هناك تشابه ملحوظ بين قضية تبادل الزوجات التى شهدتها مصر لأول مرة فى تاريخها منذ بضعة شهور قبل اندلاع الثورة.. ومحاكمة الرئيس السابق مبارك ورموز نظامه بتهمة إفساد الحياة السياسية، فالقضية الأولى «تبادل الزوجات» التى تمكنت من ضبطها مباحث الآداب بالجيزة، برئاسة العميد عمر عبدالعال، بعد مجهود شاق فى الوصول إلى عناصر الشبكة، وتم تقديمهم للنيابة العامة التى أحالتهم بدورها إلى محكمة الجنايات.. وهنا واجهتْ المحكمة عقبة شديدة إذ لا يوجد فى قانون العقوبات المصرى نص يُجرم هذه الجريمة.. وبالتالى فلا يوجد لها عقاب!! هنا اضطرت المحكمة إلى تأجيل المحاكمة لعدة جلسات لحين انتهى مجلس الشعب «وقتها» من سن تشريع على أساسه تم حبس المتهمين سبع سنوات.. واليوم المشكلة نفسها سوف تواجه القضاء فى محاكمة الرئيس السابق وباقى أفراد التشكيل العصابى السياسى.. فالجريمة بشعة ولكن لا يوجد نص فى القانون يعاقب بالحبس من أفسد الحياة السياسية للمصريين، ومن هذا المنطلق فإن ثمة كارثة تنبئ ببراءة من دمروا حياة شعب بأكمله على مدى ثلاثة عقود من الزمن.. هؤلاء الذين عاثوا فى الأرض فساداً.. وأعادوا مصر لسنوات طويلة إلى الوراء.. استولوا على مقدراتها الاقتصادية.. ونهبوا ثرواتها وفى مقدمة كل ذلك.. اختفاء الهوية السياسية للمواطن المصرى .. الذى عزف عن المشاركة فى كل شيء حتى فى عملية التصويت، وكأن هؤلاء كانوا يدركون أنه يجب ألا يُشرِّعوا قوانين قد تطبق عليهم لأنهم هم المشرعون وهم المذنبون وهم كانوا كل شىء.. ولم يكن قانون الإفساد السياسى فقط هو الجدير بالاهتمام، فإن القوانين المصرية كلها ينبغى أن يُعاد النظر فيها.. لأنها من أيام المماليك والعثمانيين.. وخير دليل على ذلك أن قانون محاكمة الوزراء الذى سبق أن تقدم به الراحل ياسين سراج الدين لمجلس الشعب منذ سنوات طويلة لم ير النور على الإطلاق.. وكان يشترط لمحاكمة الوزير أن تشكل لجنة قضاة من محكمة النقض المصرية ومحكمة التمييز السورية، لأن القانون صدر أثناء الوحدة المصرية السورية.. فمن يصدق أننا نحكم بقوانين أثرية لا تناسب هذه المرحلة، بكل ما تحمل من تحديات قوانين عفى عليها الزمن وباتت فى عداد الموتى.. لابد أن يكون هناك حل.. وأن تتحرك وزارة العدل بأسرع ما يكون لإيجاد ثغرة دستورية لسن قانون رادع ليحاكم هؤلاء.. قبل أن يفلتوا من العقاب وعندها لن يسكت الشعب ولن تهدأ ثورته.