قامت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عدلي منصور، بإرساء مبدأ قضائي جديد، بعدم الاعتداد بالأحكام الجنائية الباتة المبنية على نصوص قانونية قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها، وذلك استنادًا إلى المادة 49 من قانون المحكمة التي تنص على "أن الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى نص جنائي قضى بعدم دستوريته تعتبر كأن لم تكن" والمذكرة الإيضاحية للقانون التي جاء بها أنه "إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي فإن جميع الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن حتى ولو كانت أحكامًا باتة". وصدر الحكم فى الدعوى المقامة من صبرى نخنوخ المدان بحكم باتًا من محكمة النقض فى 3 نوفمبر 2014 فى قضية حيازة أسلحة نارية دون ترخيص وأسلحة بيضاء ومواد مفرقعة في غير الأحوال المرخص بها، والمعاقب بالسجن المؤبد وغرامة 10 آلاف جنيه، بناء على المرسوم بقانون 6 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الأسلحة والذخائر الذى قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه فى 8 نوفمبر 2014 وذلك بحسب "صحيفة الشروق" وكانت المحكمة الدستورية قد أبطلت هذا القانون بسبب تقييده سلطة القاضى التقديرية فى استخدام قواعد الرأفة المبينة فى المادة 17 من قانون الأسلحة والذخائر، ما يتناقض مع مبدأ تفريد العقوبة، كما أن محكمة الجنايات التى قضت بإدانة نخنوخ فى مايو 2013 ناشدت المشرع فى نهاية حكمها بتعديل هذا القانون "وإعادة السلطة التقديرية للقاضى فى استخدام قواعد الرأفة المبينة بها، حتى لا يضحى محض آلة إليكترونية مطبقة لظاهر النص دونما مراعاة لروح العدالة، ودونما حسبان لسلطته فى التقدير، سيما أن هناك من جرائم ما هو أخطر وأشد جسامة مثل جرائم القتل العمد بكل ظروفه المشددة، أجاز فيها المشرع للقاضى استخدام المادة (17) فى النزول بالعقوبة درجة أو درجتين، كما أن الحالة الاستثنائية التي دعت لوضع هذا التعديل المعيب فى ظل وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد زالت بانتخاب رئيس للجمهورية ومجلس نيابى". واعتبر نخنوخ فى دعواه أن الحكم البات بإدانته أصبح عائقًا يحول دون إعمال الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية الصادر ببطلان القانون المذكور. وخلال تحضير القضية، أعد المستشار د.طارق محمد عبد القادر، الرئيس بهيئة المفوضين، تقريرًا استعرض رأيين حول القضية؛ الأول أن يستمر تطبيق العقوبة على نخنوخ دون إعمال الأثر الرجعى لحكم المحكمة الدستورية ببطلان القانون، استنادًا إلى أنه "إذا انقضت الدعوى الجنائية بحكم بات حاز قوة الأمر المقضي به، وأصبح هذا الحكم عنوانًا للحقيقة التى لا تقبل المجادلة، وعنوانًا للصحة التى لا تقبل المناقضة، خاصة أن المشرع فى قانون العقوبات لم يجز فى جميع الأحوال تطبيق القانون الأصلح إذا صدر بعد وقوع الجريمة والفصل فيها بحكم بات، بل اشترط لذلك أن نكون إزاء وضع تأباه العدالة، كمثل أن يأتي القانون الجديد بسبب يؤدى إلى إسقاط وصف التجريم عن الفعل أو لتوافر أحد أسباب الإباحة أو لعدم توافر أحد ركنى الجريمة المادى أو المعنوى أو لقيام مانع من موانع العقاب". وقياسًا على ذلك، اعتبر تقرير المفوضين فى هذا الرأى أن "إعمال الأثر الرجعى فى مثل هذه القضايا الجنائية يسرى على الأحكام التي تزيل وصف التجريم أو تضيق من مجاله باعتباره وضعًا تأباه العدالة" موضحًا أن "التطبيقات الحديثة للمحكمة الدستورية فى فكرة القانون الأصلح للمتهم قد اشترطت لإعماله أن يصدر هذا القانون قبل الحكم على المتهم بحكم نهائى لا يقبل طعنا بالمعارضة أو الاستئناف أو النقض".