رفضت لجنة شئون الأحزاب ، التابعة لمجلس الشورى ، خلال اجتماعها أمس برئاسة صفوت الشريف حسم الصراع المحتدم داخل حزب الوفد المعارض بين جبهتي الدكتور نعمان جمعة ، رئيس الحزب التي تمت الإطاحة به من قبل الهيئة العليا للحزب ، والدكتور محمود أباظة ، الذي عينته الهيئة العليا رئيسا مؤقتا للحزب لحين عقد الجمعية العمومية لاختيار رئيس جديد ، مؤكدة أن حسم النزاع على رئاسة الحزب هو شأن داخلي من شئون الحزب دخل للجنة الأحزاب به ، لكن مراقبون مستقلون اعتبروا القرار انحيازا ، ولو بشكل غير مباشر ، من اللجنة لصالح جبهة أباظة ، لكون الجبهة هي المسيطرة حاليا على مقاليد الأمور داخل الحزب وصحيفة " الوفد " الناطقة باسمه ، كمان أن إجراء انتخابات رئاسة الحزب في ظل هذه الظروف يجعل من كفة الجبهة هي الأرجح . وناشدت لجنة شئون الأحزاب جميع الأطراف داخل حزب الوفد أن يتجاوزا خلافاتهم وأن يحتكموا إلى النظام الداخلي للحزب الصادر في يونيو 1996 والذي أناط في مادته التاسعة عشر بالهيئة الوفدية "الجمعية العمومية" بتشكيلها المنصوص عليه في المادة العاشرة اختيار رئيس الحزب ضمانا لسلامة بناء الحزب وتماسك هيئاته واستقرار قواعده حتى يتمكن من الاستمرار في أداء دوره السياسي ، مؤكدة أن النزاع حول رئاسة الحزب هو شأن من شئونه الداخلية. وكانت اللجنة قد عقدت اجتماعها بحضور صفوت الشريف رئيسا وبعضوية الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية واللواء حبيب العادلي وزير الداخلية ومن الرؤساء السابقين للهيئات القضائية المستشارين : ليلى عبد العظيم جعفر والدكتور عماد عبد الحميد النجار ورائد جعفر النفراوي ، ومن الشخصيات العامة : الدكتور عصام أحمد سالم والدكتور علي السيد عجوة والسفير وهيب فهمي المنياوي. وأشارت اللجنة إلى أنها اعتمدت في قرارها على ما تم إبلاغها به من الدكتور نعمان جمعة ومحمود أباظة طرفي النزاع بشأن رئاسة الحزب وما اتخذه كل طرف من قرارات تتعلق بأمور الحزب ، كما استعرضت ما تم عرضه عليها من المستشارين أعضاء اللجنة الذين عهد إليهم بدراسة الموضوع من جميع جوانبه القانونية وفي ضوء حدود الولاية المسندة إلى اللجنة طبقا لأحكام قانون الأحزاب السياسية رقم 41 لسنة 1977 وما استقرت عليه أحكام القضاء الإداري. وفي أول تعليق له على البيان ، أكد نعمان جمعة أن اللجنة انحازت ضده وأنها أعطت للطرف غير الشرعي الفرصة للسيطرة على الحزب ، مشددا على أنه سوف يقوم برفع قضية عاجلة أمام القضاء الإداري ضد قرار اللجنة . وأوضح جمعة انه مازال يعتبر نفسه رئيسا للحزب ، نافيا أن يكون قد قرر أن يلجأ إلى البلطجة لاستعادة منصبه . وفي المقابل ، أشاد أعضاء الهيئة العليا للحزب ، خلال اجتماعهم أمس ، بقرار لجنة شئون الأحزاب ، وأكد محمود أباظة أن موقف الهيئة العليا سليم ، وأن أية قضية يرفعها جمعة أمام محكمة الأحزاب ستكون غير صالحه . في سياق متصل ، حملت مصادر وفدية ، ألتزمت موقف الحياد من الصراع الحالي داخل الحزب ، صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ورئيس لجنة الأحزاب مسئولية ما حدث داخل الحزب الوفد ، مشددة على أن لجوء محمود أباظة ومجموعته إلى التصعيد لم يكن ليحدث لولا تلقيه ضوء أخضر من لجنة الأحزاب والشريف شخصيا بأنها لن تعارض مساعيه ومجموعته للإطاحة بنعمان جمعة . ودللت المصادر على رأيها ذلك بانسحاب قوات الأمن من داخل الحزب والسماح لكل طرف باستعراض عضلاته لحسم الصراع ، مشددة على أن كلام الشريف عن حياد لجنة الأحزاب واعتباره التطورات شأنا داخليا لحزب الوفد تؤكد رضا النظام الحاكم عن انقلاب مجموعة أباظة على جمعة ، فضلا عن أن تأكيدات الشريف بإحالة النزاع داخل الوفد إلى محاكمة الأحزاب يشير إلى دور حكومي كبير في الانقلاب ضد جمعة. من جانب آخر ، يستبعد الدكتور نعمان جمعة رفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري للدفع بعدم قانونية ما حدث داخل الحزب وبطلان قرار