36 مليار جنيه، حصيلة خسائر الحكومة بعد رفض البرلمان تمرير 3 قوانين، أثارت الجدل واشتعلت الحرب بين الحكومة والبرلمانيين، وهي قوانين الخدمة المدنية، الثروة المعدنية، بيع تحصين عقود البيع. قانون الخدمة المدنية رفض النواب قانون الخدمة المدنية، مشيرين إلى أن القانون به عوار في عدد من مواده، ومجحف لحقوق العمال، وهو ما أدى إلى انتقاد الرئيس عبدالفتاح السيسي للمجلس، حيث أكد الرئيس أنه لا يتدخل في عمل مجلس النواب، إلا أنه لديه بعض التحفظات بشأن رفض البرلمان قانون الخدمة المدنية. وقال: "بصراحة حين يعرض قانون للإصلاح، ويقوم النواب برفضه.. مفيش مشكلة لكن انتم تطلبون مني الإصلاح والتقدم وهو ليس بالضريبة السهلة". وأضاف أن "مصر لديها 7 ملايين موظف، نحتاج منهم مليونًا فقط، والقانون لن ينتقص من حقوق أو رواتب أحد، ونحن حريصون على ال6 ملايين الآخرين وأسرهم". جاءت كلمة الرئيس بعدما أكدت مصادر حكومية أن التراجع عن القانون يحمل الدولة نحو 17 مليار جنيه. وعن آثار رفض القانون، أكد الدكتور محمود كبيش، الفقيه الدستوري والقانوني، العميد السابق لكلية الحقوق، جامعة القاهرة، أنه وفور رفض قانون الخدمة المدنية تتم العودة للعمل بقانون العاملين القديم رقم 47 لسنة 1978، وهو ما يؤدي إلى إعادة احتساب المرتبات مع ضم العلاوة الاجتماعية، بواقع 10% من الراتب الأساسي للعاملين في 30 يونيو 2010 دون حد أدنى أو أقصى. وأضاف "كبيش" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أنه سوف تتم العودة لنظام التعيين عن طريق الإعلان عن مسابقات التعيين في جريدتين رسميتين على الأقل، فضلاً عن إعطاء الحق للمتعاقدين من بعد 30 يونيو 2014 في التعيين بعد مضى ثلاث سنوات من تاريخ التعاقد، وعودة الحق في البدل النقدي للإجازات والحق في ضم مدد الخبرة العلمية والعملية وعودة الحق في الاحتفاظ للعامل بمرتبه السابق إذا ما أعيد تعيينه كما سيتم إلغاء تعيينات شهري يناير ويوليو. وأوضح أن إلغاء القانون يترتب عليه أيضًا عدم زيادة المرتبات بنسبة 5% من الأجر الوظيفي والذي كان يمثل 75% من الأجر، توقف مسابقة التعيينات بالحكومة وهي مسابقات شهري يناير ويوليو وفقًا لنص القانون. ومن جانبهم، لم يجد النواب والأحزاب أمامهم سوى أن يطرحوا تعديلات على القانون، أعلن أحمد سامي، المتحدث الإعلامي بحزب مستقبل وطن، أن الحزب أعد مشروع قانون للخدمة المدنية يتضمن تعديلات على القانون المرفوض تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب. وأضاف "سامي" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن قانون الخدمة المدنية تسبب في تشويه الهيكل الإداري للدولة. ومن جانبها، كشفت مي محمود، عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، أن الحزب شكل مجموعات عمل لبحث ودراسة القانون وإعادة صياغة القانون بشكل جيد، مشيرة إلى أن التقييم في القانون الجديد لن يتم من خلال مدير واحد فقط، وإنما من عدة أطراف، وهو ما لا يتسبب في توسيع سلطة المديرين. وأضافت "مي" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن المشروع وضع آلية بالنسبة للعلاوات تحقق العدالة بين جميع المرؤوسين. وفي السياق نفسه، قال عبدالفتاح محمد عبدالفتاح، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، إن هناك 6 مواد عليها خلاف من جانب النواب في مواد القانون مثل الأجور والتعيينات والحد الأقصى للأجور، مثل تحديد القانون للحد الأدنى لساعات العمل، وعدم تحديد الحد الأقصى، كما حدد القانون تقييم الأداء لمدة سنتين، وحال جاء التقييم سلبيًا يكون من حق الموظف التظلم، ولكن