يوم الأربعاء القادم.. يسدل الستار على أول انتخابات برلمانية عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، التى أطاحت بمجالس التزوير التشريعية، التى ابتليت بها مصر على مدى أكثر من ثلاثين عامًا على يد الحزب الوطنى وزبانيته. وانطلاقًا من كونى محررًا برلمانيًا على مدى سنوات طويلة، أقول وبكل الصدق إن هذه الانتخابات الحالية كانت نزيهة بشكل كبير وليس بصورة كاملة، وتفوق فى نزاهتها الانتخابات التى كانت تجرى فى عهد المخلوع مبارك بعشرات الأضعاف. لكن؛ ومع ذلك اسمحوا لى أن أرصد بعض السلبيات التى حدثت أثناء الانتخابات أو بسبب النظام الجديد المتبع فيها. من أبرز السلبيات التى اشتكى منها المواطنون فى كل المحافظات اتساع مساحة الدوائر الانتخابية بالنسبة للمرشحين على قوائم الفردى والقائمة، وهو الأمر الذى لم يمكن الغالبية العظمى من المرشحين من التواصل مع المواطنين أبناء دوائرهم، حيث وصلت مساحة الدائرة حاليًا إلى سبعة أضعاف الدوائر القديمة للقائمة، وأربعة أضعاف بالنسبة للمقاعد الفردية، وهو الأمر الذى سهل لجماعات وأحزاب معينة السيطرة على الغالبية العظمى من مقاعد مجلس الشعب الجديد، مما سيفقد البرلمان القادم صفة التنوع فى الآراء والأفكار والتوجهات السياسية التى كنا نفتقدها فى برلمانات ما قبل الثورة، وهو الأمر الذى سيؤدى فى النهاية إلى جعل ولاء النائب للجماعة أو الحزب الذى ترشح على قوائمه، بعيدًا عن المواطن الذى منحه صوته فى الانتخابات. ولذلك اسمحوا لى فى السطور القادمة أن أطرح تصورًا– يحتمل الصواب والخطأ يمكن أن يعالج هذه السلبيات ويمكن أن يطبق فى الانتخابات القادمة– ويتلخص هذا الرأى فى عدة نقاط: 1- إلغاء نسبة العمال والفلاحين فى الانتخابات بعد أن ثبت فشلها وانتفاء الغرض الذى وضعت من أجله عقب ثورة 23 يوليو 1952. 2- العودة للنظام القديم بالنسبة لحدود الدوائر الانتخابية الذى كان معمولاً به فى انتخابات ما قبل ثورة 25 يناير. 3- تخصيص مقعدين لكل دائرة انتخابية تحت قبة مجلس الشعب، أحدهما يخصص للقوائم الحزبية وتفوز به القائمة التى تحقق أعلى نسبة من الأصوات، وعدم إجراء انتخابات إعادة إلا إذا تساوت قائمتان فى عدد الأصوات تمامًا، ونفس الوضع بالنسبة لمقعد الفردى الذى يفوز به المرشح الفائز بأعلى الأصوات بغض النظر عن كونه فئات أو عمالا وفلاحين، وتستبعد تمامًا فى كلتا الحالتين نسبة الخمسين فى المائة +واحد. 4- يتم منع الأحزاب من الترشح على المقاعد الفردية ويتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك، ومنها ألا يكون المرشح عضوًا حاليًا أو سابقًا بأحد الأحزاب لنترك الفرصة للناخب لاختيار المرشح حسب اختياراته. وفى رأيى الخاص أن هذه التصورات تحقق عدة أهداف، منها:- تحقيق التواصل الفعال بين النائب والناخب، والقضاء على سطوة الأغلبية المطلقة تحت القبة، وإتاحة الفرصة للمزيد من التنوع فى الآراء تحت قبة البرلمان الجديد بعيدًا عن تصفية الخلافات السياسية. إننى أضع هذا التصور تحت بصر السيد "منصور" رئيس المجلس الاستشارى ليكون على جدول لجنة التوافق الوطنى التى دعا لتشكيلها عقب انتخابات المرحلة الثالثة لمجلس الشعب ووجه الدعوة لكل الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة فيها، كما أضع تلك التصورات أمام اللجنة التنسيقية لإعداد دستور جديد لمصر، والتى ستشكل عقب الانتخابات أيضا.