انتشر مؤخراً على مواقع التواصل الإجتماعي ڨيديو لشخص هولندي و قد ربح مدة زمنية قدرها 156 ثانية في متجر للإلكترونيات بألمانيا بحيث يستطيع هذا الهولندي الحصول على كل ما يريد, مهما غلا ثمنه, أثناء هذه المدة المحددة ... و بالفعل حصل هذا المجتهد على ما يعادل 29000يورو ... و هي ثروة كبيرة قياسا إلى هذه الثوانى المعدودة. كان الرجل, صاحب الحظ السعيد, يبذل كل ما يملك من طاقه و قوة و سرعه في جمع "ما خف وزنه و غلا ثمنه", وذلك في كل ثانية تمر عليه, و لم يتوان مطلقاً في عملية الجمع إلا مع صافرة النهاية حيث استلقي على الأرض من شدة التعب و قد تجمع مزيج رائع من المشاعر فى رأسه ... فهو الآن يشعر بأقصي درجات التعب و فى نفس الوقت تسري في كل ذرة من جسمه نشوة الفرح و الإنتصار. كان الرجل يشعر بإنجازه العظيم و في نفس الوقت يشعر بالتقصير لأنه لم يبذل جهدا أكبر, ف 156 ثانية في عمر الزمن لا تساوي شيئاً و الوصول إلى مبلغ أكبر من الذي حصل عليه بدا له أمراً سهل المنال. هكذا الإنسان يظل طوال حياته ضحية لأطماعه و رغباته و لا يندم على عدم القناعه إلا عند محطة الوصول حيث لا ينفع الندم. إذا أردنا أن نلخص حياة كل إنسان من المهد إلى اللحد فلن نجد أقصر من هذا الفيديو ليعبر عنها و في أبسط الصور الممكنة, فصاحب الحظ السعيد في نهاية المدة الممنوحة له لن يذهب إلى أي مكان آخر فى العالم إلا عربة التسوق (التى كان يضع فيها جوائزه) ليحصد ما جمعته يداه في الثوانى الفائته ... و كذلك الإنسان يظل يلهث طوال حياته وراء رغباته و أطماعه, تحركه شهوة المال تارة و شهوة السلطه تارة و شهوة النساء تارة و تارة حتى يقف فى النهاية أمام صحيفة أعماله. و لك أن تتخيل معي مصير هذا الرجل إذا: جَمَعَ أشياء كثيرة, بدت له في ظاهرها ثمينه و لكنها في الواقع لاتكافئ حتى حبات العرق التى سقطت من جبينه و هو يلهث لجمعها. عَزَمَ على توزيع مجهوده على المدة المحددة حتى لا يتعب سريعا فأخذ يجمع ببطء في البداية حتى إذا انتصف الوقت أصابه شدٌّ عضليٌّ لا يُحْتَمَل. هل نفعه سوء تقديره أم أنه ندم على عدم الجمع بجدية من أول ثانية؟! إهتم منذ الثانية الأولى لتشجيع و تصفيق الحاضرين و أخذ يجمع عدد كبير من نوع واحد في نفس الوقت معتمدا على الجمهور الذي أخذ يعد "1..2..3..." و عندما هم بإيصال هذا العدد الكبير لعربة التسوق أخذت الأشياء تتساقط منه واحده وراء الأخري, فلا أرضي الحاضرين و لا حصل على ما يريد أخذ هذا الرجل يجمع من أقرب مكان لعربة التسوق و "اقتصد و لم يكن سابق" فلم يبذل أى مجهود للذهاب بعيدا و لو لثوانى ليحصل على أشياء أخري أغلي و أثمن فيحصل بذلك على أضعاف ما قد يجمعه في المده كلها استسلم لأحد رفقاء السوء الذي أقنعه قبل المسابقه أنَّ إدارة المتجر لن تعطيه شيئاً و أنَّ كل هذا مجرد دعاية إعلانية حتى أن الفكرة اختمرت في رأسه و أصبحت لا تفارقه و في أثناء المدة الممنوحه له أخذ يتهاون في عملية الجمع حتى بلغ نهاية المسابقة و علم أنه كان سيأخذ كل ما جمع و أن صديقه ضحك عليه فأخذ يعض على يديه ندماً و أكثر ما جعله يندم هو رد صديقه عليه عند معاتبته إياه حيث كان مضمون هذا الرد " وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ". و مواقف أخري كثيرة قد يندم بعدها هذا الرجل على عدم استغلال هذه الفرصة الذهبية. بالطبع لم يتمنى أحد أن يحل محل هذا الرجل في مثل هذه المواقف السابقه إذا حدثت له و لكن جميعنا تمنى أن يكون مكانه داخل الفيديو و داخل المتجر و بين جموع المشجعين حتى يحصل في النهاية على هذا المبلغ الرائع فطالما أنك تريد النهاية السعيدة (و الكل يريدها) فانتبه الآن قبل نهاية ما تبقي من ثوانيك.