القانون ينص على أنه حال عدم الرد على التظلم خلال 60 يومًا يصبح التقييم نافذًا مما يعد تعسفًا. وأضاف "عبدالفتاح" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن القانون ثبت الزيادة على نسبة 5% في ظل وجود تضخم وارتفاع الأسعار، وهذا الوضع غير مثالي، حيث يمكن تحديد حد أدنى لنسبة الزيادة، وأن تتناسب الزيادة مع تغير نسبة التضخم. فيما أعلن أحمد عز العرب، نائب رئيس حزب الوفد، عن اجتماع المكتب التنفيذي لحزب الوفد وتشكيل لجنة لإعداد تعديلات على القانون وعرضها على المكتب التنفيذي للحزب، يوم الثلاثاء المقبل 2 فبراير. وأضاف "عز العرب" في تصريحات خاصة ل"المصريون" أن التعديلات تضمن تحقيق التوازن بين انضباط العمل الإداري والوظيفي، وحفظ مصالح العاملين الجادين في الدولة. فيما طالب هيثم الحريري، النائب البرلماني، بضرورة عرض التعديلات المقترحة على أصحاب الشأن من العمال والموظفين أولاً ليتم التوافق عليه ومن ثم يعرض على المجلس للبت فيه. وأشار الحريري في تصريحات ل"المصريون"، إلى أن تصريحات المستشار مجدي العجاتى بشأن تأخر صرف رواتب شهر فبراير باطل يراد به باطل، مقدمًا بعض التعديلات على القانون متمثلة في التسويات التي حصل عليها الموظف على مؤهله أثناء الخدمة وتسويتها وإمهاله فترة انتقالية، فضلاً عن أنه لا يجب أن يتحمل صندوق المعاشات فاتورة المعاش المبكر والتشديد على تطبيق الحد الأدنى للأجور. من جانبه، قال سمير غطاس، النائب البرلماني، إن الموازنة العامة للعام الحالى لا تتأثر بقانون الخدمة المدنية قائلاً: "هى كده كده مخروبة"، منوهًا بأن الموازنة العامة للدولة تشهد تضخمًا قد يصل بالدين إلى 2.2 تريليون جنيه وهذا ما يجعلنا نناقش الموازنة في البرلمان ومحاسبة الحكومة ووزارة المالية. وأضاف غطاس في تصريحات ل"المصريون"، أن قانون الخدمة المدنية لا علاقة له بتأخير المرتبات، فالحكومة ملتزمة بسداد المرتبات، منوهًا بأن تعديلات الخدمة المدنية لا علاقة لها بالأموال وإنما بقرارات فصل العاملين وتقييمهم. وتابع على الرئيس أن يعاتب الحكومة والوزير وليس البرلمان، مشيرًا إلى أن الحكومة كان من الممكن تفادى السمعة السيئة للقانون عن طريق شرحه للمواطنين. قانون الثروة المعدنية أثار رفض قانون الثروة المعدنية، حالة من الاختلاف بين البرلمانيين، فضلاً عن خلاف بين النواب والحكومة، حيث رفض النواب القانون بسبب أنه لم يحدد وضع العاملين في لائحته، ولا كيفية تقاضي رواتبهم، كما أن المحافظة تعتمد على الموارد الطبيعية في دعم خطتها الاستثمارية؛ لمواجهة المشاكل التي تعاني منها، وأنها كانت تحصل على نسبة 80% من المحاجر لدعم خطتها، إلا أن القانون الذي تم إقراره سوف يقلص نسبة المحافظة إلى 10 %. وأعلن الكثيرون تخوفاتهم بشأن الجزء الخاص بالعقوبات في القانون والذي يقضى برفع الغرامة من 205 آلاف جنيه إلى 5 ملايين، وهذه الغرامة ستتسبب مشاكل لأصحاب المحاجر، ونص القانون على أنه يجب أن تتوافر فيها معايير الصحة والسلامة، ولم تحدد اللائحة تلك المعايير، مما جعله بندًا فضفاضًا طاردًا للاستثمار. وتم تمرير القانون بموافقة النواب بنسبة مؤيدين أعلى من الرافضين، بعد تأكيد الحكومة متمثلة في وزير الدولة للشؤون القانونية مجدي العجاتي أنه حال رفض القانون فإنه بذلك سيفوت على الدولة 9 مليارات جنيه. وأوضح أن قانون الثروة المعدنية القديم كان يضيف لميزانية الدولة 450 ألف جنيه فيما يخص المحاجر، أما عقب إقرار القانون الحديد فإن المحاجر ستضيف للميزانية مليار جنيه. كما نشبت أزمة ومشادات عنيفة بين النواب وممثل الحكومة عمرو طعيمة، رئيس هيئة