أثار إفراج مصر عن الجاسوس الإسرائيلي عودة ترابين وحديثه عن وسائل الترفيه التي كان يمتلكها بمحبسه حالة من الجدل والاستياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الفوارق في طريقة معاملة المسجونين في مصر واختلاف تعامل الجنائيين عن تعامل السياسيين. ومؤخرًا تزايدت في مصر حوادث قتل المعتقلين داخل السجون المصرية وأقسام الشرطة جراء عمليات تعذيب بشعة يتعرضون لها على يد أفراد الأمن - بحسب مراكز حقوقية محلية ودولية - كما أن العديد من السجناء السياسيين يتعرضون لما يسمى ب"عمليات القتل البطيء" عن طريق منعهم من الدواء والغذاء اللازم ما أفقد العديد منهم الكثير من وزنه وتعرضت حياتهم للخطر ومن أبرز هؤلاء الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق. سجناء الرأي قبل عبد الناصر وبعده واستعاد بعض رواد التواصل طريقة تعامل السجناء السياسيين في مصر عقب ثورة يوليو 52، حيث كان يتم اعتقال الصحفيين والنشطاء بسبب آرائهم السياسية. ففي عهد الملكية كانت سجون الأجانب عبارة عن فيلا ضخمة أنيقة مفروشة بأثاث جميل بها حجرات نوم كاملة ونوافذ عادية تطل على الشوارع والميادين ومطبخ محترم ووجبات غذائية لا تقل عن أي مطعم والزيارة مفتوحة في أي وقت في حجرات استقبال مثل صالونات البيوت العادية ويكفي أن تعرف أن السجن كله كان مفروشًا بالسجاد. وبعد وصول جمال عبدالناصر للحكم أصبحت السجون المصرية تحمل الترهيب والتعذيب للمعارضين السياسيين. وترصد "المصريون" أبرز الفوارق في تعامل السلطة الحالية مع السجناء، فدائمًا ما تتفنن النظم المصرية على مر العصور في التنكيل بالمعارضين بطريقة لا يمارسها مع مَن اقترفوا أبشع التهم مثل الجواسيس والجنائيين ومقترفي جرائم الاختلاس وسرقة الأموال العامة ومن هذه الفوارق:
فصل الشتاء ومعانة المساجين تشهد مصر هذه الفترة موجة من البرد القارس تزيد من معاناة المعتقلين السياسيين المعارضين للحكم الحالي الذين يتعرضون للتعذيب البدني والمعنوي ويشكون تعنت إدارة السجون التي ترفض السماح بإدخال أغطية يستعينون بها على برد الشتاء. وتم تداول تدوينة لشقيقة أحد المعتقلين في سجن وادي النطرون تحكي فيها عما يحدث مع شقيقها والمعتقلين السياسيين: "إن إدارة السجن أخرجت جميع المعتقلين السياسيين من الزنازين في السابعة من صباح يوم الجمعة الماضية وأجبرتهم على خلع ملابسهم ثم أعادتهم للزنازين بملابسهم الداخلية فقط لمدة ساعتين بعد أن سحبت كل الأغطية من الزنازين". في حين أن المخلوع مبارك وولديه ورموز نظامه السابقين عادة ما كانوا يظهرون في محاكماتهم وهم يرتدون أفخم الملابس الشتوية ووصفت الزنازين المقيمين بها بالغرف "الخمس نجوم" لما فيها من وسائل التدفئة والترفيه. المعاناة من سوء التغذية يعاني المسجونون السياسيون من التكدس وتدني نوعية الطعام وهو ما لا يعرفه مساجين نظام مبارك والجواسيس، حيث عندما تحدث الجاسوس ترابين عن زنزانته قال إنه كان يملك "ميكروويف" يستطيع من خلاله تسخين طعامه وكان يعامل معاملة جيدة ويتناول الطعام الجيد وخرج بصحة جيدة بعد 15 عامًا. أما السياسيون فهم يعانون أشد المعاناة، حيث يؤدي الإهمال في النظام الغذائي لانتشار الأمراض، فالنظام الغذائي داخل السجون من أسوأ الأنظمة الغذائية، حيث يتم الاعتماد على الفول والعدس والجبن والحلاوة والخضار والأرز كما يقدم لهم في بعض الأحيان بعض اللحوم أو البيض مرة في الأسبوع ويتم إعداد الطعام بسلقه في المياه بدون أي زيوت أو ملح ويكون الإعداد في غاية السوء، فالطعام بصفة عامة غير نظيف وغير كاف، مما يؤدي إلى انتشار العديد من حالات سوء التغذية والتسمم الغذائي والضعف العام، أما مساجين سجن "المزرعة" من رجال الأعمال ورموز نظام مبارك فلهم مطاعم فاخرة تقدم لهم ما يطلبون. الزنازين الملقبون ب"الكبار" في مصر لا يمكن وصف محبسهم بالزنزانة فهي عبارة عن حجرات في فنادق، فغرف الحبس أرضيتها سيراميك وحوائطها بلاستيك ومجاورة لملاعب تنس وقدم خماسي وطائرة وصالة جيم ومستشفى، ففي السنوات الأخيرة تكشفت الرفاهية الموجودة داخل هذا السجن وكأنه ناد رياضي أو منتجع متاح للمساجين كل الممنوعات من الاحتفاظ بالنقود وتجهيز الزنزانة بأدوات كهربائية. فعلى سبيل المثال لا الحصر رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى المتهم في قضية قتل، ورث زنزانة إبراهيم الهواري صاحب قضية أركاديا مول والذي حصل على ثلاث غرف جعلها غرفة واحد أما هشام فضم عليها 3غرف أخرى وقسم كل المساحة ما بين غرفة نوم ومطبخ وحمام. أما في سجن "العقرب" المكان الأشهر للمعتقلين للسياسيين فلا يتوافر داخل السجن أدنى حق للإنسانية سجن بلا أغطية ومفروشات وينام النزلاء على الأرض، مما يؤثر على الحالة الصحية للنزلاء وخاصة كبار السن منهم كما أنه توجد دورة مياه عبارة عن حائط بارتفاع 150سم من جهتين ويكون مكشوف السقف كما لا يوجد عليه باب ونظرًا لعدم الاعتناء بالنظافة فإنه يولد الروائح الكريهة مما تكون سببًا لانتشار الأمراض.