أكد المستشار يحيى دكروري رئيس محكمة القضاء الإداري، أن رئيس الجمهورية احترم الدستور فى حماية حق الملكية، وأصدر قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين وناط بإحدى دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة النظر فى طلبات الإدراج على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين، بناء على طلب من النائب العام، ورتب المشرع بقوة القانون على نشر قرار إدراج تجميد الأموال المملوكة للكيان الإرهابي وأعضائه الإرهابيين، متى كانت مستخدمة فى النشاط الإرهابي. وقالت المحكمة إن اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل، التى تفرض التحفظ على أموال بعض المواطنين استنادا لانتمائهم للإرهابيين، تغتصب ولاية دائرة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، التى لا يجوز لها أن تتخلى عن ولايتها لهذه اللجنة مهما علا شأنها، مؤكدة أن اللجنة التى شكلها رئيس الوزراء لتنفيذ حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، إدارية وقراراتها إدارية، وهى اللجنة الأم، وكل ما يتفرع عنها من لجان كاللجنة المشكلة من وزير العدل تأخذ طبيعتها الإدارية وتخضع قراراتها لرقابة القضاء الإداري، ولا تعتصم بالتحصين. جاء ذلك فى الحكم الذي أصدرته المحكمة، وقضت فيه بإلغاء قرار اللجنة المشكلة من وزير العدل فيما تضمنه من التحفظ على أموال أحد المواطنين العقارية والمنقولة والسائلة، ومنعه من التصرف فيها وإدارتها، بالمخالفة لأحكام الدستور، ولما انتهى إليه قضاء محكمة النقض، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقالت المحكمة: «التزامًا بأحكام الدستور فى مجال حماية حق الملكية، أصدر رئيس الجمهورية القرار بقانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، الذي اختص الدائرة الجنائية بمحكمة استئناف القاهرة بإدراج الكيانات الإرهابية أو الإرهابيين على قائمتي الكيانات الإرهابية أو الإرهابيين، بناء على طلب من النائب العام أو حكم جنائي نهائي بإسباغ هذا الوصف على الكيان الإرهابي أو على الإرهابي من الأشخاص، ويترتب على ذلك حظر نقل هذه الأموال أو تحريكها أو تبديلها أو تحويلها أو التصرف فيها مؤقتا»، مضيفة أن «الدائرة الجنائية بمحكمة استئناف القاهرة صارت مختصة دون غيرها بنظر ذلك، كما أن تحديد المنوط به إدارة تلك الأموال ينعقد قانونًا للدائرة الجنائية ذاتها دون غيرها». وأوضحت: «المحكمة الإدارية العليا وضعت ضابط التفرقة بين اللجان القضائية واللجان الإدارية، فإذا ضم تشكيلها مزيجًا من العناصر الإدارية والفنية والعنصر القضائي، ولم تسير فى شأنها التشريعات المنظمة للجهات القضائية ولم تخضع الإجراءات أمامها لقانون المرافعات المدنية والتجارية، فإنها لا تعد جهة قضائية، وإنما تعد جهة إدارية ذات اختصاص قضائي، وما يصدر عنها من قرارات نهائية إدارية خاضعة لقانون مجلس الدولة، والطعن عليها يندرج فى اختصاص محاكم مجلس الدولة، ولا يسوغ تحصين قراراتها ضد الطعن القضائي، وإلا كان ذلك مخالفًا لصريح نص المادة 97 من الدستور، الذي حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء». وتابعت: «المحكمة الدستورية العليا ذهبت إلى أن التمييز بين العمل القضائي وغيره من الأعمال التى تلتبس به، فإسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل فى نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي، الذي يلزم أن تتوافر فى أعضائه ضمانات الكفاية والحيدة والاستقلال، وأن يثير النزاع المطروح عليها ادعاء قانونيا يبلور الحق فى الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها، بوصفها الوسيلة التى عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها، بما لا يخل بالضمانات القضائية الرئيسية التى لا يجوز النزول عنها، والتي تقوم فى جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها، وتمحيص ادعاءاتهم فى ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفا، محددا حقوق كل من المتنازعين فى تجرد كامل». وأشارت المحكمة إلى أن اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1141 لسنة 2013، لمباشرة الأعمال والاختصاصات التى نص عليها منطوق حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، لجنة إدارية بحكم تشكيلها من ممثلين عن الجهات الإدارية، وبحكم الاختصاصات المسندة لها، ومن ثم فقراراتها إدارية وليست قضائية. وأوضحت المحكمة أن اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل قدرت بإرادتها أن المدعى ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم قررت التحفظ على أمواله ومنعه من إدارتها، بناء على ما ورد لها من الأمن الوطني، الأمر الذى يغدو معه التحفظ على أموال المدعى صنيعة يد هذه اللجنة وحدها، وإن حاولت ستره خلف حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، متخذة من هذا الحكم ذريعة لقرارها بدعوى أنه عمل من أعمال تنفيذ الحكم خلافا للحقيقة، وهو ما لا تملكه هذه اللجنة، إذ أنها لجنة إدارية لا سلطان لها فى إصدار قرارات قضائية أو أحكام قضائية أو الاضطلاع بولاية المحكمة المختصة، وومن ثم تكون اللجنة اغتصبت اختصاص القضاء فى هذا الشأن. واختتمت المحكمة حكمها بأنها تدرك أن الإرهاب يشكل خطرا على المجتمع، وعلى جهة الإدارة مواجهته، إلا أن ذلك يجب أن يتم بالوسائل والإجراءات المشروعة، ولا يجوز لها أن تتخطى أو تتجاهل أحكام الدستور والقانون، فخطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من الإرهاب.