"كنت أتمنى على المستشارة الجليلة، وهى القاضية، ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً أن تتأكد من مصادر معلوماتها قبل أن تطلق اتهاماتها"، تلك العبارة التي وردت في مقال زميلنا الكاتب هنا في "المصريون" حسام فتحي هى جوهر القضية التي فجرتها المستشارة تهاني الجبالي يوم الاثنين 23 نوفمبر الجاري، وسريعا تتضح الأمور، ويظهر شهود العيان، ويكشفون أنها قضية بلا جوهر، ودون أساس، وتفتقد للحقائق، علاوة على غياب المنطق عنها. مقال الأستاذ حسام يكشف أنه لم يكن هناك شيء مهم من الأصل يستدعي من المستشارة أن تثير ضجة، وتوجه اتهامات غليظة، وتورط نفسها فيما لا يليق بها، وهذا جعل كلامها عرضة للاستخفاف من جانب من تستهدفهم، ودفعهم للتقليب في بعض أوراقها القديمة وطبيعة علاقاتها مع سوزان مبارك، وصاحب المقال ومما كتبه يعتبر شاهد عيان على رحلة منسق قائمة "في حب مصر" اللواء سامح سيف اليزل إلى الكويت، كما يظهر أن ما استشهدت به الجبالي في مؤتمرها الصحفي كان هو الموضوع الذي نشره في صحيفة الأنباء الكويتية التي يعمل فيها، وهو مقيم في الكويت منذ سنوات. كنت أظن أن المستشارة حصلت على وثائق سرية خطيرة تم تسريبها إليها لتفضح المخطط، وتكشف ما وصفته بجريمة الخيانة العظمى ل سيف اليزل الذي يعقد الصفقات مع الإخوان والأمريكان، مما يتسبب في تهديد الأمن القومي المصري على حد قولها، لكن يثبت أنه لا شيء مهم يمكن الإمساك به، وهى نفسها قالت إنها ستقدم بلاغا للنائب العام، لكن أحدث تصريحاتها يوم الأربعاء 25 الجاري لم تأت فيها على ذكر البلاغ، ولم تتطرق للاتهامات التي وجهتها للواء سيف اليزل وقائمته. عودت نفسي أن ابحث عن المنطق فيما هو مطروح على النقاش العام، فصناعة الكلام فيها الدس والغش، ولذلك عندما فجرت المستشارة تهاني الجبالي قنابلها في وجه سيف اليزل وقائمته تملكني الاستغراب والاندهاش من ثقل الاتهامات مثل التنسيق مع قيادات الإخوان بالخارج للحصول على أصواتهم في الانتخابات البرلمانية، والاجتماع مع ممول الإخوان فى الكويت، وأن هناك صفقة بين القائمة، وبين الإخوان وأمريكا، لإعادة الجماعة للحياة السياسية. وكانت أدلتها هى عرض مجموعة من الصور لاجتماعات ولقاءات قالت إنها تمت بين سيف اليزل وشخصيات إخوانية، منهم شخص تصفه بأنه الممول للإخوان بالكويت، ثم يتبين أن الصور هى قصاصات صحفية لموضوع منشور في الصحف الكويتية، ويتبين أنه لا أحد ممن تحدثت عنهم، أو التقاهم سيف اليزل في اجتماعات عامة له علاقة بالإخوان. والمنطق هنا يقول التالي: أولا: هل أصوات الناخبين المصريين في الكويت تستحق عقد صفقة مع الإخوان؟، وكم صوتا سيكون للإخوان فيها؟، وهل يترك سيف اليزل ملايين الأصوات في مصر، ويذهب من أجل بضعة أصوات غير مضمونة في الكويت، كل أصوات الخارج في الجولة الثانية بما فيهم الكويت بلغت 37 ألف صوت فقط، وهو يعادل عدد أصوات الناخبين في وحدة محلية في دائرة انتخابية واحدة، وسيف اليزل لم يكن أصلا في حاجة للذهاب للكويت لأن السكة سالكة أمام قائمته في مصر سواء في الجولة الأولى المنتهية، أو في الجولة الثانية التي فازت بها قائمته المسنودة والمدعومة ولو معنويا من دوائر في السلطة. ثانيا: لو كانت صفقة سيف اليزل مع الإخوان تشمل أيضا عودتهم للحياة السياسية بدعم من الأمريكان، فهل يتم ذلك في الكويت، أم في تركيا أو بريطانيا حيث تتواجد قيادات الإخوان بالخارج في هذين البلدين، وهل يقوم بالمهمة سيف اليزل عيانا بيانا، أم يتولاها أشخاص آخرون لا يرتبطون مباشرة بالسلطة، إنما وسطاء غير محسوبين على أي طرف، حتى إذا ما فشلت الوساطة مثلا لا يتحمل النظام مسؤولية ويسهل لها التنصل من أي وساطات أو تحركات أو مبادرات؟. ثالثا: هل هذا وقت تلك الصفقات؟، لو كانت هناك نية للمصالحة - ولا أظن أنها موجودة لدى الطرفين- فتكون بعد الانتخابات مثلا، ويكون البرلمان قد تشكل، وبدأ نشاطه، ثم باعتباره ممثلا للشعب يمكن أن يناقش لو أراد مسألة الإخوان، ويكون ذلك في العلن، وليس بالسر، حتى يكون الشعب على إطلاع بما يجري من ممثليه، وننتهي من قصة احتكار البعض للحديث باسم الشعب، وفرض الوصاية عليه. رابعا: هل الكويت دولة، أم لا دولة؟، حتى تتحدث المستشارة عن صفقات واتفاقات تُعقد على أراضيها بين أطراف غير كويتية، وكأن حكومتها في حالة غياب عما يحدث في بيتها، ومعروف أن الكويت ترتبط بعلاقات متميزة مع النظام الحاكم في مصر، وهى ضمن ثلاثي دول الخليج الداعم لهذا النظام ماليا وسياسيا، فكيف ستغض الكويت النظر عن الطرف الآخر الذي هو في خصومة مع السلطة وتتركه يتحرك كما يشاء ويمول كما يشاء على أراضيها؟. الحقيقة أن رواية التنسيق والصفقة والتواطؤ لنيل الأصوات وإعادة الإخوان للحياة السياسية كانت رمية بغير رام. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.