لا شك أن في الحياة الكثير من المفاجآت , فالسارة منها نحبها ونسعد بها , ولكنها ليست موضوع مقالي هذا , فما أعنيه هي تلك المفاجآت التي لا يتوقعها الناس ولم يستعدوا لها بالرغم من احتمالية وقوعها , فهناك مثلا من ينشب حريق في مصنعه ثم يتفاجأ بأن طفايات الحريق تالفة !! وهناك من يشرع في إجراء عملية جراحية في مستشفى ثم يكتشف أن أنابيب الأكسجين فارغة !! , ولقد شاهدنا في حياتنا ما هو أخطر من ذلك , فلقد تحرشت مصر بإسرائيل في يونيو 67 وأغلفت باب المندب ثم تفاجأت بهجوم إسرائيلي جوي دمر الطائرات المصرية في مرابضها ثم أتبعته بحرب شاملة برية لم نكن جاهزين لها فخسرناها !! ومن الملاحظ في ختام عهد مبارك أن ثارت عليه الجماهير في 25 يناير ولكنه بدا متفاجئا من ذلك بالرغم من أنه صانع مقدمات الثورة { المظالم – التزوير – الانسداد السياسي – الاستبداد } . ولما جرت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تفاجأ التيار الإسلامي أنه يتولى مسئولية الحكم ولم يكن مستعدا لإدارة البلاد في الحالة الاستثنائية بعد الثورة فاضطربت الأحوال وسقط حكم الإخوان وسط دهشة كبرى وتساؤل كيف حدث هذا ؟ !! . إننا قد نتفاجأ ببعض الكوارث كالفيضانات والسيول والزلازل والعواصف وهي أمور خارجة عن إرادتنا , ولكن دورنا يأتي في كيفية المعالجة لتلافي الآثار , ثم إنني أتعجب لكوني أرى أن هناك من يتسبب في زيادة بالونة المظالم حتى توشك أن تنفجر في وجهه وهو لا يدري , بل وأتعجب أكثر من ذلك الذي يدير صراعاً مظنة الانتصار وهو في طريقة إلى تحطيم قدراته , بالرغم من وجود الطريق الأيسر والأسهل لحقن الدماء وحفظ الأرواح وصيانة الإمكانات من الدمار . كما أنني لست مع التوسع في الخيال للدرجة التي تخرج فيها الاستنتاجات عن دائرة المعقول والممكن , ولكن ينبغي أن نهتم بقراءة الواقع بشكل جيد مع الاستعداد لاحتمالاته بما يجعلنا غير متفاجئين بالأحداث , فمثلا إذا كنا نعاني من مفاوضات متعثرة بشأن سد النهضة فإن ذلك يدعو إلى الاستعداد احتياطيا لمواجهة نقص المياة وإيجاد الحلول البديلة { تعديل السياسة الزراعية – حفر الآبار – اعتماد محاصيل الآمطار } , ولا يصح أيضا أن نكون مثل بعض الناس الذين يدركهم خريف العمر وهم متفاجئون من ذلك , فهم لم يحققوا شيئا من طموحاتهم لانشغالهم بفرعيات آخرى . وختاما فإن استمرار غياب الوعي بأحوال المستقبل سيجعلنا نقف حتما تحت لافتة كتب عليها { المتفاجئون دائما } . والله المستعان