القدس عربية منذ سنين قرنًا .. ففى الألف الرابع قبل الميلاد بناها العرب «اليبوبسيون» وهم من بطون العرب الأوائل الذين نزحوا من الجزيرة العربية وأطلقوا عليها اسم «يوبس» وإذا كان أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، قد تغرب فى أرض الكنانة - أرض قسطنطين فإن تاريخ ظهور أبى الأنبياء هو القرن التاسع عشر قبل الميلاد أى أن القدس عربية قبل عصر أبى الأنبياء بواحد وعشرين قرنًا. وهذه القدس العربية وأرض كنعان - الفلسطينيين العرب قد بارك الله فيها قبل رحلة أبى الأنبياء إليها ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين- الأنبياء : فمباركة الله فى هذه الأرض سابقة على هذا التاريخ وهى مباركة مشاعة للعالمين كل العالمين ولعل فى هذا التعبير القرآنى النبوءة بأن القدس والأرض المقدسة سترتبط بها كل أمم الرسالات التى انحدرت من ذرية أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام وأنها لن تكون حكرًا على فريق دون الآخرين. وإذا كانت اليهودية هى شريعة موسى عليه السلام فإن عصر موسى واليهودية إنما كان فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.. أى أن القدس عربية قبل ظهور اليهودية بسبعة وعشرين قرنًا أى بما يقرب من ثلاثة آلاف عام.. يضاف إلى ذلك أن موسى عليه السلام ولد وتربى ونشأ وأوحى إليه فى مصر.. ولقد نزلت عليه التوراة باللغة الهيروغليفية لغة قومه.. ولغة فرعون وملئه الذين أرسل إليهم موسى . " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " إبراهيم : .. وكما يذكر «العهد القديم» كتاب اليهود المقدس - فإن موسى قد توفى ودفن بمصر فى سيناء ولم ير القدس ولم تطئ قدمه أرض كنعان - فلسطين. ومما يزيد هذه الحقيقة التاريخية ثباتًا أن اللغة العبرية هى فى الأصل لهجة كنعانية تطورت إلى لغة تحدث بها بنو إسرائيل بعد غزوهم لأرض كنعان أى بعد نزول الثوراة بالهيروغليفية بأكثر من قرن من الزمان. أما الوجود اليهودى فى مدينة القدس فإنه لم يتعد 415 عاما فى القرن العاشر قبل الميلاد أى بعد بناء العرب البيوسيين للقدس العربية بثلاثين قرنًا ولقد حدث هذا الوجود العارض والمؤقت بعد الغزو والاستعمار الاستيطانى العبرانى والذى كان دمويًا وصفته أسفار العهد القديم فى الأوامر الموجهة إلى هؤلاء الغزاه والتى تقول لهم: «إنكم عابرون للأرض إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم تملكون الأرض وتسكنون فيها وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكونون أشواكاً فى أعينكم ومناخس فى جوانبكم ويضايفونكم فى الأرض التى أنتم ساكنون فيها - سفر العدد 33: 56،55،53،50 وإذا كان هذا الوجود العبرانى الطارئ فى القدس والذى لم يتعد 415 عامًا فى القرن العاشر قبل الميلاد إنما جاء ثمرة لهذا الغزو والدموى فإن هذه المدينة قد مر بها العديد من الغزاة على مر تاريخها الطويل والعريق.. غزاها الفراعنة .. والبابليون . «والرومان» ...والإنجليز.. والصهاينة لكن هذا الغزو لم يغير من الحقيقة التاريخية الصلبة والعنيدة، التى تقول إن القدس عربية وأن عمر عروبتها قد بلغ الآن ستين قرنا.