وسط ترقب المصريين تحقيق آمالهم في ارتفاع عوائده, فاجأت هيئة قناة السويس الجميع بإعلانها المضي نحو اقتراض 400مليون دولار، من أربع بنوك، لسداد مديونيات توسعة القناة الجديدة ليرفع مديوناتها إلى 1.4 مليار دولار. ما يثير الجدل حول الأموال التي تم جمعها والمقدرة بنحو 64 مليار جنيه من أجل شق القناة الجديدة, لاسيما وأن القناة "الأم" تواصل تراجع إيراداتها على مدار ثلاثة أشهر هي عمر القناة الجديدة. ووسط تعتيم كبير من قبل المسئولين بالهيئة والدولة حول القيمة الحقيقية لتكلفة شق التفريعة الجديدة ومصادر صرف الأموال التي جمعت من أجلها عزا خبراء اقتصاديون سعي هيئة قناة السويس للحصول على قرض بقيمة 400 مليون دولار إلى رغبتها في سد فجوة تمويلية قصيرة الأجل. وكشفت صحيفة "الشروق"، أن تحالفًا مصرفيًا يضم بنوك "مصر" و"العربي الأفريقي" و"التجاري الدولي" و"الأهلي"، يدرس ترتيب قرض بقيمة 400 مليون دولار لصالح الهيئة العامة لقناة السويس. ويرفع هذا القرض مديونية أكبر جهة جالبة للنقد الأجنبي في مصر، إلى 1.4مليار دولار، كقروض مباشرة من البنوك في الفترة التالية لتوسيع القناة. وأضافت الصحيفة أن القرض يضم شريحة بقيمة 300 مليون دولار يتم صرفها بشكل عاجل كقرض معبري، لتمويل مستحقات شركات المقاولات المشاركة في حفر قناة السويس الجديدة، والمبلغ المتبقي من القرض 100 مليون دولار للمساهمة في تمويل مشروع قناة شرق تفريعة بورسعيد الجديدة، التي بدأ العمل بها خلال أغسطس بطول 9.5 كم، ويستهدف رفع 17 مليون متر مكعب من رمال مشبعة بالمياه، وسيتم الانتهاء منها خلال 7 أشهر. وتستخدم الهيئة مبلغ التمويل في المكون الأجنبي للمشروع، وسداد التزاماتها تجاه الشركات الأجنبية العاملة في مشروع توسيع القناة أو ما عرف ب "القناة الجديدة". وتراجعت إيرادات الهيئة خلال الشهرين الماضيين، وهو ما أرجعه الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، إلى ضعف نمو حركة الاقتصاد العالمي، خاصة الصين، وانخفاض الاستهلاك العالمي للنفط، مؤكدا أن الهيئة تقوم حاليا بدراسة هذه المشكلة وإيجاد حلول لها من خلال دراسة أحوال السوق العالمية. وتراجعت إيرادات القناة خلال شهر أغسطس من العام الحالي، بنسبة 9.4% مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. وحققت قناة السويس خلال ال8 أشهر الأولى من العام 2015 إيرادات بجملة 3مليارات و440 مليون دولار، بما يقارب 27 مليارا و279 مليونا و200 ألف جنيه، بعد عبور 11 ألفا و188 سفينة بحمولات بلغت 630 مليونا و813 ألف طن. وقال ممدوح الولي الخبير الاقتصادي إن هناك حالة من التعتيم على الأموال التي يتم إنفاقها على قناة السويس وتفريعتها الجديدة, مشيرًا إلى أنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن التكلفة الحقيقية للقناة ونسبة مساهمة الجيش فيها بمعداته, بجانب معدات الشركات الأجنبية التي يجهل الجميع قيمة ما حصلت عليه من أموال. وأضاف الولي ل"المصريون"، أن "هذا الغبن في الأرقام يجعل من الصعب معرفة سبب تراكم الديون والسعي نحو الاقتراض المحلي في ظل تراجع إيرادات القناة, والمتوقع أن تواصل التراجع نظرًا لضعف معدل النمو العالمي والذي قدر بنحو 2% للعام المقبل". وشدد الوالي على ضرورة قيام البنك المركزي بالرقابة على هيئة قناة السويس وإلزامها بالإفصاح عن نتائج أعمالها ومصادر إنفاق أموالها حفاظًا على أموال المصريين الذين ساهموا في تمويل حفر التفريعة الجديدة. من جانبه، قال الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، إن هناك نوعين من الاقتراض الذي يمكن أن تسعي إلية أي هيئة اقتصادية, هما طويل ومتوسط الأجل ويستخدمان لعلاج خلل مالي في الهيكل المؤسسي للشركة أو المؤسسة. وأوضح, أن الهيئة تواجه عدة توسعات وتحتاج إلى شراء معدات وآلات في ظل عدم وجود سيولة ومن ثم تحتاج إلى الاقتراض طويل الأجل لسد العجز على سنوات كبيرة. وتابع: "القرض قصير الأجل فيستخدم لعلاج فجوة تمويلية بين الإيراد وتوقيت خروج المنصرف من الأموال, ومن ثم فالقرض الذي تسعي إلية هيئة قناة السويس هو لتغطية الفجوة الزمنية بين الإيرادات والمصروفات والمتطلبات التي تحتاجها في وقت عدم وجود السيولة سواء كان لسداد دين حان وقت سدادة أو مدفوعات أخرى". وأوضح أن "الهيئات الكبرى تعتمد غالبًا على القرض قصير الأجل لتمويل هذه الفجوة, وهو غير مؤثر على الأداء المالي للمؤسسة أو على أدائها الاقتصادي أو قدرتها على تحقيق أرباح". وأشار إلى أن "الأموال التي تم جمعها من أجل تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة لم تستخدم في التوسعة فقط ولكن استخدمت لعمل 6أنفاق أسفل القناة لذلك فهي تحتاج إلى أموال أكثر لاستكمال هذه المشروعات".