فور الإعلان عن سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ متجهة إلى مطار مدينة سان بترسبورج الروسية خرجت تصريحات تؤكد أن الحادث وقع بسبب خلل فني، وكان هذا التفسير خاضعا للقبول والتصديق. فور إعلان تنظيم داعش فيما يسمى ولاية سيناء أنه أسقط الطائرة، قلت وكتبت إن هذا صعبا إن لم يكن مستحيلا، وكل من كتب وتحدث قبلي وبعدي قال نفس الكلام وأكثر. وطُرح سؤال: من أين ياتي داعش بصاروخ يسقط به طائرة على ارتفاع 31 ألف قدم علاوة على القدرات الفنية والتقنية المطلوبة في الرصد والإطلاق وإصابة هدف متحرك؟. وزارة الطيران المدني المصرية قالت إن الطائرة كانت تحلق على ارتفاع 9450 مترا من سطح الأرض "31 ألف قدم" عندما اختفت من شاشة الرادار، والخبراء يؤكدون أن أي طائرة تحلق على هذا الارتفاع ستكون خارج نطاق الصواريخ أرض- جو المحمولة التي قد يمتلكها مسلحين في سيناء. وعلق رئيس الوزراء شريف إسماعيل، قائلا إن الخبراء أكدوا أن المسلحين لا يمكنهم إسقاط طائرة على الارتفاع الذي كانت تحلق فيه الطائرة، وأيده في ذلك وزير النقل الروسي، ماكسيم سوكولوف، بقوله إن هذا الادعاء لا يمكن اعتباره دقيقا، ولا يوجد شواهد على أن الطائرة جرى استهدافها. وهناك تحليل أجرته بي بي سي أوضح أن مقطع الفيديو الذي انتشر على شبكة الإنترنت لما قيل إنه لحظة إسقاط الطائرة لا يبدو رسميا أنه من انتاج داعش، كما لم يتم بثه على الموقع الرسمي للتنظيم. الطائرة اختفت من شاشات الرادار بعد 22 دقيقة أثناء تحليقها، وعقب ذلك حددت طائرة عسكرية مصرية موقع حطامها في منطقة الحسنة على بعد 35 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة العريش على البحر المتوسط. كل التحليلات النافية لإعلان داعش ذهبت في اتجاه فكرة إسقاط الطائرة بصاروخ، لم يتحدث أحد عن احتمال زرع قنبلة، وهذا الاحتمال بدأ يأتي من بعيد عند نفر قليل من المحللين الذين لم يهملوا أي فرضية، وهم لم يقطعوا بدور لداعش في العملية، إنما تساءلوا بشأن انشطار طائرة ركاب كبيرة إلى نصفين معتبرين ذلك أمر غريب ولايحدث إلا إذا كان هناك شيء ما جعلها تنشطر، أما سقوطها بسبب خلل فني فلا يجعلها بالضرورة تنشطر. ثم بدأت تطورات مهمة قد تجعل ماكان مستحيلا بشأن فرضية داعش البعيدة خاضعا للبحث والتحليل والتفكير إلى أن يتم الانتهاء تماما من تفريغ الصندوقين الأسودين للطائرة وإعلان التقرير النهائي بنتائج التحقيق من طرف اللجنة المشكلة من خبراء مصريين وروس وإيرلنديين وفرنسيين ومعهم خبراء من شركة إيرباض وأمريكان أيضا. التطور الأهم حتى كتابة هذا المقال حصل يوم الأربعاء 4 نوفمبر الجاري من طرفين: الأول : ما قاله وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بأن هناك احتمال كبير أن تحطم الطائرة كان بسبب عبوة ناسفة على متنها. وقد اتخذت بريطانيا إجراءات عملية في نفس اليوم، فقد علقت رحلاتها الجوية من وإلى شرم الشيخ، وكشفت عن أن خبراء بريطانيين يقومون بتقييم الوضع الأمني في المطار الدولي بالمدينة، وهذا إجراء له دلالته في إطار ما قاله هاموند حول احتمالية زرع العبوة الناسفة، فلو تأكدت صحة تلك الفرضية فالمعنى الخبيث المباشرهنا أن المطار قد يكون مخترقا. الثاني : ما نقلته وكالة اسوشيتدبرس عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن اسمه قوله إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية استنتجت، بشكل مؤقت، أن تكون جماعة تابعة لتنظيم الدولة في سيناء زرعت عبوة ناسفة على متن الطائرة مؤكدا أن أجهزة الاستخبارات لم تصل بعد إلى استنتاج نهائي بشأن الحادث. في نفس اليوم جدد داعش في بيان صوتي إدعاءه بأنه هو المسؤول عن إسقاط الطائرة الروسية، ولم يوضح التنظيم الكيفية التي أسقط بها الطائرة، كما أنه لم يقدم دليلا يثبت إدعاءه، وقد لاحظت في بيانه الأول أنه تحدث عن إسقاط الطائرة، وهى نفس الكلمة التي استخدمها في بيانه الثاني، لم يحدد وسيلة إسقاطها حسب مزاعمه. قبل تلك التطورات بساعات كان المتحدث باسم الرئاسة الروسية قال ل بي بي سي إنه لا يستبعد أي فرضية بالنسبة للأسباب المحتملة للحادث، من بينها فرضية العمل الإرهابي. الرئيس السيسي تحدث في مقابلة مع بي بي سي عن بيان داعش قائلا إن إدعاء إسقاط الطائرة محض دعاية تهدف إلى الإضرار بسمعة مصر في الخارج، ومن السابق لأوانه التكهن بأسباب الحادث، وأكد أن الموقف في سيناء، والمنطقة التي وقع فيها الحادث على وجه التحديد، تحت سيطرتنا الكلية. وفي تصريح سابق له دعا إلى عدم تعجل الإعلان عن سبب سقوط الطائرة قبل انتهاء التحقيقات التي يقوم بها مختصون بإجراءات فنية معقدة يمكن أن تستغرق عدة أشهر. بالطبع نتمنى أن يكون احتمال فرضية العمل الإرهابي مستحيلا، وهو والعدم سواء،لأن شرم الشيخ وكل مناطق جنوبسيناء في مأمن تام بالفعل، والمشكلة كلها تنحصر في منطقة محددة في شمال سيناء، والسياحة متضررة، فلا نريد لها أن تزداد تضررا، وهى أحد روافد النقد الأجنبي لمصر. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.