"هيكل" أسطورة الصحافة المصرية الذي عاش قرابة نصف قرن مستخدمًا قلمه سلاحًا يجابه الأنظمة، ولد فى 23 سبتمبر بمحافظة القليوبية، وبدأت رحلته الصحفية بالتحاقة بجريدة "الإيجبشيان جازيت" منذ سنة 1943م محررًا تحت التمرين فى قسم الحوادث، ثم فى القسم البرلماني واختاره رئيس تحرير "الإيجيبشيان جازيت" لكي يشارك فى تغطية بعض معارك الحرب العالمية الثانية فى مراحلها المتأخرة برؤية مصرية. عين محررًا بمجلة آخر ساعة سنة 1945م وعمل قريبًا من مؤسسها الأستاذ محمد التابعي وانتقل معها عندما انتقلت ملكيتها إلى أخبار اليوم، عايش كل معارك الصحفي المبتدئ من سنة 1946 حتى 1950 بعمله مراسلاً متجولاً بأخبار اليوم وسافر مع الأحداث من الشرق الأوسط إلى البلقان، وإلى أفريقيا، وإلى الشرق الأقصى حتى كوريا. ومرت به الأحداث إلى أن استقر فى مصر وكتب له معايشة الواقع إذ عين لرئاسة لتحرير آخر ساعة ومديرًا لتحرير أخبار اليوم فى نفس الوقت، وكان من أكثر الصحفيين المعايشين للرئيس جمال عبد الناصر وتتبع حياته وعرف كل ما دار خلف الكواليس فكان شاهد عيان على العصر. عرض عليه رئاسة مجلس إدارة الأهرام ورئاسة تحريرها 1956، إلا أنه أبدى رفضه التام بادئ الأمر إلى أن وافق وظل متربعًا على عرش الأهرام قرابة 17 عامًا وصل بها لأن تكون واحدة من عشرة صحف عالميًا. أولى مقالاته فى الأهرام بعنوان السر الحقيقي فى مشكلة عُمان، لينهى عمله الصحفي فى الأهرام بمقال يحمل عنوان الظلال.. والبريق فى فبراير 1974، ورأس محمد حسنين هيكل مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، ومجلة روز اليوسف فى مرحلة الستينيات. وبزغ نجمه بإنشائه مجموعه من المراكز المتخصصة للأهرام مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ومركز الدراسات الصحفية ومركز توثيق تاريخ مصر المعاصر، صلته الجيدة بالرئيس جمال عبد الناصر جعلته أول المرشحين لوزارة الإرشاد القومي ولعلمه بحب هيكل للكتابة أصدر مرسومًا يتيح له الاستمرار فى عمله الصحفي كرئيس تحرير. لم يستمر هيكل فى صداقات كل الأنظمة حيث كان على خلاف مع الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر 1973 خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع النتائج السياسية لحرب أكتوبر، واتخذ الرئيس قرارًا بتعيينه مستشاراً لمحاولة اجتذابه إلا أنه أبى قبول المنصب وتفرغ للكتابة، وكان كل ما يكتبه ينشر خارج مصر وهو يعيش داخلها، وكان الاعتقال النتيجة الحتمية لكتاباته. وعقب تركه رئاسة تحرير الأهرام لم يترك الكتابة وإنما استمر بمقالاته لكبرى صحف العالم وفى مقدمتها "صن داى تيمز" و"تيمز "البريطانية، وقام بنشر أحد عشر كتابًا فى مجال النشر الدولي بينها "خريف الغضب"، "عودة آية الله" و"الطريق إلى رمضان" و"أوهام القوة والنصر". اعتزل الكتابة المنتظمة والعمل الصحفي فى الثالث والعشرين من سبتمبر عام 2003 م، بعد أن أتم عامه الثمانين، إلا أنه بقى مساهمًا فى التحليل والدراسة عن تاريخ العرب المعاصر الوثيق الصلة بالواقع الراهن مستخدمًا منبرًا جديدًا غير الصحف والكتب وهو التلفاز حيث يعرض تجربة حياته فى برنامج أسبوعي بعنوان مع هيكل. وساءت حالته الصحية منذ ثلاثة أسابيع حين بدأ بالخضوع لعلاج مكثف فى محاولة لإنقاذ حياته، بعد تعرضه لأزمة شديدة بدأت بمياه على الرئة رافقها فشل كلوي استدعى غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً، إلى أن فارق الحياة عن عمر يناهز 93 عامًا.