الهيئة العليا بعزله من رئاسة الحزب ، وذلك وسط تسريبات عن وجود وساطة بين نعمان ومعارضيه ، تنص على أن يقوم جمعة بتقديم استقالته من رئاسة الحزب إلى الهيئة العليا للحزب ، فيما يعطي جمعة الفرصة لخوض انتخابات رئاسة الحزب القادمة والمقرر إقامتها بعد 60 يوما مرشحا ، وأن تلتزم جريدة الحزب بالحياد طوال هذه الفترة. من جانبه ، نفى محمد علوان نائب رئيس الهيئة العليا للحزب وجود أي صفقة مع الدكتور نعمان مشيرا إلى أن ما حدث هو انتصار لرأي الأغلبية ولمفهوم المؤسسات داخل الحزب وهو ترسيخ للممارسات الديمقراطية على الساحة السياسية في مصر مدللا على كلامه بأن جمعة حتى الآن لا يعترف بقرار فصله من الحزب. وقال علوان إن قيادات الحزب بدأت ثورة تصحيحية بالحزب ردا على الممارسات التي سلكها رئيس الحزب وأبرزها إصدار قرارات فردية. وتعليقا على قرار اللجنة ، أكد النائب محمد فريد زكريا عضو مجلس الشورى أن القرار تقليدي نابع من الفكر القديم للجنة والقائم على إدخال الأحزاب في ثلاجات للصراع ، كي تنشغل بالصراع بين أعضائها وتبتعد عن القضايا الأساسية ، بخاصة التصدي لأخطاء الحكومة والدفاع عن مصالح الشعب المصري. وحذر زكريا من أن قرار اللجنة من شأنه أن يؤدي إلى تفكك حزب الوفد ، واعتبر أنه آن الأوان لإلغاء لجنة شئون الأحزاب التي نطلق عليها كنواب معارضين "لجنة إضعاف الأحزاب" . وقال إننا سنطالب الرئيس مبارك بحل هذه اللجنة التي كانت سببا مباشرا في وئد التجربة الحزبية في مصر وعدم قدرة أحزاب المعارضة على الحصول على مقاعد مناسبة في البرلمان ، مؤكدا أن تقدم مصر سياسيا واقتصاديا لن يأتي إلا من خلال حل هذه اللجنة. وأكد فريد زكريا أن رؤساء أحزاب المعارضة الممثلة في مجلس الشورى قدموا مبادرة ديمقراطية لحل مشكلة حزب الوفد ، مشيرا إلى أنه تم التقدم بهذه المبادرة مباشرة إلى الرئيس مبارك ورئيس مجلس الشورى رئيس لجنة الأحزاب وإلى الأطراف المتصارعة داخل الحزب . وأوضح زكريا أن هذه المبادرة ، الموقع عليها من اللواء الدكتور عبد المنعم الأعصر رئيس حزب الخضر والنائب ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل والنائب الدكتور أسامة شلتوت رئيس حزب التكافل الاجتماعي ، تتضمن ضرورة تجميد الموقف كما هو عليه بأن يستمر الدكتور نعمان جمعة رئيسا لحزب الوفد والدكتور محمود أباظة زعيما للحزب ونائبا أول لرئيسه وكل من محمد سرحان ومنير فخري عبد النور نوابا لرئيس الحزب ، وإلغاء جميع قرارات تعديل تشكيلات الهيئة العليا وقيادة المحافظات واللجان النوعية التي صدرت من الدكتور نعمان جمعة والتي جاءت بشكل منفرد. وتنص المبادرة على أن يتولى سكرتير عام حزب الوفد إدارة شئون الحزب الإدارية والمالية اليومية ويتولى الدعوة لعقد اجتماع طارئ للهيئة الوفدية "المؤتمر العام" لانتخاب رئيس الحزب والقيادات الرئيسية خلال 45 يوما على أن يفتح باب الترشيح قبل الانتخابات بشهر وتتولى أحزاب المبادرة المتابعة اليومية ، على أن تتم الانتخابات والفرز وإعلان النتيجة تحت إشراف مجموعة من القضاة بشكل ودي من نادي القضاة بالقاهرة. وفي المقابل ، أكد المستشار فتحي رجب وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشورى أن أساس قرار اللجنة كان هو مناقشة كافة الأطراف لتطبيق الديمقراطية داخل التنظيمات الحزبية علي أوسع نطاق طبقا للفقرة الخامسة من المادة الخامسة من قانون الأحزاب السياسية التي تؤكد علي أن تكون كافة إجراءات تكوين التشكيلات الحزبية واختيار قيادته وأجهزته القيادية المباشرة ناشئة علي أساس ديمقراطي. وأضاف أنه قد يكون ما بدا للجنة الأحزاب أن الأمر يقتضي مناقشة واسعة حتى يستقر الأمر علي من الذي يستطيع أن يكون رئيسا للحزب ولكن صياغة هذه الصيغة لا تعني الالتزام أو الإلزام وإنما هو توجيه حتى يتجنب الحزب الوقوع في خطأ عدم تطبيق قواعد الديمقراطية والمنافسة الحرة ، وأعتقد أن الحزب سيستمر في هذه المناقشة علي أوسع نطاق.