فقد استمعت لرد الأستاذ وجدي غنيم للأستاذ نادر بكار – حفظهما الله - ، وقد ساءني ما استمعت إليه . فأقول: يا شيخ وجدي غنيم .. ما هكذا تورد الإبل وهذا مثل أصله أن مالك بن زيد مناة الذي يقال له آبل بن مالك كان له إبل , ثم تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخاه سعداً ولم يحسن القيام عليها والرفق بها. فقال مالك : أوردها سعد وسعد مشتمل .. ما هكذا يا سعد تورد الإبل فذهب قوله مثلاً. فهذه نصيحة للأستاذ وجدي غنيم حفظه الله في بعض ما قاله. أولاً : النصيحة لا تكون بالاستخفاف والاستهزاء بالآخرين بطريقة ينفر منها عامة المسلمين فضلاً عن الملتزمين الذين أراد توجيه النصيحة لهم . والنصيحة لا تكون بالتعيير بصغر السن ولا بحداثة الدعوة ، ولا نحتاج في ذلك بأن نذكر بمواقف أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر ومعاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء وعتاب بن أسيد وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم من بعدهم من علماء الإسلام رغم صغر سنهم . أقول هذا رغم صغر سن نادر بكار الشديد بالنسبة إلى الأستاذ وجدي غنيم ، لكن نادر وباعتراف كل خصومه أفضل ردًا وأجمل أسلوبًا من الأستاذ (الكبير) وجدي غنيم . فليست النصيحة بتاريخ الالتزام ولا بصعود المنابر ولا بقدم الدعوة، وإنما هي واجب لابد أن يُفعل، فعن الحسن رحمه الله قال : كان بين عمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - وبين رجل كلام في شيء ، فقال له الرجل : اتق الله يا أمير المؤمنين ، فقال له رجل من القوم : أتقول لأمير المؤمنين اتق الله، فقال له عمر - رضوان الله عليه - : دعه فليقلها لي نعم ما قال . ثم قال عمر : لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم . اه ثانيًا : أورد الأستاذ وجدي غنيم رضمن ردود الإنكار مع الجلوس مع العلمانيين من مقدمي البرامج وغيرهم . ولا أظن أن هذا حلاً مع القطاع الأكبر من الناس، لأنه إما أنه لا يشاهد القنوات الإسلامية أصلاً، أو يشاهدها ويشاهد معها غيرها من القنوات التي إن قاطعها دعاة الحق فلن يتورعوا عن ذكرهم بالسوء مِن باب التورع عن "الغيبة"، بل سوف يزدادون كذبًا وبهتانًا. وأحيل الأستاذ وجدي على مقال أستاذنا الشيخ عبد المنعم الشحات بعنوان (أسئلة "مفخخة".. وأجوبة قاطعة!) المنشور على موقع صوت السلف. ولا يخفى على الأستاذ وجدي ما سماه (إسهال التصريحات) الذي وقع فيه الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل ، مع أناس من كبار دعاة الليبرالية والعلمانية في بلادنا. وليت الأستاذ الكبير بين لنا ما لم يعجبه من تصريحات الدعوة السلفية وحزب النور ، بدلاً من هذه النصيحة العامة التي تشير في مجلمها إلى رمي الغير بالسذاجة وعدم فهم خبايا العلمانيين . ولعل الأستاذ وجدي قدم النصيحة لمن جعل في قائمته الانتخابية رجالاً من كبار العلمانيين ومشاهير النصارى ؟ وهل هذه القائمة يجوز شرعًا أن يختارها عامة الناس ؟ ثالثًا : اتهم الأستاذ وجدي قادة الدعوة السلفية بالتنازل عن الثوابت والتي بينها في ثلاث نقاط : أولها عن الديمقراطية والانتخابات ولعل الأستاذ وجدي استصحب أصوله هو في محاكمة الآخرين، فلا زال مشايخ الدعوة يحرمون الديمقراطية ويقولون بأنها كفر : وهي الفكرة الفلسفية للديمقراطية في أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية" ومشايخ الدعوة يفرقون بين فلسلفة الديمقراطية وآلياتها ، فقبول الآليات والوسائل لا يعني قبول فلسفة الديمقراطية، أما رفض اسم الديمقراطية جملة وتسمية تلك الأليات باسم الشورى ، فذلك من باب تسمية الأشياء بغير أسمائها؛ فليست الشورى هي صناديق الانتخاب التي يصوت فيها كل واحد من عامة الشعب ، وليست هي فصل السلطات ، وليست هي تحديد مدة الرئاسة ، بل بعض ذلك مصادم للحكم الشرعي ، فكيف تسمى باسم الشورى الإسلامية ؟ وكيف تقبل آليات الديمقراطية إذا كانت تحت سلطان الفلسفة الديمقراطية ، فقد كان الأولى رفض هذه الوسائل جملة لأنها تابعة لنظام ديمقراطي مرفوض مجرد ذكر اسمه عند الأستاذ وجدي غنيم ؟ ثم كيف ينسب لشيخنا الدكتور ياسر برهامي ما سماه (قبول الديمقراطية إذا قيدت بالشريعة الإسلامية) والشيخ بين في نفس الفتوى رفض فكرة الديمقراطية وقبول الآليات الموجودة واقعًا؟ فليس هناك تناقض ولا تنازل بفضل الله، وإنما الأمر كله يرجع إلى اختلاف لفظي لا يستحق إقامة هذه المعارك عليه. وأولى بهذه المعارك أن توجه لمن يقبل الديمقراطية جملة وتفصيلاً، ويرفض تقسيمها إلى فلسفة وآليات، وهم مع ذلك يتكلمون أيضًا باسم الإسلام وينتسبون للدعوة الإسلامية . أما الكتاب الذي اشار إليه الأستاذ وجدي بعنوان (القول السديد في أن دخول الانتخابات ليس من التوحيد) فكنا نتمنى أن يذكر لنا من مؤلفه ؟ وهل فعلاً ينتمي للدعوة السلفية ؟ وهل وافقه عليه شيوخ الدعوة أم لا ؟ وقد فند شيخنا الدكتور ياسر برهامي هذه الشبهة في رده على الأستاذ وجدي غنيم . وهو موجود على موقع اليوتيوب . المسألة الثانية والثالثة التي استدل بها الأستاذ وجدي على وجود التنازل هما مسألة (خروج المرأة) و (التصوير الفوتوغرافي) وهما مسألتان لم يقل أحد من السلفيين أنهما من الثوابت مما يؤكد على مراجعة الأستاذ وجدي لمفهوم الثوابت الذي يقصده ، وهذا لا يقدح في شخصه وإن كان كبيرًا في السن وقديمًا في الدعوة. ثم لم يأت الأستاذ وجدي بمقالات مشايخ الدعوة في تحريم خروج المرأة وتحريم التصوير الفوتوغرافي في كل حال، وأظنه لن يأت . ثم لو أتى بمثل ذلك فلا زالت تلك المسائل مما يسوغ في الخلاف ، فضلاً عن كونه عند من يحرمه من المسائل التي يحتمل مفسدتها لأجل دفع المفسدة الأعظم من من تسلط العلمانيين والليبراليين على كتابة الدستور. ولا يخفى على الأستاذ (الكبير) وجدي غنيم أنه قد فرض وجود المرأة واقعًا لتمثيله في القائمة النسبية للأحزاب ، كا لا يخفى عليه أن المرأة في قائمة حزب النور في ذيل قائمته مع وجود قوائم أخر لأحزاب أخر تكون المرأة فيها سابقة للرجال ، ولم نجد إنكارًا من أستاذنا الكبير . كما لا يخفى عليه أن الدعوة ما اضطرت لدخول الانتخابات - وقد كانت تمنعها من قبل كفتوى مع اعتبارها من الخلاف السائغ – أقول ما اضطرت لذلك لكي تقتسم الكعكة وهي تعلم أن أنظار النقد سوف تتوجه لجميع من في هذه المرحلة ، وإنما لأننا قادمون على كتابة دستور جديد نرجو أن يكون في مجمله إسلاميًا. فلا يليق بأستاذ (كبير) أن يقول والحالة هذه لماذا لم يخرج الشيخ فلان زوجته ؟ وهل ألزمت الدعوة النساء أن يخرجن ؟ وهل ألزمت الرجال أن يخرجن النساء ؟ مرة أخرى : نأمل من الأستاذ وجدي أن يتثبت في ردوده، حتى لا ينسب أقولاً لغير قائليها ، فمن قبل جعل أسامة القوصي ضمن الدعوة السلفية مع أن القوصي من أشد أعدائها .. ونسب لهم القول بتكفير المشاركين في الانتخابات .. ولا ندري أين قالوا ذلك ؟ وأين نجد هذا الكتاب المذكور ؟ وهل صاحبه ضمن الدعوة السلفية أم لا ؟ وجعل أمورًا خلافية من ثوابت السلفيين .. مع أن أحدًا من السلفيين لا يقول بذلك . ونسب لحزب النور ما قيل في بعض الجرائد من استعداده للحوار مع السفير الإسرائيلي بشرط موافقة وزارة الخارجية، وتبين بعد ذلك أن هذا كذب . فعدم التثبت يوقعه في أخطاء هو في غنى عنها . ونصيحة أخرى أن يهدأ في ردوده وأن يخفف من حدة النقد حتى يجد كلامه مساغًا في النفوس . هذا بعض ما جال في خاطري مما أردت أن ينتبه له الأستاذ (الكبير) وليتحمله من رغم صغر سني .. فإن قبل مني فالحمد لله ، وجزاه الله خيرًا .. وإن لم يقبل فلن يمنعنا ذلك من استمرار القيام بواجب النصح .. والحمد لله رب العالمين .