يوشك نواب البرلمان على خسارة ما تبقى لهم من مؤيدين في الشارع المصري في حالة رضوخهم لرغبة رئيس الجمهورية وعرض قانون الخدمة المدنية مرة أخرى على البرلمان خلال الفصل التشريعي الحالي، وهو ما قد يجبرهم على مخالفة الدستور ودخولهم تحت طائلة قانون الإرهاب الذي يصف كل من يتعدى على نصوص الدستور والقانون ويعرقل تنفيذه بالإرهابي، بحسب خبراء دستوريين. وأضاف الخبراء أن رضوخ النواب لرغبة رئيس الجمهورية يفقد المجلس شرعيته الجماهيرية ويفضحه أمام الجميع لاسيما وأنه فشل في أول معركة خاضها ضد الرئيس لصالح الموظفين, وسيظهر ولاؤهم الكامل لرئيس الجمهورية وأن تشريعاتهم ستصب في إطار المصلحة الخاصة والمكاسب السياسية بعيدًا عن الشعب. قال فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستوري, إن مد العمل بقانون الخدمة المدنية هو استخفاف بموظفي مصر ومخالفة صريحة للدستور الذي ينص في المادة 156 برفض القانون بشكل جازم وقطعي فور التصويت على رفضه من قبل مجلس النواب, وتعليقه بموافقة رئيس الجمهورية هو أمر غير دستوري ويقع تحت طائلة قانون الإرهاب الذي وصف كل من يتعدى على سيادة القانون أو يوقف هذه الصفة ب"الإرهابي". وشدد على أن إقرار الدستور خلال الفصل التشريعي الأول يعد استخفافًا بالقانون وانتهاكًا لسيادة الدستور مما يضع النواب تحت طائلة قانون الإرهاب لاسيما وأن المادة الأولى من الدستور تقول إن نظام الدولة جمهوري ديمقراطي قائم على سيادة الدستور والقانون بجانب 25 مادة أخرى تتحدث عن سيادة القانون والدستور واحترام القضاء باعتباره ضمانة أساسية لاحترام الحقوق والحريات. لذلك عرض قانون الخدمة المدنية مرة أخرى على المجلس خلال الفصل التشريعي الأول يعتبر تعديًا على سيادة الدستور وانتهاكًا لنصوصه وهو ما يقابله عقوبة واضحة في قانون الإرهاب رقم 94 لعام 2015 والذي أقرة النواب, ويشير إلى أن تعطيل نص من نصوص القانون أو الدستور أو اللائحة يعد عملاً إرهابيًا. وتابع: "المادة 159من الدستور قالت إن رئيس الجمهورية إذا ارتكب جريمة جنائية أو خيانة عظمى أو انتهاك الدستور يتعرض للمساءلة, ومن ثم لو انتهك أعضاء البرلمان الدستور فيكون اتهامهم بالخيانة وانتهاك الدستور أسوة برئيس الجمهورية أمر واجب". ومن جانبه قال أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات القانونية, إنه في دولة القانون والمؤسسات يحترم الدستور وتطبق أحكامه ولا يجوز لأي مؤسسة أن تخالف أحكام القانون والدستور، وذلك تحت رقابة البرلمان وقت التنفيذ, وقبل حدوث الضرر, وتحت رقابة القضاء إذا تمت المخالفة ووقع الضرر. وتابع: "لما كان الدستور بنصوص واضحة وصريحة يلزم الدولة باحترام أحكام الدستور تطبيقًا لنص المادة 156 من الدستور، والتي تقضي بعرض القوانين التي صدرت في غيبة مجلس النواب على البرلمان خلال 15 يومًا للتصديق عليها بالقبول والموافقة أو بالرفض، وبالتالي فإن الرفض يترتب عليه تعطيل العمل بالقانون وإلغاؤه ولا يجوز الاستمرار بتطبيق نصوص القانون المرفوض وإلا كانت الحكومة متهمة بعدم احترام قرارات البرلمان، مما يعد ضربًا بالدستور عرض الحائط. وأضاف في تصريح ل"المصريون" أن رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية يترتب عليه تعطيل العمل بالقانون والعودة مرة أخرى وبقوة الدستور للقانون 47 للعاملين المدنين بالدولة ولا يجوز الحكومة مخالفة ذلك وتعطيل قرار البرلمان بحجة عرض القانون بعد رفضه على رئيس الجمهورية ولا يجوز إعادة عرض القانون على البرلمان مرة أخرى مع تعديله خلال نفس الفصل التشريعي. وأردف: "يجب أن تنتظر الحكومة حتى بداية الفصل التشريعي الجديد مع بداية العام المقبل لإعادة عرض القانون بعد تعديله وفقا لأسباب رفضه من البرلمان وباسم جديد للقانون ثم عرضه على البرلمان لمناقشته وإقراره أو رفضه ثم إعادة العمل به". ورفض مهران ما قامت به الحكومة من إخطار الجهات والوزارات والهيئات الخاضعة لقانون الخدمة المدنية من العاملين بالدولة بالاستمرار بتطبيق قانون الخدمة المدنية بعد رفضه متعللة بضرورة الاستمرار لحين عرضه على رئيس الجمهورية بعد رفض البرلمان, وذلك من أجل تشكيل لجنة لتعديله وإعادة طرحه فى نفس الفصل التشريعي هو مخالفة دستورية جسيمة تهدم دولة القانون وتفرغ البرلمان من مضمونه وتشوه صورته أمام الشارع وتكشف عن ضعفه وعدم قدرته على تفعيل أحكام الدستور. وأضاف: "يبدو أن الحكومة تسعى لتتحايل على النصوص الدستورية واستمرار تطبيق القانون من خلال إرجاء عرضه على رئيس الجمهورية بعد رفض البرلمان له, حتى انتهاء الفصل التشريعي, ومن ثم تعديله ثم عرضه على البرلمان مرة أخرى وإقراره والعمل به دون توقف وبذلك تكون الحكومة خالفت الدستور من جهة وضربت عرض الحائط بقرار البرلمان من جهة أخرى, وتكون قد نفذت ما تريد دون أي مسئولية سياسية أو قانونية أمام الشعب الذي تحكمه".