنما التعامل مع الزراعة من منظور الحفاظ على الأمن الغذائي لمصر، ولفت إلى أن المشاكل السياسية المتزامنة مع مشاكل سد النهضة تؤكد على القائمين في القطاع الزراعي بأن يسعوا إلى تدميره والقضاء عليه، على حد قوله. وقال الدكتور إبراهيم محروس، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، إن هناك تواصلاً مع سلطات الحجر البيطري السوداني، لتعديل بعض الاشتراطات الخاصة باستيراد الماشية والجمال خلال الفترة القادمة. وأضاف أن ذلك يأتي كإجراء احترازي تحسبًا لدخول أي من الأمراض الوبائية، والكشف البيطري على الماشية ببلد المنشأ، بدلاً من الانتظار لسحب العينات في مصر بعد استيرادها، وتحصين الجمال بالكامل وإقامة محاجر لها أسوة بالماشية الأخرى، وإرسال لجان لبعض المناطق التي تظهر فيها أمراض وبائية كإجراء احترازي، وهو ما يتم في جيبوتي والصومال. وكشف أنه من المقرر سفر لجنة بيطرية للسودان خلال الفترة القادمة، للتعرف على الإجراءات المتبعة في استيراد الماشية والجمال، ووضع الاشتراطات الجديدة، التي تشمل الاستعانة بعدد من المحاجر الحدودية وليس محجر"الكاردو" فقط، لعمل مناوبات بينهم فيما يتعلق بتنفيذ عمليات الفحص والتطهير، فضلاً عن تحصين الحيوانات إجباريًا، وتنفيذ عمليات عزل القطعان عن البيئة المحيطة، وحظر دخول الماشية السودانية المحاجر الريفية، إذ سيقتصر الأمر على المحاجر الحدودية والصحراوية فقط، مثل العين السخنة، الغردقة، أبوسمبل، وسفاجا.