تأرجحت مشاعر المتظاهرين المتجمعين مع غروب شمس نهار 11 فبراير 2011، على خطوط مترو الأنفاق قبالة القصر الرئاسي في القاهرة بين اليأس والامل، فيما كان زملاؤهم في ميدان التحرير ينتظرون أي إشارة إلى زوال 30 عاماً من حكم مبارك. كان من المتوقع أن يتنحى حسني مبارك، قائد القوات الجوية السابق، قبل يوم واحد إلا أنه تشبث بالسلطة في خطاب تلفزيوني مصراً على أنه سيبقى حتى موعد الانتخابات في سبتمبرلكن الجيش الذي كان منتشراً في العاصمة كان قد حسم أمر رحيله بعد 18 يوماً من التظاهرات التي شلّت البلاد. و تأتى ذكرى مرور 5 سنوات على تنحى مبارك ، ليصبح ذلك اليوم بمثابة حلم للنشطاء الذين يقولون إنهم يعيشون أحلك أوقات حياتهم وليكون عدد النشطاء المسجونين أكثر من أي وقت مضى في عهد مبارك. من جانبها ،تقول الناشطة الحقوقية منى سيف التي تواجدت في ميدان التحرير: "لقد كنت سعيدة للغاية". وتضيف لوكالة الصحافة الفرنسية أنها كانت تعلم مع ناشطين مثلها أن الطريق أمامهم طويل لكنهم ظنوا أن "الأمر الأصعب قد مر"، في إشارة إلى الإطاحة بمبارك. وتابعت سيف قائلة إن "طبيعة اليأس الآن مختلفة"، مضيفة بقولها : "في عهد مبارك لم يكن لدينا كثير من الأمل، لكننا وصلنا الى لحظة شعرنا بها بكامل إمكانيات الأمل والأفق الواسع ثم سقطنا منها". وستظل الناشطة سيف دائماً تعتز بما عاشته يوم 11 فبراير ، حيث تقول: "مهما حدث ومهما كان قاسياً، لا يمكن العودة والندم على ذلك الشعور". و يذكر إن للناشطة سيف أخ مسجون هو الناشط اليساري المشهور علاء عبدالفتاح، كذلك سجنت أختها حتى أفرج عنها أخيراً بموجب عفو رئاسي. كما توفي والدهم الحقوقي المشهور أحمد سيف في أغسطس 2014 فيما كان ابنه وابنته في السجن فيما قضى سيف آخر أيام حياته في المحاكم محاولاً إخراج أبنائه ونشطاء آخرين من السجن. وسمح لعلاء وثناء بحضور جنازة والدهم، لكن في ملابس السجن البيضاء. وفتحت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي الباب أمام حملة قمع دموية واسعة ضد أنصاره وعلى مختلف التيارات العارضة. وحُبس علاء وثناء وعدد كبير من النشطاء الآخرين لمخالفتهم قانون الظاهر الذي يجرم التظاهر دون إذن من قبل الداخلية، فيما تتزايد أخيراً التقارير عن انتهاكات الشرطة. وقتل مئات المتظاهرين، معظمهم من أنصار مرسي، بالرصاص في الشوارع، فيما تخوض الحكومة المصرية حرباً شرسة مع الجهاديين الإسلاميين الذين قتلوا مئات من الشرطيين وجنود الجيش. وأصبح النشطاء الذين بقوا متفائلين فيما البلاد تنتقل من أزمة لأخرى بعد الإطاحة بمبارك، مترددين حتى للحديث عن ذلك اليوم. وقال أحد النشطاء المعارضين لوكالة الصحافة الفرنسية: "اتركني وشأني. إنه أمر محبط جداً". وبالنسبة للعديد النشطاء لم يكن 11 فبراير يتعلق فقط بالإطاحة بمبارك رغم ان هذا الأمر بحد ذاته لم يكن يمكن تصوره قبلها ب18 يوماً حين بدأت التظاهرات. لقد كانت بالنسبة اليهم معركة أيضاً للمطالبة بالعدالة الاجتماعية والكرامة في بلد يشهد تجاوزات يومية من قبل مسؤولين فاسدين ورجال شرطة. وبالنسبة لتيموثي كالداس، الباحث غير المقيم في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط الذي تواجد في ميدان التحرير في 11 فبراير، فإن هذا يعتبر نتيجة تفكك ما حققوه. وتابع: "ما يجعل الأمر بهذه الصعوبة والازعاج ليس فقط لأن الأوضاع سيئة جداً في الوقت الراهن، لكن واقع أنه للحظة وجيزة خلقنا انفراجاً ودفعنا في اتجاه فتح أفق سياسي". وتصف هبة مورايف، الحقوقية البارزة التي ذهبت الى ميدان التحرير آنذاك للاحتفال بالإطاحة بمبارك، تلك الليلة "بالفرح النقي". إلا أنها أضافت "سريعاً جداً عدنا للقيام العمل المعتاد كنشطاء حقوق إنسان". وتقول مورايف، مساعدة مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة حقوقية مستقلة مقرها القاهرة: "يمكنني تخيل تغيير في المستقبل، لكنه من الصعب أن نرى تغييراً في اتجاه إيجابي". وأشارت الوكالة الفرنسية إلى إنه تم تأييد كثير من المعارضين اليساريين الذين قادوا التظاهرات ضد مبارك، التجمعات الحاشدة المطالبة بعزل مرسي في 30 يونيو ليواجه هؤلاء النشطاء انتقادات عارمة، حيث صور الإعلام المؤيد للحكومة الحديث عن حقوق الإنسان بأنه خيانة.