سلطت "القدس العربي" الضوء على أحداث العنف الأخيرة التي تمت داخل أقسام الشرطة وشبهة التعذيب التي أدت لوفاة 3 مواطنين خلال أسبوع، مؤكدة أن حادث المواطن طلعت شبيب هو الأخطر على النظام. وتقول الصحيفة في مقالها الافتتاحي تحت عنوان: "التعذيب والغضب يستطيعان إسقاط السيسي": "كان أسبوعا كارثيا بأي مقياس. وكأن ثمة اتفاقا إجراميا جرى تنفيذه من أقصى الجنوب في مدينة الأقصر إلى الإسماعيلية في الشمال، مرورا بالقليوبية والسادس من اكتوبر". وأضافت: "أما المحصلة فوفاة ثلاثة مواطنين مصريين داخل أقسام الشرطة تحت شبهة التعذيب، في تذكير بعهد ظن كثيرون أنه ولى إلى غير رجعة بعد خمس سنوات من الموجات الثورية وآلاف الضحايا وتبديل نظام بعد نظام ورئيس بعد رئيس. لكن الحقيقة المرة أطلت بوجهها القبيح مرة أخرى، و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت" كما يقول المثل الشعبي المصري". وانتقدت الصحيفة تصريحات كل من المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة ووزارة الداخلية حول تلك الأحداث ووصفتها بأنها "باردة ولا سياسية". ورأت أن "الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يقدر الأبعاد السياسية لمثل هذه الجرائم، ومعناها في وعي المصريين، حتى بعد أن نبهه كتاب إلى أنها تذكر بجريمة قتل الشاب خالد سعيد، والتي كانت من الأسباب المباشرة في تفجير ثورة يناير". وشدد المقال على أن الواقع يختلف كثيرا عما يتمناه النظام إذ أن الغضب الشعبي التلقائي الذي تفجر في مدينة الأقصر إثر مقتل المواطن طلعت شبيب تحت التعذيب، والذي عتمت عليه وسائل الإعلام الحكومية، يمثل تهديدا حقيقيا ونادرا للنظام. وتابع: "بل إنه يقدم نموذجا لنوع الاحتجاجات الشعبية التلقائية وغير المسيسة التي لا يستطيع النظام بكل مؤسساته، بما فيها العسكرية، مواجهتها، أو اتهامها بأنها تنفذ أجندة أجنبية أو تساند "جماعة إرهابية"، حيث أن شبيب، وكذلك الضحيتين الأخريين، ليسوا مشهورين أو معارضين سياسيين، ولا ينتمون إلى أي جماعة أو حزب. ويبدو أن النظام يراهن على أن المصريين تعبوا، وأنهم لا يريدون ثورة جديدة، بعد ما عانوه من فوضى أمنية وكساد اقتصادي خلال السنوات الماضية، وربما يكون هذا صحيحا إلى حد كبير، إلا أن مظاهرة الأقصر جاءت لتثبت أنه ربما يحتاج إلى إعادة نظر. إذ أن أهالي الأقصر الذين يعتمدون على السياحة بشكل كامل لكسب قوتهم، يعانون من كارثة حقيقية بسبب غياب السياح منذ العام 2011، لكن هذا لم يمنعهم من الخروج متعهدين الثأر مهما كان الثمن. ويدرك جيدا من يعرف مصر، أن تقاليدهم العتيقة تجعلهم لا يتركون ثأرهم وإن طال الزمن. وشدد المقال على ضرورة اكتفاء النظام بسياسة "العناد" التي اعتمدها الرئيس المخلوع حسني مبارك، ودفع ثمنها نهاية مأساوية جاءت أسرع مما توقع الجميع.