يروج بعض الليبراليين أن البورصة تأثرت سلبًا وانهارت نتيجة التصريحات التى تم إطلاقها والتى وصفت البورصة بأنها صالة قمار وتقوم على الربا الفاحش , ولهذا سارع عدد من ممثلى الأحزاب الإسلامية لافتتاح جلسة التداول لإرسال رسائل تطمينية تؤكد أن تداولات البورصة حلال لكن هذه الرسائل لم تُجدِ والحقيقة أن هذا الكلام غير صحيح وإنما يمثل محاولة أخرى للتخويف من الإسلاميين فالبورصة تواصل مسارها المتراجع الذى بدأته بعد ثورة 25 يناير والذى أدى لخسارتها نحو 200 مليون جنيه من قيمتها السوقية فى ظل انسحاب الأموال الأجنبية الساخنة نتيجة عدم الاستقرار فى مصر وبالتالى فإن هذا التراجع لا يمكن أن نرجعه إلى عدم الاقتناع بالتطمينات التى قدمتها هذه الأحزاب مثلما يروج البعض وإنما هذا التراجع يرجع إلى عوامل فنية أخرى أهمها أن البورصة شديدة الحساسية تجاه الأخبار السلبية أو الشائعات وبالتالى فإنها تتفاعل بشدة مع أى شائعة أو تصريح سلبى وفى المقابل فإنها لا تتجاوب كثيرًا مع الأخبار الإيجابية , كما أن حالة من عدم اليقين ما زالت تسيطر على المتداولين تجاه المشهد السياسى المصرى فضلا عن استمرار عدم الاستقرار الأمنى والسياسى , إلى جانب عوامل عالمية أخرى مثل الأزمة المالية العالمية التى ما زالت مستمرة فصولا وأزمة الديون السيادية الأوروبية . فى البرنامج الاقتصادى لحزب النور جاء التالى " من الضرورى التوسع فى صيغ التمويل الإسلامية المبنية على المشاركة فى الأرباح وفى الإنتاج، بدلاً من النظام الربوى القائم على الفائدة، والذى تتعامل بها معظم البنوك التجارية والمتخصصة التى تعمل فى مصر، على أن يتم ذلك بصورة متدرجة وعلى سنوات عديدة، حتى لا تحدث آثار سلبية على الاقتصاد. وتشتمل صيغ التمويل الإسلامية على صيغ الشركة والمضاربة بين الأفراد بعضهم البعض وبينهم وبين الدولة، وأيضًا: صيغ بيع المرابحة والمزارعة والاستصناع والسلم والقروض الحسنة، وغيرها. ويمكن لهذا التوسع أن يحقق نمواً غير مسبوق فى الاقتصاد الوطنى، يضاف إلى ذلك أن الشعور بالمشاركة المجتمعية من جانب قطاع كبير من أبناء المجتمع يحرك الموارد البشرية ويعظم من مشاركتها فى النمو الاقتصادى لمصر" وتثور هنا حزمة من التساؤلات هل سيتم تحويل البنوك التجارية التقليدية إلى العمل وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ؟ وما هى آليات هذا التحول؟ هل سيتم إغلاق هذه البنوك التجارية التقليدية؟ وكيف سيتم التعاطى مع الفترات الطويلة التى تتطلبها تحويل المؤسسات والبنوك التجارية التقليدية إلى أحكام الشريعة الإسلامية , حيث أن تكييف المعاملات وفقًا للشريعة الإسلامية يتطلب سنوات وهل سيستطيع النظام المصرفى المصرى تحمل سنوات التحول الطويلة ؟ وما آليات أن يتم ذلك بصورة متدرجة وعلى سنوات عديدة، حتى لا تحدث آثار سلبية على الاقتصاد؟ فى البرنامج الاقتصادى لحزب الحرية والعدالة نجد إغفالا للحديث عن النظام المصرفى بشكل تام باستثناء الحديث عن النظام الاقتصادى الإسلامى بوصفه "يعالج عمليًّا معظم صور الانحرافات والاقتصادية، مؤكدًا التحريم الصريح والقاطع: للظلم والاستغلال، والربا والغش، والرشوة والمحسوبية، والاحتكار والاكتناز، والتطفيف والبخس، والإسراف والتقتير، والتدليس... إلى آخر صور الفساد الاقتصادى" ولم يحدد البرنامج آلية تحريم الربا , وهل سيتم اعتبار البنوك التجارية التقليدية بنوكاً ربوية خصوصا فى ظل الخلاف الفقهى بشأن هذا الأمر بين إباحة التعامل مع البنوك التقليدية وتحريمه ؟ وحول البورصة يقول البرنامج إن الحزب سيعمل على "ترشيد سوق الأوراق المالية (البورصة) كأداة رئيسة لتشجيع المدخرين من فئات الدخل المختلفة على توظيف أموالهم فى استثمارات جديدة (السوق الأولية) بدلاً من المضاربة على توقعات الأسعار (السوق الثانوية) دون أن يحدد الآليات اللازمة لذلك . ثم جاءت التصريحات الأخيرة بشأن توجه حزب الحرية والعدالة للتقدم بمشروع قانون لفرض الزكاة إجباريا على المسلمين ليثير حزمة من التساؤلات عن الآلية ؟ وهل الزكاة علاقة بين العبد وربه أم يجب فرضها قسرًا؟ وهل سيتم الجميع بين الزكاة والضرائب؟ وإذا كان المسلمون سيدفعون الزكاة فلماذا لا يدفع الأقباط الجزية أم أن "على رأسهم ريشة" ؟ الإسلاميون فى مصر أمام اختبار حقيقى يتعلق بإدارة دولة , وهذه الإدارة تستدعى رؤية واضحة ومنهجاً محدداً, فالناس منحوا أصواتهم وثقتهم للإسلاميين لأنهم يثقون أنهم الأفضل , وأنهم يتقون الله , وأنهم تعرضوا لظلم كبير فى العهد البائد , لكنهم يحتاجون أيضًا إلى أن يلمسوا تحسناً فى حياتهم الاقتصادية بعد معاناة طويلة وهذا يستدعى برامج وآليات واضحة وعدم الانقياد إلى الأفخاخ التى ينصبونها لهم "الناس التانيين"! [email protected]