يوم السبت الموافق 13 سبتمبر 2014، قررت وكالة أنباء الشرق الأوسط طرح سيارتها من طراز "مرسيدس 230 E موديل 1989" المعروفة باسم "مرسيدس صدام حسين لغزو دولة الكويت" للبيع في مزاد علني على شبكة الإنترنت خلال الفترة من 15 إلى 25 سبتمبر 2014 بمناسبة اقتراب الذكرى الخامسة والعشرين للغزو العراقي للكويت. الوكالة في ذات اليوم نقلت عن رئيس مجلس إدارتها ورئيس تحريرها الزميل الأستاذ علاء حيدر قوله: إن السيارة تكتسب قيمة تاريخية كبرى.. لأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قام في عام 1989 بتقديم سيارات مرسيدس هدية من طراز نفس العام إلى جميع رؤساء تحرير المؤسسات الصحفية القومية المصرية تبلغ قيمة كل واحدة منها حينذاك 160 ألف جنيه مصري (60 ألف دولار بأسعار الدولار في عام 1989)، بهدف انحياز المؤسسات الصحفية إلى الغزو العراقي للكويت. وأضاف: "الأمر الذي لاقى رفضًا من قبل جميع المؤسسات الصحفية، وذلك في إطار سياسة مصر العربية القومية القائمة على الحفاظ على وحدة الدول العربية وسيادتها على كامل أراضيها خاصة دولة الكويت التي لم تبخل في يوم من الأيام عن تدعيم القضايا المصيرية للأمة العربية وعلى رأسها الموقف الكويتي الداعم للعراق نفسه في حربه مع إيران". بقية تصريحات الأستاذ حيدر، كانت من قبيل الدعاية للسيارة المرسيدس المعروضة للبيع، غير أن كلام الزميل بأن رؤساء تحرير الصحف القومية رفضت العرض، كلام غير صحيح، بدليل أن جميعهم عادوا بسيارات صدام الهدية إلى القاهرة، وأضافوها إلى ممتلكاتهم الخاصة. غير أن الرئيس الأسبق حسني مبارك، شعر آنذاك بالإهانة لأن الصورة التي صدرت للجميع، هي أن رؤساء تحرير صحفه "مرتشون" وأنهم تلقوا ثمن تأييدهم لالتهام صدام للكويت.. وبدافع حس رجل الدولة بأن ما حدث يفقد الصحافة المصرية مصداقيتها فيما يعتبرها هو أداة خطيرة ومهمة من أدواته التي يحتاجها وقت الأزمات الكبرى.. وأنه لن يصدقها الناس حين يحتاجها، بعد أن باتت في نظرهم مرتشية ولا ضمير لها، واشتراها صدام بحفنة سيارات! عندئذ أمر مبارك، كل رئيس تحرير صحيفة قومية، بالتنازل عن السيارة ونقل ملكيتها إلى المؤسسة التابع لها.. وأنقذ الصحافة المصرية من واحدة من أسوأ الفضائح على المستويين الأخلاقي والقومي، كانت كفيلة لإنهاء دورها إلى الأبد. درس مبارك في هذه الواقعة تحديدًا، أعتقد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يحتاج إلى أن يراجعه جيدًا.. فالصحافة والإعلام جزء من أدوات الدولة، تحتاجها الأخيرة في أي مأزق سياسي كبير أو اشتباك مع أي قوة إقليمية أو دولية، فإذا فقدت مصداقيتها، وتركت ممارستها انطباعًا عند الناس، بأنها تدار بالتليفون، وموزع ولاؤها بين الأجهزة الأمنية والسيادية وجماعات المصالح ومافيات الفساد، ولا تفعل إلا ما تؤمر به.. وأنه إعلام "مرتزق" وليس وطنيًا مستقلاً.. فإنه يتحول إلى عبء على النظام ويورطه في المشاكل والفضائح والمساخر ويعمق من أزماته في الداخل والخارج. الرئيس عبد الفتاح السيسي مطالب الآن، بأن يتخذ من الإجراءات التي تعيد للصحافة والإعلام الكرامة والهيبة والاستقلالية والمصداقية.. وذلك بأن يحررها من سيطرة الأجهزة والمؤسسات الأمنية، وأن يتخلص من هذه الوجوه الكريهة والمكروهة والمأجورة والغبية والجاهلة وغير المتعلمة التي تتكلم الآن على الفضائيات باسمه وتنهش لحم وعرض كل صاحب رأي مخالف. على الرئيس أن يتحمل مسؤوليته في هذا الملف تحديدًا.. لأن نظامه يتحمل مسؤولية تسمين هذه الظاهرة التي قزمت مصر كثيرًا.. وجعلتها أقل قيمة وقامة عربيًا وأفريقيًا وعالميًا. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.