الثروة المعدنية خلال مناقشات القانون، وخلال الجلسة، اللجنة سألت بعض النواب عن صحة ما تردد عن سطو القوات المسلحة على المحاجر، وهنا رد طعيمة قائلاً: "القوات المسلحة لم تسطُ على المحاجر". وهاجم النواب ممثل الحكومة، وقال النائب سمير رشا: "سياستكم أدت لتفشي الفساد وتتحركون لصالح مصانع الأسمنت". وهاجم النائب الدكتور علي الكيال، الحكومة، قائلاً: "هؤلاء يعملون ضد الدولة ويساهمون في تفشي الفقر في الصعيد ويثيرون الشعب". النائب البرلمانى، هيثم الحريري، قال إن الحكومة نجحت في تقديم عرض مقنع فيما يخص قانون الثروة المعدنية، منوهًا بأن قانون الثروة المعدنية تم إقراره منذ عام 1959وكان لابد من تغييره بما يناسب التغيرات الحالية. وأشار الحريري، في تصريحات ل"المصريون"، إلى أن القانون كان يتيح للدولة الحصول على إتاوة بالملاليم، لتكون حصيلة الدولة منها 127 مليون جنيه إلا أن القانون وفقًا للتعديلات الحديثة تصبح حصيلة الدولة 10 مليارات جنيه. قانون بيع تحصين عقود البيع من القوانين التي واجهت رفض نواب البرلمان توجه الحكومة لتمكين رجال الأعمال من مقدرات وثروات البلاد، منتقدين الجزء الذي يقضي ب"أنه مع عدم الإخلال بحق التقاضي لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد، يكون الطعن ببطلان العقود التي يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح، وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التي أبرمت هذه العقود استنادًا لها". واعتبر البعض أن رفض النواب للقرار جيد جدًا ويصب في مصلحة حرب الشرفاء على الفساد، في حين يرى آخرون أن السنوات الماضية أثبتت أن تكلفة الدعاوى المقامة لبطلان العقود وإعادة فتحها أمام القضاء أكبر بكثير من مجرد بطلان تلك التعاقدات، لاسيما أن الحكومة ذاتها لا تملك السيولة التي يمكن أن تقوم بدفعها للمستثمر لإبطال العقد، ولا تملك أيضًا رفاهية إعادة عمال تلك الشركات لتزداد أعبائها عدا عن الأحكام المتوقعة بتعويضات من المتوقع أن يقضى بها التحكيم الدولى، وناهيك عن السمعة السيئة التي خلفتها بعض هذه الأحكام أمام الاستثمار الأجنبي. النائبة نشوى الديب، قالت: "أرفض القانون لأن به مخالفة صريحة للمادة 97 من الدستور التي تكفل حق التقاضي لكل المصريين والنص الذي يقول إن الحكومة تدير أملاك الدولة لصالح الشعب ومن حق الشعب حماية هذه الأملاك وهذا القرار يقيد السلطة القضائية من السلطة التنفيذية. وفي السياق نفسه، طالب النائب خالد يوسف النواب بإسقاط القانون، متسائلاً "ماذا يضير مستثمر شريف مع دولة شريفة من أن مواطنًا يتقدم بطعن لو أن الطاعن في غير محله فإن القضاء الذي نقول إنه شريف سيرفضه إلا إذا كنت تحمي فسادًا معلنًا من مستثمر مدلس. فيما أكد الدكتور محمد عبدالغنى، عضو مجلس النواب المستقل عن دائرة الزيتون والأميرية، أن القانون يعد حماية للفساد وبه تعدٍ على المال العام. وأضاف في بيان صحفي، أن القانون مخالف للدستور الذي يمنع تحصين أي قرار إدارى، موضحًا أن الدستور ينص أيضًا على أن مجلس الدولة هو المنوط به مراجعة العقود التي تبرمها الدولة والنظر في أي طعون عليها، كما أنه لا يجوز تطبيق القانون بأثر رجعى. وأشار عبدالغنى إلى بعض الأمثلة على الطعون التي تمت، وتم بها استعادة شركات للقطاع العام وأشهرها عمر أفندي وشركة طنطا للكتان. وفي سياق مختلف، دافع النائب محمد أبو حامد عن القرار بالقانون قائلاً إنه يواجه العشوائيات التي كانت تحدث أثناء الطعن على العقود ويحدد الخسائر الكبيرة التي ترتبت على تكلفة الدولة مبالغ كبيرة نتيجة لجوء المستثمرين إلى التحكيم الدولي.